أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025


ترامب.. ما الذي تغير؟

بقلم : أحمد حمد الحسبان
22-01-2025 08:04 AM

خلال خطابه في حفل التنصيب كرئيس يحمل الرقم 47 بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب مختلفا عما كان عليه في السابق. وبدت اهتماماته أقل عدوانية وصدامية مما اعتدنا عليه. فالرئيس ترامب الذي حافظ على مستوى عال من الحزم، غير كثيرا في سلم أولوياته، حيث ركز اهتمامه في الداخل الأميركي بشكل عام، وفي الوضع الاقتصادي لبلاده بشكل خاص، وفي التفصيلات ذات التأثير على هذا البعد. مكتفيا ببعض الإشارات الخارجية ذات الانعكاسات الداخلية، وصولا إلى تأكيده بأن العهد الذهبي لبلاده قد بدأ مع أدائه للقسم.
بالطبع، هناك تفاصيل كثيرة، بعضها أخلاقي، وبعضها الآخر اقتصادي، وعلمي وتكنولوجي، ومنها سياسي، غير أنها في مجملها تخدم العنوان الرئيس الذي لخص خطابه الرئيس في حفل التنصيب، وأشار إلى تفاصيل في خطابه الفرعي الذي القاه أمام فريقه الحكومي وبعض الفاعلين من أنصاره ومنهم إيلون ماسك، وممن أسهموا في حملته الانتخابيه وساعدوا في إعادته إلى البيت الأبيض.
فلم يتحدث كثيرا عن الشؤون الخارجية التي أرهقت العالم وأشغلت بلاده وكلفتها الشيء الكثير. حيث اكتفى بإشارة واحدة قال فيها' سأضع حدا لجميع الحروب'، مختصرا ملفي أوكرانيا، وفلسطين' غزة' بكلمات محدودة وتوجه واضح يؤشر على نيته إطفاء الحروب ودفع أطرافها إلى توافقات من شأنها أن تضع حدا للتوتر الذي ساد العالم وكلف بلاده الكثير من الأموال والمواقف السياسية وغيرها.
وقد يمتد ذلك إلى إطفاء بعض الخلافات أو تجميدها بهدف منع إشعال الحروب، ويمتد ذلك إلى إيران وبعض المناطق المشتعلة في الشرق الأوسط وإفريقيا وغيرها أو المرشحة للاشتعال مغلبا مصلحة بلاده على كل شيء.
وهذ ما يمكن فهمه واحدا من خيارين، إما التفاوض مع أطراف تلك الخلافات أو الحروب وتشجيعها على وقفها أو الامتناع عن تطويرها، أو التحول إلى الحروب الاقتصادية التي يؤمن بأنها الأكثر تأثيرا وقدرة على تحقيق الأهداف من خلال إضعاف الخصم، والحصول على امتيازات تدعم اقتصاد بلاده الذي يراه منهكا بسبب ما اعتبره سوء تصرف إدارة الرئيس بايدن وما تعانيه من فساد وغيره.
أما في البعد الاقتصادي فقد فصّل الرئيس ترامب كثيرا، فدخل على خط الطاقة الأحفورية، واستغلالها وامتلاك الكثير من عناصرها وتصديرها، وإعلان حالة طوارئ للوقود، والتوسع في التصنيع مشيرا: ' سنكون أمة مصنعة'. وفرض ضرائب على السلع المستوردة، وغير ذلك من أمور من شأنها أن تعيد النظر في علاقة واشنطن مع دول العالم وبخاصة المنتجة للنفط، والمتقدمة صناعيا، والتخلص من كل ما يؤثر على قراراته السياسية خدمة لمصالح اقتصادية. معبرا عن توجهه بالقول' لن يسمح لأحد باستغلال أميركا'، ومعبرا عن الصورة التي يسعى لتحقيقها بأنها' ازدهار بلاده'، و' بدء العهد الذهبي فيها'. بالطبع تحدث طويلا عن عمليات اللجوء التي تعاني منها بلاده، وضرورة محاربتها ومنعها، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية الحدود الأميركية. وهي القضية الخلافية التي حسمها مع' ماسك' بالتفريق بين الكفاءات والتخصصات المتميزة بمنحهم تأشيرات دخول، بدلا من تسللهم تهريبا.
هنا يمكن القول أن الرئيس بايدن قد ركز كثيرا على الهم الداخلي، وتوسع في التفاؤل فيما يتعلق بالازدهار الاقتصادي المنتظر. ووعد بأن يبدأ عمله بالتوقيع على مجموعة من القرارات التي تلغي قرارات سابقة اتخذها سلفه بايدن. ويبدو أنها تتعلق في معظمها بأمور اقتصادية أو أمنية تتعلق بالحدود، وتخدم برنامجه الذي كان تركيزه على البعدين الاقتصادي والأخلاقي واضحا. حيث ألغى قرارا اتخذه بايدن يسمح بالمثلية ويعترف بحقوق المثليين.
خطاب ترامب أعطى جرعة من الأمل بأنه سيخفف من حدة دعمه لإسرائيل، فكل ما تحدث به يؤشر على أن أولوياته مختلفة هذه المرة. كما أن عدم الإشارة صراحة إلى دعم اسرائيل، وعدم الانحياز لحكومة التطرف اليمينية الحاكمة في تل أبيب تؤشر إلى مثل تلك النتيجة. لكن القراءة قد تكون مختلفة عند التدقيق في توجهات الفريق الحكومي المساعد لترامب. فالكثير من أركان تلك الحكومة يبدون انحيازهم لنتنياهو وفريقه الحكومي. ما يعني احتمالية التأثير على توجه ترامب ـ إن كان لديه توجه فعلي ـ غير منحاز لإسرائيل. أو أنهم سيتصرفون ضمن حدود صلاحياتهم الواسعة.
أما مبررات التغير لدى ترامب، فمن المحتمل أن يكون الرئيس قد تأثر بأفكار ومشاريع صديقه إيلون ماسك الذي منحه منصبا وزاريا في فريقه، والذي يعتقد أنه اقنعه بإمكانية تحقيق قفزات تكنولوجية متقدمة من شأنها أن تدعم مشروعه بإدخال الولايات المتحدة إلى العهد الذهبي.
ومن تلك المشاريع غزو المريخ بدلا من تكرار الصعود إلى القمر، وتحقيق نهضة صناعية خرافية، بما في ذلك تصنيع صاروخ خرافي قليل الكلفة، بميزات خرافية يساعد على تنظيم رحلات للاستيطان على سطح المريخ.
ما يعني أن ترامب قد يكون تخلى عن بعض مشاريعه الخلافية أملا بتحقيق عالم خرافي أساسه الولايات المتحدة وما تتميز به من ميزات تحققت على يديه.
يساعد في ذلك ما اعتقد أنه استهداف تعرض له خلال موسم الانتخابات التي لم يحالفه الحظ بها، وما أعقب ذلك من إجراءات. وما اتخذ فريق بايدن من إجراءات نزعت قدرته على الانتقام ممن' ظلموه'. ممن شملهم عفو بايدن الذي صدر قبل اليوم الأخير من فترة ولايته. وتطوير رغبته في الانتقام إلى إنجازات خرافية تعزز فرضية الخسارة التي أصابت البلاد جراء استهدافه ومنع فوزه.
من هنا يمكن القول أن الرئيس ترامب قد تغير.. لكن السؤال يبقى قائما.. في أي اتجاه؟ وما هي حصتنا في الشرق الأوسط من ذلك التغير؟
سؤال برسم الإجابة ولكن بعد حين.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012