أضف إلى المفضلة
الإثنين , 27 كانون الثاني/يناير 2025
الإثنين , 27 كانون الثاني/يناير 2025


شيلنا من راسك

بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي
26-01-2025 09:11 AM

بغض النظر عن الدينامية المتوقعة لأداء السياسة الأمريكية خلال السنوات الأربع القادمة، فالأردن، وبناء على حقيقة أنه كان دوما في عين العاصفة، وساحة صراع، بناء على موقعه ودوره، سيواجه صعوبات تحدّ من هامش المناورة السياسية، ويجب ان تستعد الديبلوماسية الأردنية جيدا، للتعامل بمرونة مع هذه الصعوبات..

سؤال وطني اول، يقفز اليوم أمام رئيس الحكومة جعفر حسان، متعلق بموازنتنا لعام 2025، والتي تم إقرار قانونها من قبل مجلسي النواب والأعيان، فما هو حجم اعتمادها على المساعدات الأمريكية؟.. ونعلم أن قانون الموازنة ذكر أن هناك حوالي (734 مليون دينار) من حجم الإيرادات في هذه الموازنة، يعتمد على المساعدات والمنح الخارجية، ويشكل ما نسبته 5.9% من حجم الإيرادات، فكم هي نسبة المساعدات الأمريكية منها؟!.

نوجه هذا السؤال بمناسبة تصريحات وزير الخارجية الأمريكية حيث نقلت وكالة فرانس برس ( قول روبيو في مذكّرة داخلية للموظفين «لا يجوز الالتزام بأي تمويل جديد لأي جهة أو تمديد أي تمويل حالي وذلك إلى أن تتم مراجعة كل تمويل جديد أو تمديده والموافقة عليه بما يتماشى مع أجندة الرئيس الأميركي دونالد ترامب». )، وتم استثناء الكيان الصهيوني وجمهورية مصر من هذا التوجيه، ولا ذكر لاستثناء الأردن ولا لغيرها.

نحن نتوقع شكل الضغوطات الأمريكية في عهد ترمب على الأردن، لكننا ربما لا نتوقع حجم التوظيف الإسرائيلي والعربي لهذه الضغوطات، وإن كنا نعلم السبب الرئيس لهذه الضغوطات وهو سبب «استعماري» بلا شك، يراود الأردن على دوره وموقفه من قضايا الصراع الدائرة، وأولها القضية الفلسطينية بل للدقة نقول تصفيتها على حساب الآخرين، يضاف إلى ذلك (تعهد ترمب بتوسيع مساحة اسرائيل)، وبالتالي فإن الأردن هو المرشح الأكبر لآثار هذا التوسع على حساب الآخرين.

وأعتقد أن الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة قد شرع فعلا بتقديم هذا الملف ووضعه على أجندة ترمب مبكرا، وربما جرى التفاهم عليه أمريكيا وإسرائيليا، دون مشاركة أو استشارة أو الاستماع للأردن، وهذه سياسة أمريكية أصبحت مألوفة وغير مفاجئة بالنسبة للعرب، بعد انكشاف حجم الانحياز الأمريكي لإسرائيل، وحجم ومسافة ابتعادها عن القانونين الدولي والإنساني، وذلك بعد أن انكشف قبح الوجه والدور الأمريكي في حرب الإبادة في فلسطين وغيرها.

مما لا يخدمنا سياسيا في هذه المرحلة، هو اللجوء للقضايا السطحية التافهة، وانتاج حالات جديدة من عدم الثقة في الرأي العام الأردني، وكمثال على هذه القضايا هو ما جرى قبل أيام بخصوص تصريحات مجتزأة نسبت لوزير الخارجية أيمن الصفدي، خلال حديثه في مؤتمر دافوس، وهذه إشارة موجهة للمعارضة في مجلس النواب وخارجه، فقد بدا انتقاد تصريحات الصفدي وتوجيه أسئلة للحكومة بشأنها، كعمل اعلامي يقع في باب الإشاعة واختلاق الازمات، وكأن السائل يبحر في مواقع التواصل الاجتماعي، وليس جهة سياسية وطنية مسؤولة ومواقفها محسوبة، وغاب عن ذهنها أن مثل هذه الأسئلة تكون طبيعية لو خرجت من جهات خارجية، لكنها لم تخرج من هناك بينما وجدنا نوابا أردنيين يثيرونها من تحت قبة مجلس النواب الأردني، دونما أن تأخذ حقها من الموضوعية والتثبت!

في خضم حرب الإبادة، كان الأردن يقوم بكل (المقدور عليه)، وهو كبير وكثير لمن يلمّ بمواقف الطرف المجرم، ومدى اندفاعه للتدمير والتخريب والقتل، وخلط الأوراق وإثارة القضايا الجانبية، وكان وما زال الأردن، ملكا وحكومات، يبحث عن أي طريقة يسلكها كدولة، ليقدم المزيد من الدعم للفلسطينيين، سواء في غزة او في غيرها.. فلماذا تغيب هذه الحقيقة وتتطاير سريعا؟

المرحلة القادمة لا تقبل المناكفات الصبيانية، ولا مطاردة الشعبويات، ويجب أن يكون للعقل فيها دور كامل، حيث عاد الأردن مستهدفا من جديد في ملفات الديبلوماسية الأمريكية، ولا يمكنه تقديم تنازلات على حساب أرضه وهويته، مهما كانت الإغراءات او التهديدات، وسوف نلمس كل هذا في الأيام القليلة القادمة، لأن (ملف توسعة مساحة الأراضي العربية التي تحتلها «أمريكا بواسطة إسرائيل»، يكتسب اولوية انتهازية صهيونية، ويسود الاعتقاد بأنها انطلقت فعلا من بوابة مخيم جنين.

«شيلنا من راسك» نقولها لترمب ونقولها أيضا لكل مستعرض أردني أو غير أردني، يلعب بل «يُلَغوِص» في الشأن العام يطارد اللايكات و»الولدنة».

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012