أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 04 شباط/فبراير 2025
الثلاثاء , 04 شباط/فبراير 2025


كلمتان للملكة.. بلاغة القول واختصار الحقيقة

بقلم : نيفين عبدالهادي
04-02-2025 02:24 PM

«أطفالنا» و»أطفالهم»، كلمتان بحجم دراسات وخطط وبرامج، سعى كثيرون لإعدادها خاصة بالأطفال، قالتها جلالة الملكة رانيا العبد الله أمس، وجلالتها تتحدث في كلمة خلال مشاركتها في القمة الدولية لحقوق الأطفال التي استضافها الكرسي الرسولي في الفاتيكان، واقع يحاول العالم إدارة عين الاهتمام عنه، نعم ففي حقوق الأطفال تتجسد رؤية جلالة الملكة وطرحها، بأن هناك «أطفالنا» و»أطفالهم»، وفي بلاغة القول واختصار الحقيقة رسائل هامة وضعتها جلالتها أمام العالم.
بالأمس، طالبت جلالة الملكة رانيا العبدالله بضرورة التطبيق العالمي وغير المشروط لحقوق الأطفال، متسائلة «كيف سمحنا لإنسانيتنا بالوصول إلى واقع يتقبل معاناة بعض الأطفال على أساس اسمهم أو عقيدتهم أو مكان ولادتهم حيث يتحدد مصير كل طفل وفقاً لفاصل زائف بين (أطفالنا) و (أطفالهم)؟»، نعم فاصل زائف، ذلك الذي يضع أطفالنا في مكان وأطفال آخرون في مكان أكثر مثالية ومراعاة لحقوق الطفولة، في إشارة عبقرية من جلالتها لأطفال غزة وما يعانون من نقص لكافة مقومات الحياة، وكل شيء من كل شيء، فلم يعد في حياتهم سوى الحرمان وغياب كامل لكل معاني وحقوق الطفولة، ناهيك عن الأمراض الجسدية والنفسية التي يعانون منها.
خلال كلمة لجلالة الملكة رانيا أمس في مشاركتها في القمة الدولية لحقوق الأطفال التي استضافها الكرسي الرسولي في الفاتيكان، والتي جاءت بعد كلمة افتتاحية ألقاها قداسة البابا فرنسيس في جلسة بعنوان «حقوق الطفل في العالم المعاصر»، ذكّرت جلالتها بإحدى الرسائل التي تضمنت سؤالاً من طفل لاجئ اسمه محمد سأل فيها «هل سيعود العالم كما كان في الماضي؟».وقالت، إن هذا السؤال يؤرق ملايين الأطفال ممن قُلِبت حياتهم رأساً على عقب بسبب الحرب وهو سؤال ما من إجابات سهلة له»، حقيقة هو سؤال طفولي لكنه عميق، وكما قالت جلالتها «ما من إجابات سهلة له»، ليس سهلا أن يجيب أحدهم بأن العالم سيعود أو لن يعود كما في الماضي، وفي ذلك إهدار للتاريخ، وعدم ثقة بالحاضر، كون الحروب والظلم وعدم تكافؤ الفرص بين الأطفال كل ذلك يجعل من الإجابة غير سهلة، ومن تحديد بوصلة الحاضر والآتي أيضا غير سهلة.
وفي رسالة جريئة وواضحة من جلالة الملكة رانيا بقولها «اتفاقية حقوق الطفل هي المعاهدة التي حظيت بأكبر عدد من التصديقات في التاريخ. فمن الناحية النظرية، الإجماع واضح: كل الحق لكل طفل. ومع ذلك، يتم استثناء الكثير من الأطفال حول العالم من ذلك الالتزام خاصة في مناطق النزاعات والأسوأ أن الناس أصبحوا غير مبالين بآلامهم»، كاشفة جلالتها أنه يعيش اليوم واحد من كل ستة أطفال على وجه الأرض في مناطق متأثرة بالنزاع»، لتؤكد جلالتها أن العالم به آلاف الأطفال ممن خرجوا تماما من كل مثاليات الاتفاقيات، بل خرجوا من التزام العالم بهذه الاتفاقيات والإجماع عليها ليكون الإجماع صوَريا للكثير من الأطفال ممن فُرض عليهم الإقصاء عن عالم الطفولة!!
لا يختلف اثنان على أن الحرب على أهلنا في غزة وضعت معايير واتفاقيات حقوق الأطفال تحديدا موضع اختبار، على مستوى عالمي، وحقيقة فشل العالم فشلا ذريعا في تطبيقها، فقد شهدنا وربما لم نزل نشهد أخطر وأقسى إبادة للأطفال وتحت أنظار العالم، فقد كان أطفال غزة هم الأكثر تضررا من هذه الحرب، وقد أشارت جلالة الملكة في كلمتها إلى دراسة حول الحالة النفسية لأطفال غزة الأكثر عرضة للخطر حيث «أفاد 96 % منهم بشعورهم أن موتهم وشيك. وقال ما يقارب من نصفهم أنهم يرغبون في الموت. لا أن يصبحوا رواد فضاء أو رجال إطفاء كبقية الأطفال – أرادوا الموت»، هؤلاء هم أطفال غزة، أو «أطفالنا» ممن لم تطبق عليهم ولو أسطر بسيطة من اتفاقيات حقوق الأطفال، ليتم تجريدهم من أحلامهم وبات الحلم لهم غائبا في زحام الظلم والإبادة، بل سيطرت عليه الرغبة بالموت.
بوضوح وجرأة، وعلى منبر عالمي هام جدا، وجهت جلالة الملكة رانيا رسائل هامة جدا بحق كل الأطفال المظلومين، والمحرومين من أبسط حقوق طفولتهم، وبكلمتين صنّفت بهما واقع أطفال المعمورة، بمن يعيش طفولته، ومن لا يعيشها.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012