أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 12 آذار/مارس 2025
شريط الاخبار
بحث
الأربعاء , 12 آذار/مارس 2025


بعد انتشار ترند الخريس .. مخاطر السوشال ميديا الخفية تهدد المجتمع

بقلم : ديما الفاعوري
12-03-2025 12:49 AM

في ظل الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، أصبح «الترند» هو السمة البارز التي تؤثر على توجيه اهتمامات الأفراد وتوجهاتهم، خاصة بين فئة الشباب. وبات الكثيرون يتسابقون لمتابعة أحدث الصيحات والمشاركة فيها، أملًا في تحقيق الشهرة أو الحصول على تفاعل أكبر، غير مدركين في كثير من الأحيان المخاطر الكامنة وراء هذا السلوك. لم يعد الأمر مقتصرًا على التقليعات البسيطة أو التحديات البريئة، بل تحول في بعض الأحيان إلى ظاهرة تهدد القيم المجتمعية، وتعرض السلامة العامة للخطر، وتؤثر سلبًا على الأفراد والمجتمعات.
وفي الآونة الأخيرة، انتشرت تحديات خطيرة كان لها انعكاسات مباشرة على الأمن المجتمعي، مثل ترند إشعال «الخريس» (سلكة الجلي) في الأماكن العامة، ما تسبب باندلاع حرائق كادت أن تؤدي إلى كوارث، وقد حذرت الجهات الأمنية من خطورة هذا الفعل، مؤكدة أنه لا يندرج ضمن إطار الترفيه أو التحديات الطريفة، بل يمثل تهديدًا مباشراً للسلامة العامة ويعرض مرتكبيه للمساءلة القانونية. لكن المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد، فهناك ترندات أخرى باتت تشكل تهديدًا على الحياة، مثل تقليد مشاهد خطيرة كالقفز من المركبات المتحركة، أو فتح أبواب السيارات أثناء السير لأداء حركات راقصة، وهو ما أدى إلى وقوع حوادث مميتة في بعض الحالات.
ولم يقتصر تأثير الترندات على الجوانب الجسدية فحسب، بل امتد ليشمل البعد الاجتماعي والقيمي، فمن خلال نشر مقاطع فيديو تحمل مظاهر غير لائقة، مثل الرقص المبتذل أو الألفاظ البذيئة أو المجاهرة بممارسات لا تتناسب مع ثقافة المجتمع، يتم تطبيع هذه السلوكيات وتقديمها على أنها «عصرية» أو «مقبولة»، ما يترك تأثيرًا عميقًا على الأجيال الناشئة.
وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي اليوم ساحة مفتوحة لنشر كل شيء، بما في ذلك انتهاك الخصوصية وتعريض الحياة الشخصية للعلن، سواء من خلال البث المباشر أو التفاخر بالمقتنيات أو حتى مشاركة تفاصيل حساسة دون وعي بعواقب ذلك.
الجانب النفسي لهذه الظاهرة لا يقل خطورة عن انعكاساتها الاجتماعية، إذ أشار مختصون إلى أن الهوس بالترندات قد يؤدي إلى خلق شعور بعدم الرضا عن الذات، حيث يجد الأفراد أنفسهم في سباق مستمر لمجاراة ما هو شائع خوفًا من التهميش، ويتعزز هذا الشعور مع ثقافة المقارنة التي تفرضها هذه المنصات، ما قد ينعكس على الصحة النفسية ويؤدي إلى مشكلات مثل القلق والاكتئاب وفقدان الثقة بالنفس.
كما ان الجهات المختصة لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الظواهر، حيث بدأت بمراقبة ورصد المحتوى الخطير، مع اتخاذ إجراءات قانونية بحق من يروج لمثل هذه الممارسات. وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية تعمل على تتبع منشورات التحريض على السلوكيات السلبية، في حين تكثف الجهات الأمنية جهودها لملاحقة المخالفين الذين يشكلون خطرًا على المجتمع.
ورغم ذلك، يبقى الدور الأساسي في مواجهة هذه الظاهرة مسؤولية مجتمعية مشتركة، تبدأ من الأسرة التي يجب أن تعزز الوعي لدى أبنائها، وتمتد إلى المؤسسات التعليمية والإعلامية التي يقع على عاتقها مسؤولية توجيه الشباب نحو المحتوى الهادف.
ولا يمكن إنكار الدور الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام والتأثير في السلوكيات اليومية، لكنها تبقى سلاحًا ذا حدين، لكن يبقى التعامل الواعي مع هذه المنصات، وانتقاء المحتوى بعناية، وعدم الانسياق وراء كل ما هو شائع دون إدراك العواقب، هو السبيل الوحيد للحفاظ على توازن المجتمع وحماية الأفراد من التأثيرات السلبية التي قد تنجم عن هوس الترندات.الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012