أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 12 آذار/مارس 2025
شريط الاخبار
بحث
الأربعاء , 12 آذار/مارس 2025


غزة تموت عطشًا

بقلم : اسماعيل الشريف
12-03-2025 01:04 AM

«علينا أن نتعامل مع هذه القضية بهدوء وسرية، ويجب أن نجد طريقة لهم للهجرة إلى دول أخرى... ربما إذا لم نمنحهم ما يكفي من المياه، فلن يكون لديهم خيار، لأن البساتين سوف تصفر وتذبل.» – ليفي أشكول، رئيس وزراء سابق للكيان الصهيوني.
جرّب أهلنا في غزة كل أشكال الموت: تحت القنابل والأنقاض، وبردًا وجوعًا، وها هم اليوم يواجهون الموت عطشًا!
قطع الاحتلال، يوم أمس، الكهرباء عن آخر محطة مياه في دير البلح، التي يعتمد عليها ربع سكان القطاع في الشرب. بهذا الإجراء، يكون قد قطع فعليًا معظم مصادر المياه عن غزة، ليُصبح الناس عطشى بالمعنى الحرفي للكلمة.
المصدر الوحيد للمياه السطحية في غزة هو سيل بيسور، إلى جانب الآبار الجوفية، وكلاهما كانا يوفّران نحو 5% من احتياجات القطاع. إلا أن الاحتلال دمّرهما بالكامل، مما أدى إلى اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب، وجعلها غير صالحة للاستهلاك الآدمي.
قبل السابع من أكتوبر، كانت غزة تعتمد على ثلاث محطات تحلية توفر 7% من احتياجاتها، إلى جانب ثلاثة أنابيب رئيسية تمدّها بالمياه من شركة «ميكوروت» الصهيونية، وفقًا لاتفاق مع السلطة الفلسطينية، وكانت توفر 13% من المياه. لكن في التاسع من أكتوبر، أُغلقت هذه الأنابيب بالكامل، بعدما وصف مجرم الحرب وزير الحرب الصهيوني، يوآف غالانت، الفلسطينيين بأنهم «حيوانات بشرية»، وأعلن عزمه على قطع كل سبل الحياة عنهم. لاحقًا، وتحت الضغط الدولي، استأنفت الشركة تزويد غزة بكميات رمزية من المياه.
منذ بداية الحرب، استهدف الاحتلال البنية التحتية للمياه بشكل ممنهج، إذ قصف الألواح الشمسية التي كانت تُستخدم في تشغيل محطات التحلية عند انقطاع الكهرباء. وتشير التقارير إلى أن نصف البنية التحتية للمياه في غزة دُمّر في الربع الأول من عام 2024.
وفي مقطع شهير على منصة يوتيوب، ظهر جنود صهاينة وهم يفخخون خزان «كندا» في تل السلطان، الذي كان يوفّر المياه لـ 150 ألف نسمة في خان يونس، قبل أن يُحذف المقطع لاحقًا من القناة. كما تم تدمير جميع خزانات المياه في خان يونس بالكامل.
لم يقتصر الأمر على تدمير مصادر المياه، بل امتد إلى استهداف مهندسي الصيانة أيضًا. فقد استُشهد فريق كامل من مهندسي المياه أثناء توجههم لإصلاح إحدى المحطات، بعدما استهدفت قوات الاحتلال موكبهم، رغم أن مركباتهم كانت تحمل شعارًا واضحًا يدل على طبيعة عملهم، ورغم حصولهم على تصريح مسبق.

وأكّد تقرير صادر عن منظمة أوكسفام، وهي إحدى كبرى المنظمات المعنية بمكافحة المجاعات، أن الاحتلال دمّر مختبرات المياه التي تبرعت بها المنظمة لغزة، كما منع تسليم مختبرات جديدة. وقالت المنظمة صراحةً إن الاحتلال يستخدم المياه كسلاح ضد الفلسطينيين.
أما أطباء بلا حدود، فقد كشف تقرير لها أن تلوّث المياه وتكدّس السكان في جنوب غزة قبل الهدنة الثانية أدّيا إلى تفشي الكوليرا وارتفاع حاد في حالات الإسهال. كما أن صيف العام الماضي شهد ظهور فيروس شلل الأطفال مجددًا بعد اختفائه لمدة خمسة وعشرين عامًا.
ووفقًا لتقرير مجموعة التغذية العالمية، فإن 90% من الأطفال دون سن الخامسة أصيبوا بأمراض معدية، وأن ثلاثة أرباعهم تعرضوا لنوبات إسهال حادة. كما أفاد التقرير بأن ثمانيًا من كل عشر أسر لا تستطيع الوصول إلى مياه نظيفة، في حين أن ثلث الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد، مع تسجيل 700 حالة إسهال يوميًا في القطاع.
إنني أتمنى من الدبلوماسية الأردنية النشطة، ذات التأثير الواسع، أن تتبنى هذا الملف، وأن تُمارس على الاحتلال أقصى أشكال الضغط لإدخال المساعدات الغذائية وتوفير المياه. فالقصد واضح، والهدف مكشوف؛ بعدما فشل الاحتلال في تهجير أهلنا بالقوة، لجأ إلى تجويعهم وتعطيشهم، مستخدمًا أساسيات الحياة كسلاحٍ ضدهم. الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012