أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 12 آذار/مارس 2025
شريط الاخبار
بحث
الأربعاء , 12 آذار/مارس 2025


لماذا قصد الشرع قسد؟

بقلم : زيدون الحديد
12-03-2025 01:10 AM

في اتفاق تاريخي بين الحكومة السورية وقوات «قسد» دخل مسار الأزمة السورية في خطوة جديدة نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي، بعد أن أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سورية الديمقراطية «قسد» مظلوم عبدي عن اتفاق يضع القوات الكردية تحت مظلة الجيش السوري، ومنح الأكراد حقوق المواطنة والمشاركة في الحياة السياسية.


هذا الاتفاق في الحقيقة إذا نظرنا له بعمق سنستشعر أنه يأتي في توقيت حساس، بعد اضطرابات شهدتها اللاذقية، وهوما يعزز فرص استقرار الدولة الجديدة في سورية، فالأبعاد السياسية وإنهاء الانقسام وترسيخ الحكم المركزي لطالما كانت هاجسا وتحديا لرئيس الحكومة الجديدة في سورية، والذي مثل بالمناطق الخاضعة لسيطرة «قسد» كونها تمتد مساحتها على طول سورية والتي بها الموارد الطبيعية الهائلة.
إلا أنه ومع إعلان هذا الاتفاق، يمكننا القول أنه قد باتت دمشق اليوم قادرة على التحدث باسم جميع السوريين، فهذا التطور يضع حدا كبيرا لأي محاولات جديدة لتقسيم سورية لا بل وسيعزز في تأسيس حكومة مركزية أكثر تماسكا يمكنها قيادة الدولة الجديدة.
كما أن انضواء «قسد» تحت الجيش السوري يعني ضم قوات مدربة ومسلحة بدعم أميركي، ما يعني توفر رصيد عسكري إضافي للدولة السورية، وهو ما سيسمح للفصائل المسلحة إلى تسوية أوضاعها مع الحكومة، مما سيقلل من بؤر الصراع ويفتح الباب أمام استقرار طويل الأمد.
أما على الصعيد الإقليمي، فقد يفتح الاتفاق الباب أمام تحولات جذرية في علاقات سورية مع تركيا ودول المنطقة، التي لطالما اعتبرت «قسد» تهديدا لأمنها القومي، خاصة لتركيا فهذا الاتفاق قد يسهم في تخفيف التوتر بين أنقرة ودمشق.
أما على المستوى الدولي، أرى انه من المتوقع أن يثير الاتفاق ردود فعل متباينة، فعلى سبيل المثال واشنطن تسعى للحفاظ على نفوذها في الشمال الشرقي عبر دعم «قسد»، وهنا قد تجد نفسها مضطرة للتعامل مع واقع جديد يعزز النفوذ الروسي والإيراني في سورية وهذا الأمر ليس في مصلحتها وهو أمر مرفوض بالنسبة لها.
إلا أن جوهر هذا الاتفاق هو المكسب الاقتصادي الكبير الذي ستحصل عليه الحكومة السورية الجديدة، والتي هي اليوم بأمس الحاجة إليه لإعادة سيطرتها على أهم الموارد الطبيعية في سورية كالنفط والغاز والمعادن الطبيعية الأخرى، فهذه الثروات هي الركن الرئيسي الذي يمكنه ان يعزز قدرة الحكومة السورية الجديدة بقيادة الشرع على تمويل عمليات إعادة الإعمار، ويقلل من الاعتماد على الدعم الخارجي الذي سيحد من مرونته في اتخاذ القرار.
ورغم كل تلك المكاسب الظاهرة، إلا انني أرى ان هذا الاتفاق سيواجه تحديات عديدة، أبرزها تنفيذ بنوده على الأرض، فدمج «قسد» في الجيش السوري قد يصطدم بعقبات لوجستية وسياسية، كما أن بعض الفصائل الكردية قد تعارض فقدان استقلاليتها العسكرية والإدارية.
أما على الصعيد الدولي، فمن غير الواضح كيف ستتعامل واشنطن مع هذا التطور، خاصة في ظل تنافسها مع موسكو على النفوذ في سوريا، كما أن أي توتر محتمل بين تركيا والأكراد قد يهدد استقرار الاتفاق.
لكن بغض النظر عن التحديات تلك، إلا ان هذا الاتفاق يمثل خطوة كبرى نحو إعادة توحيد سورية، ووضع حد لمشاريع التقسيم التي كانت مطروحة خلال سنوات الحرب، وإذا نجحت الحكومة السورية في استثمار هذا الإنجاز سياسيا واقتصاديا، فقد يكون نقطة تحول رئيسية تعيد لسورية استقرارها ومكانتها في المنطقة بعد سنوات طويلة.الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012