يرى نقابيون ان الربيع العربي، أطلق حالة حراك، انخرطت فيها جميع مكونات المجتمع الاردني،عدا الحركة العمالية التي لم تعرب عن ذاتها للخروج من حالة الضعف، والارباك والتشرذم، وتراجع مستويات معيشة الطبقة العاملة.
ويحمل عمال، الحركة النقابية مسؤولية حالة التردي في اوضاع الحركة العمالية التي تتجلى بضعف الاجور، وتفشي البطالة، وانتشار العمالة غير المنظمة، والانتهاكات الصارخة لشروط العمل اللائق، والتغول على العمال وحقوقهم ومكتسباتهم.
ويوجه النقابيون اللوم للاتحاد العام لنقابات عمال الاردن ولاتحاد النقابات العمالية المستقلة معا مؤكدين ان الاول راوح مكانه زمنا طويلا دون ان ينهض بواقع الحركة العمالية او يوسع مشاركتها في صنع القرار، فيما اعاد الآخر (اتحاد النقابات المستقلة) 'انتاج تجربة' الاتحاد العام دون ان يقدم اي جديد، يسعف الحركة العمالية، وينتشلها، من براثن سنوات طويلة من الاهمال والتردي.
وتقدر بيانات شبه رسمية عدد العمالة الاردنية بحوالي مليون وربع المليون عامل وعاملة منهم حوالي 150 الفا عمالة منظمة من مجموع عمال الاردن الذين تعاني غالبيتهم تدني الاجور، وانتهاك شروط العمل اللائق، وعدم وجود حماية قانونية، واطر نقابية تدافع عنهم.
ويقول الناشط العمالي جمال جرار لـــ (بترا) ان نظاما مبرمجا تم اعتماده في مؤتمر طارئ عقده الاتحاد العام لنقابات عمال الاردن عام 2008 'خصص لإقصاء القيادات النقابية غير المرغوب فيها من قبل الاتحاد العام' الامر الذي اوجد اختلالا كبيرا في الحركة العمالية وجعل منصب رئيس النقابة واعضاء الهيئات الادارية 'مفصلة' على مقاسات اناس محددين.
ويستشهد جرار بالعاملين في شركات الكهرباء قائلا : ان عدد العاملين في شركات الكهرباء يقدر بحوالي 8 الاف عامل 'لم تنطبق شروط الترشح لمنصب رئيس النقابة الا على اربعة منهم فقط'.
ويوضح ان لجوء العمال الى انشاء نقابات مستقلة مرده ما يجري داخل الاتحاد العام لنقابات عمال الاردن مؤكدا ان خروج العمال في احتجاجات غير منظمة هو دليل عدم وجود اطر ترعى الحركة العمالية وتحميها.
وعن تجربة النقابات العمالية المستقلة يؤكد جرار 'ضرورة توحد الحركة العمالية الاردنية'.
اما الناشط النقابي محمود امين الحياري، فيرى في استحداث (قانون التنظيم النقابي)،مخرجا للحركة العمالية من ازمتها، ومن حالة الارتباك والتفسخ التي تعيشها، مؤكدا ان من شأن القانون ان يشكل مرجعية لإنشاء النقابات وتنظيم عملها من خلال الهيئة العامة والاطر الدستورية ما يمنع التجاوزات والتدخلات في شؤون الحركة العمالية.
وفي موضوع اتحاد النقابات العمالية المستقلة، يبدي الحياري الذي امتدح فكرة التعددية النقابية، ملاحظة على الوضع القائم، قائلا: 'ان ما يجري حاليا هو اعادة انتاج ما كان سابقا' مشيرا 'الى استمرار تبادل الاتهامات والتخوين وتواصل التراجع في مستويات معيشة الطبقة العاملة بفعل الارتفاعات المستمرة في الاسعار وثبات الاجور'.
ويقول ان الربيع العربي حرك جميع مكونات المجتمع الاردني التي هبت للمطالبة بحقوقها، بما فيها مكونات عدد اعضائها بعدد اصابع اليد، ما عدا الحركة العمالية فهي الحركة الوحيدة التي لم تعرب للان عن ذاتها ولم تأخذ مكانها ولم تقدم للان برنامجا وطنيا يسعفها.
ويرى مدير المرصد العمالي الاردني احمد عوض ان النقابات العمالية المستقلة لم تأخذ فرصتها وبخاصة ان تجربتها لم تتجاوز السبعة اشهر وان المطلوب فترة عام الى عامين حتى تظهر النتائج.
ويعد النقابات العمالية المستقلة ضرورة وطنية، لمواجهة حالة الضعف التي تعصف بالحركة العمالية منذ عشرات السنين، محملا الاتحاد العام، والنقابات المنضوية تحت مظلته المسؤولية.
ويطرح رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الاردن مازن المعايطة توجهات يرى فيها حلا للنهوض بالحركة العمالية من قبيل استحداث نقابات عمالية فرعية في كل منشأة يزيد عدد العاملين فيها على25 عاملا تمنح صلاحيات واسعة وتعمل تحت مظلة نقابات قطاعية تشكل بدورها الاتحاد العام لنقابات العمال معتبرا ان هذا التوجه حلا لتوحيد الحركة العمالية ووسيلة لاستقطاب العمال الى العمل النقابي.
ويشير الى لقاء مشترك ضم ممثلي الاتحاد العام لنقابات عمال الاردن واتحاد النقابات العمالية المستقلة عقد اخيرا؛ لايجاد قواسم مشتركة للحفاظ على وحدة الحركة العمالية، إلا أنه عاد وأكد عدم شرعية النقابات العمالية المستقلة، مبينا:'ان هناك قوانين والية لتشكيل النقابات تشرف عليها اللجنة الثلاثية (عمال وحكومة واصحاب عمل) وهي التي تمنح حق التصنيف المهني وتحديد النقابات التي يمكن تشكيلها.
ويشن المعايطة هجوما على فكرة انشاء النقابات المستقلة، متهما 'مكاتب مشبوهة تتلقى مساعدات خارجية' تقوم على تفتيت الحركة العمالية الاردنية، كما اتهم النقابات المستقلة بانها استهدفت القطاعات العمالية الناشطة لإنشاء نقابات وابتعدت عن القطاعات التي يصعب فيها التنظيم النقابي (قطاع العمال غير المنظم).
وكان عمال نقابيون لجأوا اخيرا الى تشكيل نقابات عمالية مستقلة واتحاد؛ استنادا الى الدستور الاردني ونصوص ومواد ومعايير اممية، في حين ينكر الاتحاد العام شرعية هذه النقابات ويؤكد انه الممثل الشرعي والوحيد للحركة العمالية الاردنية.

(بترا)