|
|
فليستيقظ الغافلون
بقلم : ناهض حتر
05-08-2012 12:13 AM منذ التسعينيات تساءل المحافظون الجدد في الولايات المتحدة، عن سبب تعثر القبول الشعبي بالسلام مع إسرائيل،( وهو العنوان الأبرز للهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط). وكان الجواب بسيطا: إن الثغرة المسؤولة عن ذلك التعثر تكمن في أن السلام القائم لم تقده، من الجانب العربي، دول 'ديموقراطية.' توصل المحافظون الجدد إلى أن المهمة الرئيسية للولايات المتحدة في المنطقة هي إقامة 'ديموقراطيات' متحالفة مع الغرب ومتصالحة مع إسرائيل. ومن الملاحظ أن هذا هو ما حدث في مصر والدول المغاربية، حيث تولت قوة شعبية تتمثل في الإخوان المسلمين تشريع كلا الهدفين المطلوبين، وتقديمهما كحقيقتين واقعيتين مقبولتين على نطاق واسع. إلا أن المحافظين الجدد توقفوا أمام الاستعصاء الديموقراطي الهيكلي في ثلاث دول رئيسية في المشرق، مركّبة سياسيا وعسكريا، بما يحول دون إصلاحها سلميا؛ معتمدين على ثلاث أكاذيب: ـ في العراق، حيث تحكم أقلية سنية، الأغلبية الشيعية، ـ في سورية، حيث تحكم أقلية علوية، الأغلبية السنية، ـ في الأردن، حيث تحكم أقلية شرق أردنية، الأغلبية الفلسطينية . وحين تولّى جورج بوش الصغير الرئاسة الأمريكية، تولدت الفرصة أمام المحافظين الجدد لتنفيذ كسر الاستعصاء الديموقراطي في الحلقة العراقية، فتم استغلال أحداث 11 أيلول، لغزو العراق وتدمير دولته وجيشه الوطنيين، وإطلاق عملية سياسية هدفت إلى بناء ديموقراطية محاصصة طائفية واتنية، نقلت الحكم إلى الأحزاب الدينية الشيعية. المقاومة العراقية حمت سورية من أن تكون البلد الثاني على قائمة الغزاة، واستطاعت دمشق، كذلك، تجاوز مخاطر المحكمة الدولية ( في اغتيال الحريري) 2005 واستيعاب العدوان الإسرائيلي على ذراع سورية القوي، حزب الله، 2006 ومواجهة الحصارات. لكن انفجار الحراك الشعبي السوري في ربيع 2011، شكّل فرصة مناسبة لتحويله إلى تمرد مسلح وتجييش عناصر التيارات السلفية الجهادية من كل أنحاء العالم واستخدامهم في حرب شاملة لإسقاط النظام السوري على الطريقة الليبية، بيد أنه وُجدتْ ثلاثة عوامل مضادة: أكثر من 50 بالمائة من الشعب السوري يؤيدون الرئيس بشار الأسد تأييدا حيويا، الجيش السوري مؤسسي وقوي ومتماسك، روسيا والصين تحولان دون التدخل العسكري المباشر. وهي عوامل أدت إلى تمكين النظام السوري من البقاء، لكن في معركة ساخنة جدا وطويلة. تعثّر التغيير السريع في سورية، أدى إلى تغيير الموجة الأمريكية المؤيدة للتغيير في الأردن. وبدلا من الخطاب الثوروي في النصف الثاني من 2011، بتنا نلاحظ الرضا الأمريكي عن إنجازات الإصلاح السياسي في الأردن. لهذا الرضا المؤقت ثمن هو التصعيد مع سورية، وسوف ينتهي فورا لدى سقوط النظام السوري. فالأردن على الأجندة. الأردن على الأجندة الأمريكية للشرق الأوسط الجديد حتما. وهذا هو السر الذي حوّل عناصر متهرئة ومموّلة ومرتبطة تقليديا بواشنطن والدوحة وأخرى انتهازية وجبانة، إلى ثوّار لا يُشَقّ لهم غبار في المعارضة الأردنية. وهو، كذلك، سرّ الأسرار وراء تعنت الإخوان المسلمين إزاء التوصل إلى تفاهم مع النظام، ووراء رسالة دعاة الوطن البديل 'الجريئة' إلى الملك. وفي النهاية، لم يعد خافيا أن ' الديموقراطية' المطلوبة في الأردن، هي الصيغة المتفق عليها للوطن البديل. من المؤسف أن عناصر وتيارات متشنجة في الحراك الأردني غائبة عن الوعي وتمهّد الطريق بيديها لشطبها وشطب العامل الأردني من البلد والمنطقة.
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|