|
|
المهمة رقم 1 في سورية
بقلم : ناهض حتر
12-08-2012 12:01 AM أقبل بمناقشة كل التصورات حول سيناريوهات الحل، على أن تكون المهمة رقم 1 في سورية هي هزيمة التدخل الإرهابي الدولي، بلا قيد ولا شرط، وبسط سلطة الجيش العربي السوري وإدارات الدولة على كل شبر من البلد الشقيق. هذه المهمة ليست محلّ نقاش؛ فمن ناحية المصالح الوطنية الجماعية لا ضمانة للحفاظ على الوحدة الترابية والسياسية والاجتماعية للجمهورية العربية السورية من دون هزيمة الإرهاب والتدخل الاستخباراتي الخارجي. ومن الناحية الأخلاقية، فإن المبدأ الحاسم هنا هو المبدأ الأخلاقي القائل بشرعية دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر؛ إذ لا مقارنة، بالنسبة لمصالح الشعب السوري وكرامته وأمنه وحياة أبنائه، بين تكلفة الإرهاب المذهبي التكفيري وتكلفة استئصاله، مهما كانت الثانية قاسية. ومن ناحية الشرعية الوطنية، يخوض الجيش العربي السوري، اليوم، معركة الدفاع عن استقلال البلد في مواجهة مخاطر فعلية تهدد هذا الاستقلال اقتصاديا وسياسيا وثقافيا من خلال النفوذ الأمريكي الخليجي العضوي في صفوف قوى المعارضة اللاوطنية، ومن خلال الأطماع التركية العثمانية المباشرة في التراب الوطني السوري. وحتى من ناحية الشرع الإسلامي، فإن القاعدة الفقهية الأساسية في هذا المقام، تسمّي التمرد الذي يفتقر إلى شروط النصر الحاسم والسريع على الحاكم الظالم، 'فتنة'. لقد أظهرت المعارك في حلب أن نسبة المقاتلين السوريين تتضاءل مقارنة بالمقاتلين المستوردين من شتى بلدان العالمين العربي والإسلامي، كما أظهرت، بالمقابل، أنه ليس للإرهابيين المسيّرين من السي آي إيه، حواضن اجتماعية حلبية يعتد بها، وهو الحال نفسه في دمشق. وهو ما يؤكد التقدير المتداول حول تأييد أغلبية السوريين للدولة في مواجهة الإرهاب. غير أن تأييد قسم، مهما كان كبيرا، من الجماهير الشعبية للتمرد الإرهابي التكفيري المسلّح لا يمنحه أية شرعية أيضا. أولا، لأن ذلك الجزء من جمهور المعارضة السلمية غادر الميدان. وهذا طبيعي، لأن مرحلة الحراك الشعبي الديموقراطي في سورية انتهت، بل إن مرحلة المعارضة المسلحة، بدورها، انتهت أيضا. ونحن نواجه اليوم مرحلة الغزو الإرهابي الدولي المكشوف. ومؤيدو هذا الغزو ليسوا سوى طابور خامس، بغض النظر عن عديدهم، وحتى لو كنّا بإزاء جماهير. الجماهير لا تمنح القوى السياسية، شرعية تاريخية أو أخلاقية. للقوى الرجعية واليمينية، دائما، جماهيرها. وهذا هو السبب في نشوء الحروب الأهلية أصلا، وفي قدرة تلك القوى على الحكم وعلى الفوز بالانتخابات. أيّ من التيارات والأحزاب التي نعدّها اليوم وبالا على المجتمعات والتاريخ كان يفتقر إلى الجماهير؟ المَلكية في فرنسا، الحرس الأبيض في روسيا، النازية في ألمانيا، الفاشية في إيطاليا، بشير الجميّل ـ ووريثه جعجع والقوات اللبنانية، الحريرية، الأحزاب المذهبية التي ناصرت الاحتلال الأمريكي في العراق، جورج بوش الابن، والقاعدة والسلفية الجهادية، الثورات الملوّنة لعودة الرأسمالية في أوروبا الشرقية...إلخ ؟
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|