أضف إلى المفضلة
الإثنين , 13 كانون الثاني/يناير 2025
شريط الاخبار
بحث
الإثنين , 13 كانون الثاني/يناير 2025


العزوف عن التسجيل وفقدان المصداقية

بقلم : لميس اندوني
27-08-2012 11:44 PM
أكاد أُشْفق على الإعلام الأردني الرسمي، والناطقين الحكوميين؛ فدعواتهم المتكررة إلى الجمهور للتسجيل للانتخابات لا تلقى تجاوباً جدياً، ليس فقط بين ممن يعتبر نفسه في صفوف المعارضة بل حتى ممن يعتبر نفسه 'موالياً ' و'مؤيداً' للنظام.
إن ظاهرة العزوف الشعبي عن المشاركة، ولو حتى بالتسجيل للانتخابات، أخطر من وجود معارضة منظمة وقوية للنظام، لأنها تعني فقدان الثقة بالعملية السياسية بمجملها وبالأخص بأي دور للمواطن في التأثير بقرارات تهم حياته اليومية ومستقبله.
أي أن الأردني يشعر أنه مُسير وليس مُخيرا، وهناك حتى شعور أن البلد نفسها مُسيرة ، تتقاذفها التطورات الإقليمية، من دون أن تكون لديها سياسة راسخة أو وجهة مسار واضحة.
العزوف عن التسجيل في الانتخابات يعني في جانب منه العزوف عن المشاركة السياسية بشكل عام؛ وهذا البعد بالتحديد تتحمل وزره السلطات الرسمية بالأساس، والمعارضة المشتتة بدرجات أقل وإن لا نعفيها من مسؤوليتها ، فلا يجد الأردني أماناً في السياسة الرسمية ولا قيادة في المعارضة والأحزاب السياسية.
طبعاً، هناك دور كبير لسياسات القمع والترهيب على مدى عقود في تشويه الوعي السياسي، الذي يجعل الناس يخافون الأحزاب والعمل السياسي المنظم، لأن فيه خطرا على نجاح الشخص والأهم على تأمين لقمة عيشه.
نعم نجحت هذه السياسات، مدعومة بمناهج تعليمية موضوعة أصلاً لنسف الوعي، بالتشكيك في قدرة الجماهير على التأثير والتغيير، فتاريخ الحركات الشعبية الأردنية لا يتم تدريسه، بل يتم شطبه، وكأنه لم يحدث أصلاً، عدا إنجازات هذه الحراكات والهَبات الشعبية التي يجرى إنكارها وثم مصادرتها تدريجياً، حتى تُمحى أثار تضحيات أولئك الذين شاركوا بحماية الأردن و الدفاع عن الحريات والحقوق المشروعة.
ظاهرة طمس حقائق النضالات الشعبية، ليست أردنية محض، بل تمارسها كل الأنظمة بدرجات متفاوتة، ولكن في الحالة الأردنية نجحت السلطات الرسمية ، من دون أن تقصد، بإضعاف ثقة الأردنيين ليس فقط بالعمل الجماهيري بل بالسياسات الرسمية نفسها، أي أنها أخافت الناس من المعارضة من دون أن تكسب تأييدهم أو ثقتهم.
فبعد أن ركزت السلطات كل سياستها على إفقاد ثقة الناس بقدرتهم على التأثير، وذلك بتزوير الانتخابات السابقة وعدم التجاوب مع مطالب الحراك الشعبي الرئيسية، وأخيراً العودة إلى العقلية العرفية، بعد ذلك كله تقوم بحملة لإقناع الناس بأن المشاركة في الانتخابات تضمن المشاركة الحقيقية في صنع القرار والمشاركة في 'عملية إصلاح' قامت بنسفها هي بنفسها، فعلى من يضحكون؟
الملاحظ هنا أن معظم من يدعو إلى المشاركة، مع الاحترام لجميع الآراء وللتاريخ النضالي لعدد منهم، مبني على مفهوم التخويف من تبعات عدم المشاركة في الانتخابات وليس على مفهوم ضمان المشاركة الحقيقية في صنع القرار.
الدعوات إلى المشاركة بدعوى أن المقاطعة هي تمهيد للوطن البديل مبنية على أساس أن القانون الحالي يضعف القوة الانتخابية 'للكتلة الفلسطينية' ، وبالتالي التشكيك بأجندتها وخياراتها وانتمائها، وهذا موضوع يحتاج للتدقيق والتحليل الهادئ، بمقال منفصل في الأسبوع القادم- لأنه في جوهره تخويف من 'الآخر'.
المهم هنا أن سياسة التخويف التي نجد جذورها في سياسات 'فرق تسد' الرسمية لم تعد تجدي نفعاً، والدليل على ذلك عدم إقدام الناس على التسجيل في الانتخابات، بالرغم من تصوير الانتخابات وفقاً لقانون انتخابات إقصائي ، كحل لجميع المخاوف 'من الآخر'، مع أنه كان يمكن تبني صيغة التمثيل النسبي للتيارات السياسية، والتي كانت توفر تمثيلاً ، لا يؤدي إلى سيطرة فئة معينة على صنع القرار والأهم أن صيغة التمثيل النسبي، لا تُرسخ الشكوك والمخاوف بين مكونات المجتمع- أي إضعاف سياسة ضرب مكونات المجتمع ببعضها بعضا.
النتيجة كما نراها عزوفا شعبيا عن المشاركة، ليس بالضرورة تجاوباً مع دعوات بعض القوى المعارضة، من دون إنكار وجود تأثير لها، بل رد على سياسة رسمية، أرادت فرض الخنوع والخضوع، فجوبهت بتمرد صامت من المعارضين والمؤيدين سواء، ومن أغلبية لم تنزل إلى الشارع لكنها ردت بصمت بليغ.
الجهات الرسمية فشلت في استفتاء مصداقيتها؛ هي لم تقصد الشروع به، ولكنها خاضته ولا يمكنها تجاهل نتائجه ، سواء أجريت الانتخابات أو تم تأجيلها.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-08-2012 12:01 AM

اختنا وزميلتنا الكاتبه المحترمه لميس . بعد قرأتي لمقالك النخبوي ) او ان استعمل كلمات للمثل الاردني وبلاد الشام عموما خاصة حول الانتخابات .. والذي يقول ( المي بتكذب الغطاس ) خلينا نشوف ولعله خيرا ( مع ان الغطاس ممكن يطيش مثل البيضه .؟ وهناك أشياء كثيره قد تطيش من فوق المياه .خاصة اذا كانت خفيفه كالريشه .وهناك كبار اعرفهم يسبحون في بركة الاطفال .لعدم مهارتهم بالسباحه في بركة الكبار .ويغرق على رمل شاطئ البحر ..)

2) تعليق بواسطة :
28-08-2012 12:35 AM

الاخت الكاتبه المحترمه

هناك ثلاثة اسباب رئيسه ولا يوجد غيرها سبب العزوف عن التسجيل للانتخابات وهي :

ثبوت تزوير الانتخابات وبشكل قطعي بعد اعتراف مدراء المخابرات عندما تقاعدو انهم من زور للنواب النجاح .

الفشل الذريع والفساد المطلق الذي اغلقه مجلس التزوير الاخير الكازينو 111

كثرة المكتسبات التي حصل عليها المجلس المزور بالتقاعد والجواز الاحمر الدبلوماسي ..فالمواطن الاردني لا يريد ان يمنح مجموعه مزورة اخرى ..جواز دبلوماسي ..وتقاعد كبير ..وشرعيه عن طريق الصناديق التي لا تعد اوراقها .

عدم قدرة ملك البلاد على الايفاء بالوعد الذي قطعه امام لجنة الجوار الوطني بضمان مخرجات لجنة الحوار جعلت الشعب يفقد الثقه بنزاهة الانتخابات القادمة

3) تعليق بواسطة :
28-08-2012 09:34 AM

ان عدم التسجيل والمشاركة بالانتخابات تعطي اشارة قوية الى المعنيين بان اعلب الشعب اصبح في المعارضة وخطوة المقاطعة تدل على ان المزاج الشعبي العام قد دخل في التحول من الموالاة المطلقة الى التفكير في اتخاذ المواقف التي تهم مستقبل البلاد والاحفاد وذلك بعكس ما يتحدث الجانب الرسمي عن الاغلبية الصامتة التي يدعون انها بالجيبة وتؤيد سياساتهم البالية،

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012