أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 15 كانون الثاني/يناير 2025
شريط الاخبار
حماس لم تسلم ردها بعد عدم تسليم إسرائيل خرائط الانسحاب مظاهرات في تل أبيب لأهالي الأسرى تطالب بصفقة شاملة العمل: 304 آلاف عامل وافد حاصل على تصريح عمل أصولي عارف الحاج: مغادرة الفيصلي لم تكن بيدي حرائق لوس أنجلوس.. فرق الإطفاء تتأهب لعودة الرياح الشديدة الملك: وقف الحرب على غزة الخطوة الاولى لتهدئة شاملة بالمنطقة ترشيح 154 طالبا للدراسة خارج الأردن للعام الجامعي 2024-2025 مهم من السفارة السورية بالاردن بشأن جوازات السفر منتهية الصلاحية جرى تغيير تاريخ إنتاجها… ضبط 25 ألف كيلو لحوم منتهية الصلاحية الهيئة المستقلة للانتخاب تبدأ بصرف المستحقات المالية للأحزاب السياسية أبو السمن يتفقد الواقع المروري على شارع ياجوز الملك يشهد تجهيز أكبر قافلة مساعدات إلى غزة ويكرم الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية على جهودها 7.238 مليار دولار الدخل السياحي العام الماضي .. و1.93 إنفاق الأردنيين بالخارج حسان: الحكومة والقطاع الخاص أصحاب مشروع واحد فيما يتعلق بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي ونمو الاقتصاد الوطني 3.3 مليار دولار حوالات المغتربين الأردنيين خلال 11 شهرًا عام 2024
بحث
الأربعاء , 15 كانون الثاني/يناير 2025


السر الكبير وراء صمود النظام السوري

بقلم : ناهض حتر
24-09-2012 11:45 PM
عقدَ عشرون حزبا وتيارا من المعارضة السلمية السورية، مؤتمرا علنيا في فندق أمية في دمشق، الأحد 23 أيلول 2012، دعا إلى إسقاط النظام السوري سلميا. إلا أن انعقاد المؤتمر في العاصمة السورية، وبتصريح من النظام نفسه، يعني أن ذلك الهدف ليس واقعيا، بمعنى أنه لا يتطابق مع موازين القوى القائمة.
الواقعي هو أن تحولا ديموقراطيا غير مؤطر قانونيا، قد حدث فعلا في سورية التي ربما كانت البلد العربي الوحيد الذي يمكن أن يُعقَد فيه، وعلى أرضه، وفي فندق بعاصمته، مؤتمر معارض ينادي بإسقاط النظام الحاكم.
لم تأذن دمشق بـ هكذا مؤتمر، بالطبع، إلا تحت ضغوط حلفائها في روسيا والصين وإيران. لكن هناك، بالأساس، سببا داخليا هو أن استراتيجية النظام السوري تقوم اليوم على كسب الحرب الفعلية مع المجموعات المسلحة والمنظمات الإرهابية المدعومة من التحالف الأميركي التركي الخليجي. وهو ما يجعل من المعارضين السلميين، حتى أولئك ممن يطالبون بإسقاط النظام، حلفاء موضوعيين في الحرب ضد التدخل الخارجي. وما يبقى، بعد ذلك، هو مجرّد كلام في كلام.
كان بإمكان المؤتمرين انتزاع الكثير من النظام السوري لو أنهم تعاملوا بحكمة وواقعية مع موازين القوى القائمة؛ كان بإمكانهم انتزاع حكومة وحدة وطنية حالا تتولى، هي بنفسها، التصدي للإرهاب والتدخل الخارجي وتعيد هيكلة الدولة السورية كجمهورية ديموقراطية تعددية. وهو الخيار الذكي والمقدام الذي أخذته المعارضة الشيوعية ( قدري جميل) والمعارضة القومية الاجتماعية ( علي حيدر) من دون أن تتخليا عن نهجهما السياسي.
بالعكس، غازل المؤتمرون، المجموعات الإرهابية المدارة من أجهزة الاستخبارات الإقليمية والدولية، والمسماة الجيش السوري الحر، بينما سجلوا اعتراضهم فقط على الإرهابيين الأجانب، وكأن الإرهاب المحلي ـ بما في ذلك فرع القاعدة السوري ـ مجرد تيار من تيارات المعارضة!
لو كان أولئك الإرهابيون مسيطرين في دمشق، هل كان ممكنا لمؤتمر المعارضة المدنية أن ينعقد؟ وهل يظن أولئك المناضلون الديموقراطيون أنهم سيحكمون أو يشاركون في الحياة السياسية؟ سيكون مصير أولئك ' العلمانيين'، الذبح الحلال بسكاكين ' الثوّار' أو الهرب من سورية ـ بالآلاف ـ إلى المنافي الدائمة.
يلوم هيثم منّاع ـ وهو وطني ورجل محترم وسياسي ساذج ـ وسائل الإعلام، لأنها لم تعد تتحدث عن ' الثورة' في سورية، وإنما عن ' الحرب'. ولكنها، بالفعل، حرب. وحرب شاملة تشنها قوى دولية وإقليمية على الدولة السورية بأدوات إرهابية. وفي سعير هذه الحرب الوجودية، ليس هناك وزن فعلي للسياسيين من النظام والمعارضة معا، بل الوزن كله لطرفيّ الحرب؛ الجيش العربي السوري في مقابل المجموعات المسلحة والإرهابية. ومصير الحرب سوف يتقرر ميدانيا في غضون الأسابيع التي تفصلنا عن الانتخابات الأميركية، حين يتم التوصّل إلى تسوية دولية أو إلى حرب إقليمية شاملة.
في كل الأحوال، فالصراع في سورية أصبح محكوما بالعوامل الإقليمية والدولية، مما يجعل مطالبة مؤتمر المعارضة الدمشقي للنظام السوري بوقف العنف مجرد بلاهة؛ ذلك أن ذلك معناه سيطرة المعارضة المسلحة الإرهابية على البلد. وهو ما لا يقبله النظام ولا الجيش ولا القسم الأكبر من السوريين. ومن المؤسف أن مؤتمر المعارضة الذي يدعي السلمية، لم يقم بإدانة المعارضة المسلحة ولا داعميها الإقليميين والدوليين، بل ولم يطالبها، صراحة، بالتوقف حالا عن العنف والإفراج عن المختطفين الخ بينما طالب النظام بالتوقف عن الدفاع عن المواطنين والدولة والإفراج عن ' المعتقلين' من دون تمييز بين معتقلي الرأي ومعتقلي الإرهاب.
ثلاثة عناصر تنسف خطاب المعارضة السورية ' السلمية'، (1) أنها، في الحقيقة، ليست سلمية طالما أنها تدعم المسلحين سياسيا، (2) وأنها تغيّب البعد الجيوسياسي للصراع في سورية، (3) وأنها معمية البصر عن التحدي العدواني الإسرائيلي الماثل، سورياً ومشرقيا.
صدمني غياب العقل السياسي وحضور الانتهازية والسذاجة في خطاب مؤتمر المعارضة الدمشقي، وأظهر لي، مجددا، السر الكبير وراء صمود النظام السوري؛ ليس هناك في سورية ـ على رغم الأخطاء والخطايا ـ مَن هو أفضل منه! وهذا وجه رئيسي من وجوه مأساة هذا البلد الحبيب.

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012