المصري في وفد إلى موسكو وأنقرة
بقلم : ناهض حتر
25-09-2012 11:54 PM
لدى عودته من رحلة إلى روسيا وتركيا، صرح رئيس مجلس الأعيان، طاهر المصري، بأن هناك تغييرا في الموقف الروسي من سورية. وكان ذلك، بالنسبة للمراقبين، مثيرا للانتباه؛ ذلك أنه لا باراك أوباما ولا بان كي مون ولا الزعماء الأوروبيون ولا الجامعة العربية ولا أمينها ولا أحد ..عنده مثل هذا الخبر. فمن أين أتى المصري به؟
هذا ما فهمه المصري من وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، شخصيا.
ولكن لماذا اختار لافروف، المصري، وحده، دون سائر السياسيين في العالم، لإبلاغه النبأ الذي لو كان صحيحا لضجت تلفزيونات وصحافة العالم به، وعقدت لأجله الاجتماعات على أعلى المستويات، والتأم مجلس الأمن الدولي حوله في غضون 48 ساعة؟
عندما دققت في تصريح المصري، وجدتُ أن لافروف لم يبدّل ولم يغيّر تصريحاته العلنية المتواترة منذ بداية الأزمة السورية؛ فهو يدعو إلى 'مرحلة انتقالية' في سورية. وهذه هي نقطة التفاهم الروسي ـ الأميركي، لكن لروسيا ثلاثة شروط للمرحلة الانتقالية هي وقف دعم الجماعات المسلحة، ورفض التدخل الخارجي بكل أشكاله، ومشاركة كل الأطراف المدنية، وعلى رأسها النظام السوري، في المفاوضات والمرحلة الانتقالية وتشكيلة الحكم الجديدة.
ويبدو أن المصري لم يكن قد اطلع ، سابقا، على تفاصيل الموقف الروسي، ما أوقعه في الوهم والظن بأن موسكو غيّرت موقفها من الأزمة السورية.
من المحيّر، بالنسبة لي، أن العديد من السياسيين العرب، ما زالوا يعتقدون أن روسيا بوتين هي نفسها روسيا يلتسين، وأنه يمكن التأثير عليها لتغيير مواقفها الاستراتيجية. روسيا اليوم قوة قومية صاعدة نحو استعادة موقعها كقوة عظمى في السياسة الدولية، ما يجعل تكوين الوفود العربية لزحزحتها عن نهجها في سورية بلا جدوى.
ومن هذه الوفود، وفد ضمّ رئيس الوزراء العراقي الأسبق، إياد علاوي، ورئيس وزراء لبنان الأسبق، فؤاد السنيورة، والنائب الكويتي، محمد جاسم الصقر، ووزير خارجية المغرب الأسبق، محمد بن عيسى، إضافة إلى رئيس مجلس الأعيان الأردني، طاهر المصري.
من المفهوم أن يسعى علاوي ضد دمشق ( حليفة خصمه نوري المالكي) وطبيعي جدا أن يعمل السنيورة ( العضو القيادي في تيار الحريري الخصم اللدود للمقاومة اللبنانية ) كل ما في وسعه لضمان إجماع دولي على ضرب الجيش العربي السوري، وهو هدف يسيل له لعاب الصقر وبن عيسى أيضا. لكن ما الذي حدا بالمصري للانضمام إليهم في مهمة أقلّ ما يُقال إنها لا تعبّر عن إجماع أردني ولا تخدم مصالح الأردن، بل تضعه في أتون الفوضى.
من موسكو عرّج الوفد على أنقرة، حيث التقى رجب طيب أردوغان، ولا أظن أن السنيورة، مثلا، قد طلب من رئيس الوزراء التركي المتهوّر، التوقف عن إرسال المقاتلين والأسلحة إلى سورية. الأرجح أن العكس هو الذي حدث.
تقدر أوساط مقرّبة من دمشق وحزب الله، رغم بعض التحفظات الجانبية، الموقف الأردني الرسمي الذي قاوم الضغوط الخليجية على مدار 18 شهرا، ورفض التورّط، كالأتراك، في الحرب السورية. ومن المعروف أن لعمان موقفا حذرا ومتعقلا إزاء سورية. وعلى هذه الخلفية، أغلب الظن أن المصري شارك في وفد علاوي ـ السنيورة، بمبادرة شخصية، من دون أن يحسب أنها قد تكون محرجة لعمّان.
هل تقرّبه هذه الخطوة من الإخوان المسلمين؟ وإلام ستستمر هذه الفوضى في أداء المسؤولين السابقين والحاليين، الذين يتبارون، مؤخرا، في المبادرات الشخصية ؟