23-10-2010 10:24 AM
كل الاردن -
![](images/stories/news/categories/cat_119/25427.jpg)
وليد السبول
لم يخل مجلس للرجال أو مطبوعة أو وسيلة إعلامية مرئية أو مسموعة من تكرار قصص فساد المجلس البرلماني السابق، الخامس عشر ومن خبرتي الشخصية عايشت فساد هذا المجلس ابتداء من أولى مظاهر التزوير وبيع وشراء الأصوات على مرأى من ممثلي الحكومة وتغيير صناديق وقبول بطاقات هوية مزورة حتى لم تبق وسيلة تزوير إلا وتم استخدامها ربما كتجربة لإختبار أيها أكثر فاعلية تمهيدا لإستخدامها في المرات القادمة، ثم وبعد تعيين المجلس الذي فاخر أحد أكبر المسؤولين أنه قام بنفسه بتعيين أكثر من سبعين منهم، وليس انتهاء بدس المزايا غير القانونية والأعطيات للأعضاء الكرام ولا انتهاء بالسفرات المبالغ بها على شكل أعطيات ومكرمات ومزايا حتى كان يقضي بعضهم ثلثي الدورة البرلمانية مبتعثا إلى الخارج يتقاضى مياومات كبيرة مع أن فندقه وطعامه وشرابه وتنقلاته وكافة مصاريفه مدفوعة وقد أسر لي صديق من النواب السابقين أنه لم يكن يبخل عليهم بكل ذلك بل ولا حتى بمصروف الجيب.
بلغ الفساد فيهم أن منحوا رخصا لتسجيل سيارات بأسمائهم دون سداد رسوم جمركية عليها فنشأت سوق سوداء لبيع هذه الرخص وصار معلوما أن سعر الواحدة في السوق يساوي تقريبا ثلاثين ألف دينار تزيد أو تقل بقليل حسب المساومات وشطارة البائع والمشتري.
قصص الإفساد كثيرة ومعروفة للجميع وكتبت فيها مئات المقالات ويجب أن نذكر وللحق أن الإفساد لم يعم كل المجلس وإنما تم اختيار مجموعة من الفاسدين والمهربين بعناية من أصحاب الخبرة والقابلين بداهة للإفساد وقد ظل هناك فئة منهم ممن كانوا شرفاء وأنقياء لكن لا حول لهم ولا قوة وأمامهم صغار الحيتان الجدد يجمعون الملايين أمام أعينهم ولا يملكون لهم انتقادا ولا إيقافا.
المهم في هذا ليس الفساد في حد ذاته فهو موجود في كل مكان وإنما الأهم هو كيف استطاعت تلك الجهة أن تكون هذه المجموعة من الفاسدين. في بلد يعاني من أزمات مالية خطيرة لم يكن من السهل تأمين الميزانيات الكافية لإفساد أعضاء المجلس الموقر المستهدفين. بعضهم كان موظف علاقات عامة في إحدى المؤسسات أو محاسبا أو مندوب إعلانات أو صحفيا مغمورا. كانوا يجهلون طرق الفساد، وكانوا رجالا محترمين على الأغلب في مواقعهم، تم إغراؤهم بالمكاسب أولا بأول حتى أصبحت بطونهم لا تشبع بالآلاف ولا بمآت الآلاف إلى أن أصبحوا خبراء في الفساد. غرر بهم وأذيقوا طعم حلاوة الفساد ثم أوغلوا فيه حتى أصبحوا غير قادرين على ترك هذا النهج.
أعتقد أن سياسة إفساد أعضاء المجلس الموقر تمت بمنهجية علمية خطط لها بعناية ونفذت بناء على جدول زمني ومالي مدروس.
أما وقد تم ما تم، فالسؤال هو للمجلس القادم، هل من حقه محاسبة من كان فاسدا ومحاسبة من أفسده ومسائلته عن مصير الأموال التي استخدمت في الفساد. يجب مراجعة القوانين التي تم إقرارها خلال جميع الدورات التي عقدها المجلس السابق فالقاعدة يجب أن تقول أن ما بني على فاسد فهو فاسد وبالتالي فكل القوانين التي أقرت أثناء إنعقاد البرلمان السابق بجميع دوراته تعتبر غير شرعية ويجب إعادة النظر فيها ودراستها وإقرارها من جديد. وأيضا يجب محاولة استعادة أكبر قدر ممكن من الأموال التي استنزفت في إفساد بعض من أعضاء المجلس المنحل وإعادتها لخزينة الدولة.
المصيبة أنه لو فاز بمقاعد المجلس القادم كثيرون من المجلس السابق. عندها يمكن لنا أن نترحم على أموالنا التي ذهبت وبقايا أموالنا التي ستذهب. لذلك هي دعوة من العقل أطلقها لكل الناخبين أن لا ينتخبوا أيا ممن كانوا من المجلس السابق المنحل بمعنى الحل والإنحلال، والمشبوهين بقصص الفساد والتمسك بالقليلين فقط ممن عرفتموهم جيدا بأنهم رفضوا التلوث وبقوا مخلصين للوطن والملك.
walidsboul@hotmail.com