أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 15 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 15 كانون الثاني/يناير 2025


عيد الأضحى عيد للأمة

بقلم : د. رحيّل غرايبة
26-10-2012 12:17 AM
لا يجوز النظر إلى عيد الأضحى بعين طائفية أو فئوية، ولا يجوز الاحتفال بالعيد بلون متعصب مقيت، كما لا يجوز التصرف بطريقة ضيقة انتقائية، بعيدة عن فلسفة العيد الأصيلة القائمة على الصفاء والتسامح والتغافر والمصافحة الحارة التي تحمل كل معاني الود الصادق بلا تكلف أو تملق، وبعيداً عن المجاملات الزائفة التي لا تعبّر عن نية صادقة مخلصة لطي صفحة الماضي وما تحويه من شوائب تعكر صفو الوحدة الوطنية، أو تقلل من التماسك الأسري والترابط الاجتماعي.
هذا الدين كله رحمة لجميع البشر، ورحمة لكل الخلائق والعوالم التي تعيش في الكون، فلا يجوز تحويله إلى عامل فرقة وصراع، ونفور، ولا يجوز استعماله لتقطيع الأواصر بين الناس، أو لإضعاف الروابط الاجتماعية، أو لإفساد الحياة وجعلها مرة المذاق صعبة العيش وعرة المسلك، فهذا أمر دخيل على الدين ويناقض فلسفة التدين الحقيقي التي ينبغي أن تجعل من المتدين انساناً خلوقاً مهذباً، جمّ التواضع، كبير القلب، واسع الصدر، عظيم الخلق، متسامحاً عطوفاً، يحب الخير لكل الناس، عادلاً في حكمه، لطيفاً في معشره، منصفاً من نفسه، يكره الظلم وينفر من العدوان، عفيف اللسان خفيف الظل، حسن المدخل، وحسن المخرج، لا يرفع صوته فوق ما يحتاج السامع، يمشي على الأرض هوناً، لا يرد الاساءة بالإساءة، وليس جواظاً ولا مستكبراً، لين الجانب يخفض جناحه لأخيه، بلا تكلف ولا نفاق ولا تزلف.
التدين الصحيح ليس بإظهار القسوة ولا بالاتصاف بالغلظة، ولا بتعمد الفظاظة ولا بالميل نحو العنف، ولقد خاطب الله رسوله بقوله: ' ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك' وقال له أيضاً: 'وإنك لعلى خلق عظيم'، فلا أدري من أين جاءت القسوة إلى سلوك بعض المتدينين ورسموا صورة مشوهة عن صاحب الدين بأنه إنسان عابس الوجه، حاد القسمات، خشن اللفظ، صعب المراس، عنيف في سلوكه وحديثه، وكأنها صفات المجاهد، ومن قال إن هذه هي صفات المجاهد، أنا أعتقد جازماً أن هذه المظاهر جزء من مؤامرة خطرة على الدين ومستقبله، وهي أكثر خطورة من مؤامرات الأعداء الخارجيين، لأنه ليس هناك أكثر خطورة من الخلل الذي يخترق الفهم ويشوه الفلسفة الجوهرية لهذا الدين.
ومن هذا المنطلق فإن العيد مناسبة وطنية وقوميّة وإنسانية يجب أن نجعل منها فرصة لتصحيح كثير من التصرفات الخطأ، والمسالك المضرة، التي لا تنتسب لهذا الدين ولا تمت إلا تعاليمه بصلة، وفرصة لإعادة صياغة الانسان الصالح المحب لوطنه وقومه ومجتمعه، الذي يعمل على توثيق عرى الاخوّة، ويرسي معالم التسامح والصفح الجميل، وتفويت الفرصة على مثيري الحقد والكراهية والضغينة، والذين يبذرون بذور القطيعة التي تفتك بالنسيج الاجتماعي، وتقطع أواصر الوحدة الوطنية.
في هذا العيد ينبغي اصلاح ما فسد من علاقات، ووصل ما انقطع من أواصر، وأن نجعل من أضحية العيد وسيلة لتقريب البعيد، وصلة للأرحام بين كل فئات المجتمع ومكوناته بلا استثناء، وأن نجعل من مجتمعنا عائلة واحدة متحابة، ترفض التعصب، وتنفر من أدعياء الفرقة على أساس اللون أو العرق أو الجهة أو الدين أو المذهب.
وأن يحرص المسلمون على مشاركة إخوانهم المسيحيين في فرحة العيد، ومشاركتهم في هدايا لحوم الأضاحي، إضافة إلى الأصدقاء والجيران، وأن يجعلوا حصة لإخوانهم الفقراء، وأن يخصوا أشقاءهم في سورية بالنصيب الأوفر.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
26-10-2012 10:00 AM

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال وبارك الله لنا ولكم ورزقنا حسن الخلق .في الواقع هذا هو الخطاب المطلوب في هذة الايام التي تمر بها الامة . النار لاتطفيء النار . بارك الله فيكم وكل عام وانتم والامة الاسلامية بخير

2) تعليق بواسطة :
26-10-2012 05:28 PM

إذا كانت هناك أمة فلماذا تعمل جماعة من دون هذه الأمة؟

هل تشكيل جماعات اسلامية حقا فكرة خاطئة من الجذور وباب هدم للأمة وليس باب اصلاح؟ ألا يمكن الاصلاح بالعمل الفردي والتعاون الجماعي بدون تشكيل أحزاب متحوصلة ومتقوقعه على نفسها خارج نسيج هذه الأمة؟؟

الفكر الاسلامي لا يقبل فكر الأحزاب والجماعات الا في حالة فترات محاربة الدين والمؤمنين؟؟

لماذا يتجنب كبار علماء الأمة وغالبية العلماء الانتماء للجماعات الاسلامية؟ خاصة الحزبية الايدولوجية؟

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012