أضف إلى المفضلة
الأحد , 22 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأحد , 22 كانون الأول/ديسمبر 2024


النزاهة اهم من نسبة الاقتراع

23-10-2010 12:46 AM
كل الاردن -

طاهر العدوان

 

 

 

يقود رئيس الولايات المتحدة بلاده, احياناً, وهي اكبر قوة على وجه الارض, بفوز يصل الى 50 بالمئة او اقل في الانتخابات الرئاسية. وهذا لا ينتقص من شرعيته ولا يشكك في اهليته للمنصب. وفي بلدان اوروبية عديدة لا تصل نسبة الاقتراع احياناً في انتخابات مجالس النواب الى 40 بالمئة ومع ذلك يحتفى بالحزب المنتصر, مع ملاحظة ان لا احد يشكك في نزاهة الانتخابات.

 

التشكيك لا يكون الا في دول العالم الثالث وفي مقدمتها الدول العربية, لان تزوير ارادة الناخبين اصبح علماً وفناً في انظمة ترتعد من كلمة (حُرَّة) حتى وان كان المقصود بها حرية التجارة والادب والفن.

 

اصبحت نزاهة الانتخابات مطلباً عند جميع الشعوب العربية ومنها الشعب الاردني, ولان اقترن هذا المطلب باصطلاحات مثل »وضع قانون انتخابات عصري« و»اصلاح سياسي«.. الخ, الا ان هذه الشعارات كلها لا تفوق في الاهمية, مطلب النزاهة بعد ان اكتوى الجمهور, افراداً وجماعات, من ممارسات التزوير في الانتخابات. حتى اصبح اليأس من النزاهة, قناعات ترتقي الى مستوى الثوابت في التفكير الجمعي للناس الذين اذا ما حدثتهم عن »انتخابات نزيهة« ظنوا انك تبحث عن سراب.

 

في كل مرة, تكون فيها مناسبة وطنية لعقد انتخابات, كنت اتساءل مع غيري مستغرباً في الدوافع التي تجعل (اردنياً ما) افضل من (اردني آخر) (عند المسؤولين) في ميادين المنافسة الانتخابية, الى درجة اننا سمعنا ورأينا وعلمنا مثل غيرنا من ابناء هذا الشعب الطيب, كيف تم في حملات انتخابية سابقة دفع اموال من الخزينة العامة لمرشحين لتمويل حملاتهم الانتخابية, اضافة الى ما حصل من دعم لهم بالهويات والنقل والتصويت, في الوقت الذي لوحق وحوصر مرشحون آخرون من اجل اسقاطهم في الانتخابات!!

 

في المحصلة, وبناء على التجربة (عشنا وشفنا) كيف اصبح عدد من هؤلاء (المدعومين) عبئاً على الدولة وسياساتها. لانهم ظنوا انفسهم زعماء ووجهاء لهم (دَيْنٌ) على الوطن والدولة والشعب. وبعض هؤلاء اصبحوا فيما بعد في صفوف المعارضة وتحولوا الى اذاعات متنقلة لتوجيه النقد للسياسات الرسمية وترويج الاشاعات عن الفساد وذلك عندما توقفت عنهم حنفيات المنافع وحرموا من امتلاك المناصب. ليس هناك من افساد اخطر من تزوير ارادة الناس والجلوس فوق اكتافهم بالرياء والنفاق.

 

للاسف هناك تراث كبير, من اللاشفافية في الانتخابات مسؤول عن عدم ثقة الناس بنزاهة الانتخابات, اضافة الى الممارسات (اللاوطنية) في بيع وشراء الاصوات, وصولاً الى تقييم المرشحين, ليس على اساس الرجل المناسب للمقعد النيابي انما حسب رصيده المالي حتى لو جاء هذا من عمليات تجارة بالممنوعات, او من مال فساد بَيِّن يتداول الناس تفاصيله.

 

حتى الان, تدل اجراءات الحكومة ووعودها وشعاراتها ان »النزاهة« ستكون عنوان هذه الانتخابات. وهذه فرصة للاردن كدولة وحكومة وشعب ان ينتقل الى الامام خطوة كبيرة على درب الديمقراطية. ولو من باب »تأكيد النزاهة« في العملية, الانتخابية, فهذا انجاز لن تقلل منه قرارات المقاطعة الحزبية, ولن يُقلل منه انخفاض نسبة الاقتراع, ان حصلت, فنسبة متدنية من الاقتراع مع شهادة بنزاهة يجمع عليها غالبية الرأي العام ومراقبو الانتخابات هي افضل بكثير لسمعة البلد والحكومة من انتخابات يصل الاقتراع فيها نسبة عالية لكن مع نسبة عالية ايضاً من اشاعات التدخلات الرسمية بالانتخابات بما يضر بسمعة الاردن ونظامه السياسي والاخطر, بما يؤدي الى تعميق هوة الثقة بين الشعب والحكومة, والذي سيقود الى استفحال حالة ادارة الظهر للعمل العام والعزوف عن المشاركة من قبل المواطنين.

 

الالتزام بالنزاهة (المرئية القاطعة) يعيد الثقة عند الرأي العام, ويرفع من وعي الناس باهمية الصوت الانتخابي كمفتاح لأي عملية اصلاح سياسية واقتصادية. لأن هدف الديمقراطية دائماً هو تمثيل الشعب لا تمثيل من هم في السلطة.

 

taher.odwan@alarabalyawm.net

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012