لم
يسبق لظاهرة الفساد ان اخذت هذا "العز" والتغطية الصحافية في الاردن , فمنذ
سنوات والراي العام يتناقل الاحاديث والمعلومات عن فساد في هذه المؤسسة او تلك
وفساد يمارسه اشخاص -عينك عينك- من دون حسيب او رقيب.
وقد
قرعت الصحافة وفي مقدمتها "العرب اليوم" ناقوس الخطر , محذرة قبل ان تقع
الفأس بالرأس , لكنها للاسف وقعت ومازال المسلسل مستمرا , "نسمع جعجعة ولا
نرى طحينا".
الفساد
ظاهرة "مرضية" عالمية ليست جديدة على المجتمعات فهي سلوك اخلاقي منحرف
بعيدا عن القيم والقوانين وهي لا تقع فجأة, لكن ظهورها قد يفاجىء الكثيرين, وخاصة
تورط اشخاص ومؤسسات بعينها كان الاعتقاد السائد بانها فوق الشبهات .
نسمع
كثيرا عن الفساد والمفسدين واستغلال المنصب وتبديد الاموال , لكن ان يصل الفساد
الى مؤسسة حكومية بحجم مؤسسة استثمار الموارد الوطنية وتنميتها (موارد) واحالة
ملفها الى دائرة مكافحة الفساد, فان الامر قد وصل الى درجة غير معقولة ولا بد من
اتخاذ تدابير سريعة لحماية الوطن والمواطن.
ان
ظاهرة الفساد في الاردن لم تكبر وتترسخ بهذا الشكل الذي رأيناه في السنوات القليلة
الماضية ,الا نتيجة بروز عدة ظواهر سياسية وافكار اقتصادية تجريبية اجتاحت المجتمع
الاردني بفعل سيطرة تيار "الليبرالية الجديدة" وتغوله على مفاصل صنع
القرار السياسي .
اذاًَ
فالفساد الجديد في الدولة لم يرتبط بالمحافظين وشللهم بل جاء به نفر يدعون الاصلاح
وحّل كظاهرة مرافقة لتراجع دور الدولة وتحويل إدارتها الى "شركة" وسيطرة
افراد على مفاصل القرار السياسي والاقتصادي بعيدا عن الاطر القانونية والدستورية
بعيدا عن اسس الحاكمية الرشيدة القائمة على المكاشفة والمحاسبة وسيادة القانون.
فالحكومات
هي التي تتحمل وزر هذه الظاهرة والبرلمان ايضا مسؤول عنها لان الرقابة على "الفساد"
جزء من مهمته التشريعية والرقابية على اعمال السلطة التنفيذية واي انحراف في
مؤسسات الدولة يجب ان يسأل عنه الحكومة ومجلس الامة.
الكل
يطالب بمكافحة الفساد لكن الأَوْلى تفكيك الظاهرة بالتمّسك بسيادة القانون ورفض
التشريع لتفريخ مؤسسات خارج جسم الدولة وخارج اطر الرقابة والمحاسبة الدستورية
المعروفة, لان السلطة المطلقة "مفسدة" وهي اكبر مفرخة للفساد والفاسدين.
الفساد
انتهاك لحقوق الوطن والمواطن .
الفساد
احد مظاهر الدكتاتورية ونقيض للحكم العادل والديمقراطي.
الفساد
يهدد سلامة المجتمعات واستقرارها السياسي .
الفساد
يفقد الثقة ويبرر عدم الانتماء والولاء للنظام السياسي.
الفساد
يحد من التنمية الاقتصادية والبشرية.
الفساد
يكرس القهر والفقر والبطالة و التخلف .
قالوا
قديما "اضرب الصغير يحترمك الكبير " اقول العكس " اضرب الكبير حتى
لاَ يفْسَد الصغير ".
nabil.ghishan@alarabalyawm.net
التعليقات
لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .