تتحرك
الحكومة بكافة اقطابها في حملة اعلامية وشعبية من اجل تشجيع المواطنين على
المشاركة في الانتخابات والذهاب الى صناديق الاقتراع في التاسع من تشرين الثاني
المقبل, وتتخذ هذه الحملة عناوين مختلفة, مثل دعوة الشباب الى التصويت, لكن من
الواضح للمراقب المتتبع لتطورات حملات المرشحين الانتخابية, خاصة في عمان والمدن
الكبرى, ان هناك نفوراً شعبياً من المشاركة. في المدن فيما الوضع مختلف في
المحافظات والارياف والبادية فحملات المرشحين تلاقي حماساً واستقطاباً من الجمهور,
بالنظر الى البيئة الاجتماعية والعشائرية التي تخلق اجواء ساخنة من المنافسة.
من
حق الحكومة ان تتحرك لانجاح الانتخابات وتهيئة الاجواء الملائمة لها بما في ذلك
تحقيق نسبة مرتفعة من الناخبين في يوم الاقتراع. ومن هنا يمكن تفهم الخوف او القلق
الرسمي من تدني نسبة هذه المشاركة, خاصة بوجود معارضة تعمل في السر والعلن من اجل
دفع المواطنين الى المقاطعة.
غير
انه, من المهم في هذه المرحلة, ان لا يؤدي حرص الحكومة على تحقيق اوسع مشاركة
شعبية الى تخليها عن التزاماتها المعلنة باجراء انتخابات حرة ونزيهة. كما لا ينبغي
ان يؤدي هذا الحرص (على زيادة نسبة المقترعين) الى التهاون في تطبيق القانون وما
قطعته الحكومة على نفسها من التزام حازم برصد المخالفات التي ينص عليها قانون
الانتخابات المؤقت. مثل ملاحقة المرشحين الذين يقومون بشراء الاصوات وتطبيق
العقوبة المقررة عليهم.
والقانون
كما هو متعارف عليه كل لا يتجزأ. فلا يمكن ان تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة في ظل
التخريب والفساد والافساد الذي يمارسه المال السياسي لتزوير ارادة الناخبين. ومنذ
ان بدأت الماكنة الاعلانية للحملات الانتخابية في الشوارع والمقرات تزايدت الاخبار
التي يتناقلها الناس عن عمليات بيع وشراء الاصوات علناً, واوساط المرشحين تتحدث
اكثر من غيرها عن (سعر الصوت) عند المرشح الفلاني او العلاني, كما بات بعض
الناخبين يطالبون المرشح جهاراً بثمن اصواتهم عندما يتصل بهم لجذبهم الى جانبه.
يصعب
على المرء ان يستوعب الاجابة الرسمية التي سمعناها في بداية الحملة حول مسألة شراء
الاصوات, والقول بأن على المواطنين ان يقدموا الاثباتات الى اجهزة الدولة حول وجود
بيع وشراء الاصوات. فهذه ليست مهمة المواطنين, ولا من واجبهم القيام بها. انما هي
مهمة الحكومة واجهزتها الامنية والقانونية. ذلك ان المواد القانونية الخاصة
بملاحقة عمليات الشراء والبيع في قانون الانتخابات لا تصبح فاعلة او لا قيمة لها
من دون رصد هذه المخالفات بالاساليب المتعارف عليها من قبل اجهزة الأمن, تماماً
مثل عمليات ضبط تجار المخدرات والمتاجرين في السوق السوداء.
كما
يتردد بين اوساط الرأي العام ان هناك عشرات المرشحين قد دُفِعَ بهم بطرق مباشرة أو
غير مباشرة من قبل رسميين او شبه رسميين للتسجيل وخوض الانتخابات بهدف زيادة نسبة
عدد المقترعين في يوم التصويت.
وقد
يكون هذا مفهوماً في اجراءات تستهدف توسيع دائرة المشاركة, لكن هذه الاجراءات
وغيرها سيكون لها تأثير سيىء على سمعة الانتخابات ونزاهتها, ان اقترنت بالتساهل
الرسمي تجاه ما يحصل من مخالفات, واهمها عمليات شراء الاصوات, فهذه العمليات ان
استمرت وتوسعت فستكون ثمرة فاسدة في الصندوق الانتخابي مما يهدد بافساد العملية
بكاملها.
ومثلما
نجحت الحكومة في اختبار النزاهة والشفافية في مراحل التسجيل والنقل والاعتراض.. الخ,
فان اختبارها الحاسم سيكون في قدرتها على ملاحقة (المال الفاسد في سوق شراء الذمم
والضمائر والمتاجرة بارادة الشعب), وعلى الاقل الحكومة ملزمة بذلك ادبياً وسياسياً,
لانها لم تضف جديداً في قانون الانتخابات الجديد, سوى (الدائرة الفرعية) وحزمة
القوانين الرادعة لشراء الاصوات. فهل ستنجح في امتحان تطبيق قانونها وتضرب بيد من
حديد الاستهتار به وتعطيله؟.
taher.odwan@alarabalyawm.net
التعليقات
لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .