الحكومة لا تتحمل المسؤولية عن ظاهرة شراء الاصوات انما
عن تطبيق القانون .
يجمع المراقبون للشأن الانتخابي ان ظاهرة شراء الاصوات
منتشرة على نطاق واسع في دوائر انتخابية عديدة, ونسمع من ناشطين في حملات انتخابية
تفاصيل مثيرة عن الاساليب المتبعة لشراء الاصوات, ويتبرع مرشحون بكشف معلومات بهذا
الخصوص عن منافسيهم.
الملاحظة الاولى على هذه الظاهرة ان تغليظ العقوبات في
القانون على المتاجرة بالاصوات الانتخابية لم يساعد في الحد منها لغاية الآن.
اما الملاحظة الثانية: ان الجهات الرسمية لم تبد حتى
الآن الارادة الكافية في مواجهة هذه التجاوزات للقانون لا بل ان مسؤولين في
الحكومة اكتفوا بمطالبة "المدعين" بوجود الظاهرة تقديم الدليل القاطع
عليها "حتى لا يتهم الناس جزافا".
مع ان المسؤولية في تطبيق القانون تقع على عاتق الحكومة
وهي تستطيع بما تملك من امكانيات ان تقبض على المتورطين بالجرم المشهود عبر متابعة
حثيثة لحملات مرشحين مشتبهين.
الملاحظة الثالثة: ان ظاهرة شراء الاصوات لم تعد حالة
شاذة ومرفوضة أخلاقيا كما كان الامر في السابق, انما اصبحت أمرا مقبولا لا يتورع
المواطن العادي عن الاعتراف بها بعدما اصبحت "برأيه" القيمة الوحيدة
المتحققة من المشاركة في العملية الانتخابية.
الملاحظة الرابعة: ان الحكومة الحالية لا تتحمل
المسؤولية عن تلك الظاهرة, فهي موروثة عن دورات انتخابية سابقة, وقد ساهمت
انتخابات عام 2007 في إضفاء شكل من اشكال الشرعية عليها فعندما تبين للمواطن
العادي ان جهات رسمية لعبت دورا مباشرا في تزوير الانتخابات من قبل اصبح اكثر
تقبلا لفكرة بيع صوته في ظل عملية انتخابية تنتفي فيها كل قواعد النزاهة
والشفافية.
الحكومة تبدو في مأزق, فهي تريد اجراء انتخابات حرة
ونزيهة وبنسبة عالية من المشاركة وهذا أمر مهم بعد مقاطعة الاسلاميين لكنها تخشى
من ان يؤدي اتخاذ اجراءات حاسمة وواسعة ضد ظاهرة شراء الاصوات الى موجة جديدة من
العزوف عن المشاركة مما يدفع بنسبة الاقتراع الى هبوط آخر.
من الناحية البرغماتية المسألة محيرة فعلا, التضحية
بنسبة المشاركة مقابل انتخابات نظيفة.
المعادلة تستحق المجازفة. الحكومة اعلنت منذ البداية ان
هدفها الاول والاخير انجاز انتخابات حرة ونزيهة واعادة الثقة بمجلس النواب والدولة
وهي بالفعل قد أهملت الابعاد الاخرى مثل الاصلاح السياسي او تطوير قانون
الانتخابات. بهذا المعنى ايضا فان نسبة المشاركة ليست هي الأمر الحاكم, الاولوية
ينبغي ان تكون هي اجراء انتخابات نزيهة, والمواطنون لن يقبلوا على المشاركة بكثافة
في الانتخابات الا اذا مروا بتمرين انتخابي حي تثبت فيه الحكومة صدق نواياها.
ولتكن الانتخابات المقبلة هي التمرين الحي من حيث الالتزام بقواعد النزاهة
والشفافية حتى لو كان ذلك على حساب نسبة المشاركة والزج بمرشحين وناخبين اشتروا
وباعوا اصواتهم في السجون.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
التعليقات
لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .