13-10-2010 11:43 AM
كل الاردن -
ياسر الزعاترة
هذه الموجة من القوانين الإسرائيلية العنصرية تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 48 لم تأت اعتباطا ، بل هي جزء من قراءة الحكومة الصهيونية للوضع الفلسطيني والعربي والدولي في آن.
فلسطينيا لن تحصل الدوائر الصهيونية على قيادة سياسية أفضل ولا أكثر مرونة من قيادة تقول إن ما لا يُحل بالتفاوض يُحل بمزيد منه ، وأن "الحياة مفاوضات" ، فيما المقاومة عبث ووصفة تدمير. كما أن القيادة المذكورة قد دخلت في "أتوستدراد" ذي اتجاه واحد عنوانه توسيع السلطة القائمة نحو دولة تحت الاحتلال في حدود الجدار ، وهذه الاستثمارات والإنجازات التي تفتخر بها حكومة السلطة لم يجر العمل عليها حتى تُهدم من أجل الرد على موقف سياسي يتخذه نتنياهو ، والخلاصة أن السلطة مصممة لخدمة الاحتلال ، فيما وقع تصميم قيادة بعد عرفات تكون مخلصة للسلطة واستحقاقاتها دون تردد.
عربيا ، لم يكن الوضع العربي في مستوىً من التدهور أسوأ مما هو عليه الآن فيما الوضع الدولي منحاز بالكامل للخيارات الإسرائيلية ، سواءً تم ذلك عن قناعة ، أم بسبب معادلات داخلية ذات صلة بالنفوذ الصهيوني.
من زاوية أخرى ، تعيش قوى المقاومة أزمة الوضع الداخلي ، حيث حُشر حزب الله في وضع داخلي متناقض ومعقد ، فيما وجدت حماس نفسها أسيرة القطاع ومتطلباته. صحيح أنهما يراكمان قوة مسلحة تغيظ العدو ، إلا أن تلك القوة لم تخرج من دائرة الاستهداف المتروك لظروف أفضل. وتبقى القوة النووية الإيرانية التي تحتل الأولوية ، لكنها لا تعطل أية ترتيبات تتعلق بالوضع الفلسطيني الداخلي.
في وضع من هذا النوع ليس من الغريب أن يكشر نتنياهو عن أنيابه ويمعن في طرح شروطه ، وأهمها يهودية الدولة الذي لم يكن مطروحا في السابق ، بل رُفض من الولايات المتحدة ذاتها عند إنشاء الكيان الصهيوني ، وهو من النوع الموغل في الغطرسة ، وبالطبع لأنه يطالب بشطب الحقوق التاريخية للفلسطينيين في أرضهم ، كما يطالب بإلغاء روايتهم للتاريخ كاملة (قد يطالبوننا تبعا لذلك بتعويضات عن الاحتلال العربي والإسلامي لفلسطين) ، فضلا عما ينطوي عليه من تهديد لفلسطينيي 48 كما أكدت القوانين الجديدة المطروحة حاليا على الكنيست بعد مصادقة الحكومة الصهيونية عليها ، وفي مقدمتها قانون الولاء.
دعك من حكاية الثوابت التي يتحدث عنها قادة السلطة ، فالكل يعلم أنهم تنازلوا عن حق العودة وقبلوا بمناقشة لم شمل بعض العائلات ، بل وصل الحال باحدهم حد القول إنه لا ينكر حق اليهود في أرض فلسطين ، ثم قال لقادة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة إن بوسعهم أن يسموا دولتهم كما يشاؤون ، كما قبلوا ببقاء الكتل الاستيطانية تحت مسمى تبادل الأراضي ، وهذا ما شجع ليبرمان على طرح فكرة تغيير الحدود وتبادل السكان ، وذلك عبر نقل الكتل السكانية الفلسطينية في مناطق 48 إلى مناطق السلطة من خلال تغييرات متبادلة في الحدود بهدف التخلص من السكان الفلسطينيين. ولما كانوا يدركون أن هذا الصنف من الناس قد يرفض ذلك بسبب وضعه المعيشي الجيد مقابل وضع ملتبس موعود ، فإن القوانين الجديدة ستكون كفيلة بدفعهم نحو تغيير موقفهم.
إنه مخطط متكامل سيفضي إلى تصفية القضية ، أولا من خلال تحويلها إلى نزاع حدودي عبر برنامج نتنياهو - فياض (السلام الاقتصادي وبناء المؤسسات) ، وبعد ذلك تهيئة الأجواء نحو صيغة النهاية عبر التخلص من الكتلة السكانية الفلسطينية في مناطق 48 ، من دون التنازل عن القدس ولا السماح بإنشاء دولة حقيقية ذات سيادة تهدد أمن دولة الاحتلال.
هذا ما يفكرون فيه ، لكن الأحلام شيء والواقع شيء آخر ، ذلك أن البؤس الفلسطيني والرسمي العربي لن يستمر ، وستعرف الشعوب العربية طريقها نحو الخلاص ، ويستعيدون تبعا لذلك مسارهم وخيارهم ، لتبدأ مرحلة جديدة مختلفة تقلب الطاولة في وجه دولة الاحتلال وكل من يدعمونها ويتحالفون معها.
الفلسطينيون ملح هذه الأرض ، ولن يصبحوا مثل الهنود الحمر ، وهم قدموا أجمل الشهداء وأروع التضحيات لاستعادة حقوقهم ، ولن يتمكن لا ليبرمان ولا نتنياهو من فرض الاستسلام عليهم ، لاسيما بعد أن دبت فيهم روح الإيمان وثقافة الاستشهاد.
(الدستور)