08-09-2010 12:53 AM
كل الاردن -
ساطع نور الدين
لعل المايوه يكون من علامات نهوض مصر، التي تعاملت حتى الآن بوعي وترفع مع تلك الصور التي نشرت اولا على أحد مواقع الفايسبوك ثم على صدر صفحات الصحف المصرية، وكان الغرض منها إثارة فضيحة في وجه المرشح الرئاسي المحتمل الدكتور محمد البرادعي، فحصل العكس تماما، وارتدت المسؤولية الى مصادرها المشبوهة.
الاشتباه سهل بتلك الصديقة المجهولة التي عمدت الى نشر صور خاصة جدا بابنة البرادعي، ليلى، بمايوه السباحة، وليس مايوه الاستعراض أو الإثارة، على الفايسبوك، ومعها صور من حفل زفافها من شاب بريطاني يدعى نيل بيزل، تظهر كؤوس الخمر على الطاولات، ووثيقة تشير الى أن ليلى البرادعي لم تكتف بالزواج من رجل غير مصري ومسيحي، بل هي تذكر بأنها شخصيا لا تنتمي الى دين، لا الإسلام ولا سواه.
لم تكن المرة الاولى التي يتعرض فيها البرادعي لمثل هذا الانتهاك لخصوصيته. قبل أشهر وزعت على الانترنت ايضا ثم على الصحف، صورة له وهو جالس على أرض أحد المساجد في مصر يحمل قرآنا ويقرأ فيه، ويبتسم بطريقة توحي بأنه يسخر من النص الموجود بين يديه، مع أنه تبين في ما بعد انه كان يضحك لنكتة ألقاها في تلك اللحظة أحد المحيطين به. وقد أرفقت الصورة يومها بتحذير من أصحاب ذلك الموقع الاسلامي من ذلك الرجل المستخف بالإسلام الذي يمكن أن يصل الى الرئاسة الاولى في مصر.
لكن، وكما في تلك الحالة، فإن مصر على اختلاف قواها السياسية والدينية لم تهب في وجه ذلك الكافر أو الزنديق الذي يتجرأ على دينه ودين بلده وشعبه، والذي يسمح لابنته بأن ترتدي المايوه وتشرب الخمر أو تقدمه لضيوفها وتتزوج من أجنبي ومسيحي، بل اكتفت بإهمال الصورة الاولى في المسجد، ووضعت الصور الاخيرة لكريمته في سياقها الصحيح، ووجهت الاتهام المباشر الى الاجهزة الامنية الرسمية التي تريد إحباط حملته الانتخابية، على نحو ما فعل هو عندما رد على التعرض لحياته وحياة أسرته الشخصية بقوله: «التغيير حتمي، ولا يمكن نظاماً ينتمي الى القرون الوسطى أن يستمر في القرن الواحد والعشرين».
وهو اتهام مشروع ومرجح برغم أن إشارته الى «القرون الوسطى» أوحت بأنه يشتبه ايضا بجهة إسلامية تقف وراء نشر تلك الصور، وتعترض على التحالف الذي تقيمه معه حركة «الاخوان المسلمين»، والذي أتاح له الحصول على 650 الف توقيع إخواني مؤيد لترشيحه من أصل 850 ألفا جمعتها حملته الرئاسية حتى الآن.. لا سيما أن الحركة نفسها ردت بلغة راقية على نشر الصور عندما استنكرت المس بالكرامة الشخصية، وأكدت انها تتحالف مع برنامج التغيير الذي يمثله البرادعي لا مع شخصه!
وهكذا بُرئت مصر كلها من الاتهام بأنها مجتمع محافظ، أي مغلق، يسوده التعصب الاسلامي الموروث من القرون الوسطى.. من دون أن يعني ذلك بالضرورة ان الابواب قد فتحت على مصراعيها أمام حملة البرادعي الرئاسية التي تدور كما يبدو الآن في حلقة مفرغة، سواء بتحالفها أو بتعارضها مع الاسلاميين الذين لا يمثلون غالبية مصرية.
(السفير اللبنانية)