03-09-2010 04:10 PM
كل الاردن -
* راكان المجالي
وعد نائب الرئيس الامريكي بايدن باشراقة فجر جديد في العراق في اشارة ملتبسة الى ان العراق بدأ يتمتع بالسيادة الكاملة والحرية التامة بعد انسحاب بعض القوات الامريكية منه في الموعد المحدد في 31 اب 2010 ، وهو ما احيط بمكرمة من الرئيس اوباما بالايعاز بسحب القوات قبل ايام من موعد 31 اب الماضي.
وليست هذه المرة الاولى التي تصدر فيها اشارات من امريكا بانها ليست قوة احتلال وانما هي جزء من تحالف دولي لتأهيل العراق ليكون نموذجا ديمقراطيا ، وهكذا فان انسحاب وحدات من الجيش الامريكي والابقاء على 50 الف جندي هنالك وعد بسحبهم في نهاية العام 2011 عندما يكون العراق قادرا على ادارة اموره وتكون لديه حكومة مؤهلة لحفظ الامن واعادة الحياة الطبيعية للعراق.
ولا يجادل اثنان في هذا العالم بان اوضاع العراق في تدهور مستمر وان المجازر والمذابح والفوضى وتشريد ملايين من ابناء الشعب العراقي هي معطيات لا توجد اية مؤشرات على ان هنالك ارادة عراقية حرة لمعالجة هذه الاوضاع الكارثية للعراق كما لا توجد اية مؤشرات على وجود نوايا امريكية صادقة لاخراج العراق من محنته بل ان كل التداعيات تشير الى ان هنالك عجزا وسكوتا وتواطؤا وعوامل اخرى متشابكة تدفع العراق الى قاع الهاوية.
من هنا فان الانسحاب الجزئي للقوات الامريكية ليس نقطة في نهاية السطر وانما فاصلة في المجلد العراقي الذي تواصلت كتابة تاريخه الاسود في ظل الاحتلال منذ احتلاله في ربيع العام 2003 ، وعندما تلاحظ جريدة نيويوك تايمز ان استمرار امريكا في احتلال العراق واصرارها على احكام قبضتها على كل مقدراته دون ان ننبه الى ان ذلك يولد مزيدا من الالالم الكارثية للعراقيين والمزيد من المصاعب للامريكيين قد جعلوا من انهاء العراق وتدميره هدفا بحد ذاته يتيح لهم الابقاء على قوات امريكية محدودة لحراسة النفط وضمان استمار تحلل العراق.
الجريدة الامريكية تشير الى سطوة النظام العراقي السابق ودمويته ولكنها تقول ان كل سلبيات ذلك العهد لا تقاس بالمآسي التي تعرض لها العراقيون في ظل سلطة الاحتلال وهو ما يدفع اكثريتهم الى الترحم على النظام السابق ، وعندما تعلن امريكا اليوم بعد انسحاب جزء من قواتها من العراق بانها تنسحب بعد ان ضمنت قدرة الجيش العراقي واجهزة الامن العراقية الوطنية على فرض استتباب الامن ، وهو امر تعرف امريكا انه غير صحيحة وتكذبه يوميا
المجازر الدموية التي تعصف بالعراق.
المؤكد ان ما حدث في العراق لم يكن سوء تقدير او اخطاء في التفكير وانما كان مخططا له لان ذبح العراق هو مطلب صهيوني واخراجه بكل مكوماته من المعادلة تخدم هدف ان يبقى اظهر الامة عاريا عمقها منهارا ، فامريكا التي حلت الجيش العراقي وشطبت الادارة الحكومية وهدمت كل مؤسساته في الايام الاولى بقرار من بريمر كانت تدرك انها لو ابقت على الجيش والادارة وعينت قيادات وطنية مستقلة مشهودا لها بالنزاهة فان ذلك كان سيؤدي الى وضع كل الامور تحت السيطرة ، وما فعله الامريكان هو اقل من النجاحات التي حققها قادة الانقلاب المتوالية في العراق من العسكر محدودي التجربة او عديميها ، ومع ذلك فقد حافظوا على الجيش والمؤسسات وغيروا من قياداتها واستقرت الاوضاع بعد ايام من هذه الانقلابات.
اذن كل ما حدث كان مقصودا ولا فجر للعراق الا بتحريره واستقلاله وهو ما يجمع عليه كل العراقيين الذين يعرفون انه لا بديل عن الحوار والمصالحة الوطنية الشاملة في اطار الايمان بوحدة العراق وعروبته.