أضف إلى المفضلة
الأحد , 22 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأحد , 22 كانون الأول/ديسمبر 2024


ازمة المياه والكهرباء .. الترقيع لا يفيد

28-08-2010 03:50 AM
كل الاردن -

طاهر العدوان

 

ليست هذه الحكومة فقط, انما غيرها ايضاً, لا نراها تتحرك الا عند حدوث المشكلة. وهو ما يوصف في القاموس الاردني "بسياسة الفزعات".

كما انها ليست هذه المرة الاولى التي تحدث فيها مشكلة مياه. الجميع, حتى اطفال هذا الجيل شهدوا تلويث مياه زي في عمان وتلوث مياه منشية بني حسن في محافظة المفرق وغيرها في عجلون . في كل مرة تحدث "فزعة حكومية" لكن فزعة هذا العام تأتي في مواجهة مثلث أزمات, انقطاع المياه, انقطاع الكهرباء, ارتفاع الاسعار لتضاف الى عناء الصوم وشدة الحر بما يجعل معاناة المواطنين ثقيلة.

ما يجمع ردود الفعل الرسمية على ما يطرأ من ازمات هو تحميل مسؤوليتها الى الآخرين. ففي قضية تلوث مياه زي حُمّلت اسرائيل المسؤولية لان المياه جاءت من حصة الاردن في مياه طبريا, في مياه المنشية كما في ازمة مياه هذا العام حُمّل المواطن المسؤولية, او جزءاً كبيراً منها. فقبل ايام نشرت وزارة المياه بيانات تهدد بالويل والثبور هؤلاء الذين يعتدون على شبكات المياه, كما ان الخطاب الاعلامي الرسمي في مواجهة الازمة لا يخرج عن هذا الاطار.

في الواقع هناك اعتداءات واسعة على المياه. سواء كان المخزون منها في باطن الارض او في الشبكات. وهذه ليست ظاهرة جديدة, انها امر واقع حيث نجح مواطنون في تحدي القانون وتجاوز مسألة الخوف من المساءلة والعقاب. والسؤال هو: من يتحمل المسؤولية, هل هو المواطن الذي لم يجد من يردعه لسنوات طوال, فقام بوضع قوانينه الخاصة للسطو على شبكات المياه من أجل ريّ مزرعته او لتجنب دفع الفواتير?. ام انها مسؤولية الدولة والحكومات ومؤسساتها التي فشلت في وضع حد لهذه التعديات!

ننشر في الصحافة منذ سنوات طوال, ونسمع في الاذاعات المحلية وفي برنامج التلفزيون الصباحي عشرات الاتصالات اليومية التي تناشد وزارة المياه والحكومة التدخل لايصال المياه الى منازلهم واحيائهم. وهم يرددون قصص السطو على شبكات المياه لري المزارع وحرمان الآخرين من مياه الشرب لكن جميع هذه المناشدات تضيع دائما مع الأثير او تتحول الى كلام جرايد. فمن المسؤول?

هنا, في عمان قمت شخصياً اكثر من مرّة في سنوات سابقة كما نشرنا متابعات في "العرب اليوم" لتبليغ شركة المياه بانفجار ماسورة في شوارع في قلب العاصمة. احياناً كانت النجدة تصل بعد يومين, واحياناً بعد 10 ساعات!! فمن المسؤول عن التسيّب الاداري الذي يؤدي الى هدر المياه? هل هو المواطن?!

وعندما يقرأ المواطن ويسمع على مدى سنوات كيف استطاع عدد كبير من المتنفذين الحصول على رخص حفر عشرات الابار في اراض خالية من اجل رفع ثمنها وطرحها في سوق العقار, او للمتاجرة بصهاريج المياه باسعار عالية في الصيف. ألا يجد في ذلك ما يشجعه على الاعتداءات على شبكات المياه وفق مبدأ "ما في حدا احسن من حدا".

توسع الاردن مدنيا وحضارياً الى حد كبير. ولم يعد بالامكان ادارة مجتمعاته المكتظة في المدن والمحافظات "باسلوب" حكم العشيرة الذي تقزّم الى حكم العائلات. فمن دون احترام شامل للدستور والقوانين قائم على مبدأ المواطنة وعلى مؤسسات قادرة على ان تراقب وتحاسب اداء السلطة التنفيذية, مؤسسات تبدأ بمجلس نيابي يمثل الناس, وبوجود صحافة واعلام متحرر من الضغوط وقضاء مستقل, فان مسلسل الفزعات بعد خراب البصرة سيظل سياسة القعر المثقوب. فالترقيع يفاقم الازمات ولا يتصدى لها من جذورها.

اخيراً. ما يثير الدهشة هذا الخطاب الرسمي الذي يستمرئ تحميل المواطنين مسؤولية الازمات. فالضرائب هي الحل لموازنة غارقة في العجز!! والتهديد وتغليظ ما هو غليظ في قانون العقوبات هو العلاج لضياع هيبة الدولة وللتقصير الاداري في حماية الخدمات الحيوية وتوفيرها!! .

المياه والكهرباء هما من الخدمات الحيوية التي يثير انقطاعها "بسبب موجة حر عابرة" التساؤل عن جدوى "البرزنتيشنات" لمشاريع الاستثمارات العقارية التي تروج لمشاريع ضخمة في الاسكانات والعمران في ظل ازمات تطال البنية التحتية للخدمات, ذلك ان اساس قيام ونجاح هذه المشاريع البراقة هو تأمين المياه والكهرباء اولاً.

 

taher.odwan@alarabalyawm.net

 

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012