|
|
نواجه خيارا صعبا
بقلم : ناهض حتر
10-11-2012 11:44 PM في الكرك، أعلن الملك عبد الله الثاني، أثناء لقائه فعاليات محلية، موقفين صارمين لافتين: أولا، الحياد إزاء الملف السوري ، وثانيا، الرفض القاطع للعودة إلى علاقة خاصة مع الضفة الغربية بأي شكل من الأشكال ( أي لا فدرالية ولا كونفدرالية). وفي هذين الموقفين رد على الضغوط التي تمارسها عدة أطراف إقليمية على عمّان؛ فالسعودية تريد من الأردنيين أن يلعبوا دورا في إسقاط الرئيس بشار الأسد، بينما تشكّل محور مصري قطري حمساوي لتأهيل غزة كمركز فلسطيني منفصل، ولكنه رئيسي، في الصفقة المنتظرة مع إسرائيل. وهو ما يشكل مخاطر حقيقية على مستقبل الكيان الفلسطيني وتحديدا الضفة الغربية التي بدأت أوساط رام الله في التداول حول ربط مصيرها بشكل ما مع الأردن، بينما تتصاعد الميول الإسرائيلية للانسحاب من مناطق الكثافة السكانية الضفاوية وإلقاء أعبائها على عمان. هكذا وجد الأردن نفسه في مواجهة حلفائه الإقليميين السابقين، من دون أن يتجه إلى تحالفات بديلة أو حتى الانفتاح على المحور الإقليمي المضاد ( إيران والعراق وسورية وحزب الله وحلفائه في لبنان). ولولا العلاقة الثنائية مع روسيا لربما وجد الأردنيون أنفسهم وحيدين تماما. من المتوقع أن تسعف إدارة باراك أوباما الثانية، عمّان في موقفها المحايد نحو الأزمة السورية؛ ففي الأفق إمكانية خصبة للتفاهم بين واشنطن وموسكو على تسوية سلمية في سورية. ولكن هذه التسوية لن تبقى في حدود البلد الجار الجريح. وعلينا أن نتوقع أن الخيار القطري المصري الحمساوي الخاص بنقل الثقل السياسي الفلسطيني إلى غزة، ربما يكون مغريا بالنسبة للأميركيين، خصوصا وأنه خيار يلائم الاحتياجات الإسرائيلية. الانقسام السياسي الحادّ لدى فريقيّ التسوية، أعني الإسرائيليين والفلسطينيين، يجعل من تطبيق اتفاقات أوسلو ـ أو التفاوض في ظلها ـ مستحيلا. ولا بد، إذاً، من إنتاج سياق جديد للتسوية التي يفرض ميزان القوى أن تكون، في جميع الأحوال، ' مؤقتة': تأمين غزة، وضمان الأمن فيها ورفع الحصار عنها وتأهيل اقتصادها بما يحوّلها إلى مركز سياسي إقليمي. وهذ هو صلب المشروع القَطري المصري الحمساوي الذي يحظى بقبول إسرائيلي كجزء من سياق الخلاص من مناطق الكثافة السكانية في الضفة الغربية مع توفّر شرطين: ضم المستوطنات والبقاء في الغور، وضمان الأمن. جربت تل أبيب، الحمساويين في غزة والإخوان المسلمين في مصر، وهي تدرك أنهم قادرون على الوفاء بتعهداتهم الأمنية، أما من الناحية السياسية، فهي تعرف إنهم لا يستطيعون التوقيع على اتفاق ينهي المطالب ويظهرهم كخونة. وهكذا يكون الحل المناسب للطرفين هو الانسحاب من طرف واحد بلا اي اتفاقات سوى التعهدات الأمنية السرية بضمانة الأطراف الإقليمية المساندة للمشروع. لكن ذلك يتطلب حكومة حمساوية في رام الله وحكومة إخوانية في عمان. وهذا هو جوهر الصراع على ضفتيّ النهر. أطراف في السلطة الفلسطينية تحاول إنقاذ نفسها بالسير بالانفصال حتى نهايته. ونهايته هي العودة إلى مشاريع الفدرالية والكونفدرالية مع الأردن. نجحت عمان في إحباط ذلك المشروع داخليا من خلال رفض تجديد العلاقة مع حماس وتهميش الإخوان المسلمين سياسيا، وأفهمت منافسيهم الفتحاويين والسلطويين بأنها ليست في وارد أي شكل من أشكال العلاقة الثنائية مع الضفة. غير أن المشكلة تظل في أن إدارة أوباما الثانية، قد تجد في أحد المشروعين، حلا ' واقعيا' للقضية الفلسطينية في المدى المنظور. وعندها ستكون عمان في مواجهة مع حليفها الدولي الرئيسي. نحن في مأزق. ويبدو أننا سنواجه، شئنا أم أبينا، خيار إعادة التموضع في السياسة الخارجية ( لصالح المحور الإيراني العراقي السوري اللبناني) إذا ما أردنا النجاة من الآثار المدمرة للتسوية غربيّ النهر.
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|