كانتلفتة ذكية من الصديق
العزيز الأستاذ جميل هلسه أن يختار بلدياته القياديالإخواني النائب الأسبق الأستاذ أحمد
الكفاوين عريفا لحفل الإفطار الذيأقامه في قاعة النادي الأرثوذكسي لقيادات الحركة الإسلامية ونخبة منالسياسيين ورجال الأعمال
والمفكرين والإعلاميين ، وكانت لفتة ذكية أن يكونلفيف من نشامى الكرك من آل الهلسه
الأعزاء في استقبال ضيوفهم ضيوف إبنهمالأستاذ جميل الهلسه ، كان حفلا كركيا جنوبيا بامتياز نقلني ألفاوأربعمائة عام ونيفا إلى
الوراء لأستذكر ولأذكــًّـر بدور عشائر جنوبالأردن المسيحية العربية في وضع
اللبنات الأولى في مسيرة الوحدة الوطنيةالإسلامية المسيحية ، فقبل ألف
وأربعمائة عام ونيف كانت مناطق شرقي الأردنكغيرها من بلاد الشام خاضعة لإستعمار
الإمبراطورية الرومانية البيزنطيةالتي كانت تتخذ من القسطنطينية عاصة لها ، وفي تلك الفترة كانت العديد منالعشائر العربية المسيحية
تسكن في شرقي الأردن وخاصة في مناطق الجنوب ،وكانت هذه العشائر تضيق ذرعا بسيطرة
الرومان البيزنطيين ، وكانت تتوقبفطرتها العربية وبمشاعرها العروبية للتخلص من سيطرتهم ، وقد وجدت هذهالمشاعر العروبية متنفسا
لها عندما بدأت تتناهى إلى مسامع عشائر الأردنالعربية المسيحية أخبار ظهور قوَّة
جديدة في بلاد الحجاز قوامها أبناءجلدتهم من عرب الحجاز المسلمين ، ولم تلبث هذه المشاعر أن تــُـرجمت علىأرض الواقع عندما ذهب وفد
من العرب المسيحيين في جنوب الأردن من الشوبكوأذرح والجربا والعقبة والبتراء
بزعامة مطران العقبة يوحنـَّا بن رؤبة فيعام 9 هـ ـ 630 م المسمَّى بعام
الوفود إلى مدينة تبوك للقاءً الرسولالعربي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وأهدى المطران إلىالرسول الكريم بغلة بيضاء
أعجب بها النبي الكريم ، وأهدى النبي الكريمزعيمَهم يوحنا بُردة من بُرَدًه ،
وتمخضَّت مقابلة وفد عشائر مسيحيي جنوبالاردن عن عقد اتفاق لفتح أبواب هذه المدن أمام جيوش الفتح الاسلامي ،وهذا ما حدث فعلا .
ولم تلبث
جيوش الفتح الإسلامي أن حققت النصرَالحاسم ، ويؤكد كتابُ ( عشائر الحدَّادين حتى عام م1991 ) أنَّ الرسولَالكريم لم يطلب من مسيحيي
جنوب الاردن تغيير دين آبائهم ، وأن جيوشالمسلمين التزمت باتفاقها في تبوك
فلم تتعرض للسكان العرب المسيحيين ، بلوجَّـهت سيوفها ورماحها فقط في مواجهة جند البيزنطيين ، وقد تحدثت معظمكتب السيرة النبوية عن
زيارة مطران العقبة على رأس وفد من عشائر جنوبالأردن المسيحية العربية للرسول صلى
الله عليه وسلم أثناء وجوده في تبوك ،فقد ورد في الجزء الخامس من المجلد الثالث من كتاب ( البداية والنهاية ) لأبي الفداء الحافظ إبن
كثير (ص16) تحت عنوان :"مصالحته عليه السلام ملكآيلة ـ العقبة وأهل جرباء وأذرح وهو
مقيم على تبوك قبل رجوعه"ما يلي : قالابن إسحق : ولما انتهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنةبن رؤبة صاحب أيلة ، وكتب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليحنة بن رؤبةوأهل إيلة عهدا هذا نصه :"بسم
الله الرحمن الرحيم ، هذه أمنة من اللهومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل إيلة سفنهم وسيارتهم في البروالبحر (وفي رواية
أساقفهم وسائرهم) لهم ذمة الله ومحمد النبي ومن كانمعهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل
البحر ، وأنه لا يحل أن يُـمنعوا ماءًيردونه ولا طريقاً يردونه من بر أو بحر" ، كتبه جهيم بن الصلت
وشرحبيل بنحسنة بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة تسع للهجرة ، وأعطى النبيصلى الله عليه وسلم أهل
أيلة بـُـردة مع كتابه أماناً لهم .
لقدكانت زيارة وفد عشائر
جنوب الأردن المسيحية برئاسة المطران يوحنـّـا بنرئبة للرسول الكريم في تبوك قبل أكثر
من ألف وأربعمئة عام الخطوة الأولىفي مسيرة الوحدة الوطنية الإسلامية المسيحية التي تـُـوًّجت بطرد المحتلينالرومان البيزنطيين من كل
بلاد الشام ، والأمل أن يكون إفطار الناديالأرثوذكسي خطوة جديدة في مسيرة
الوحدة الوطنية الإسلامية المسيحية علىطريق تحصين الأردن العزيز في مواجهة الخطر الصهيوني الذي يتهددنا جميعامسيحييين ومسلمين ،
وبالمناسبة ، يذكر الأستاذ أكرم زعيتر في كتابه (وثائقالحركة الوطنية الفلسطينية ) أن
الوحدة الوطنية الإسلامية المسيحية تجلتبأروع صورها في مشاركة عرب فلسطين
المسيحيين في ثورة البراق الشريف في عام 1929 م حين اختلط دم البطل اللداوي حنا
صليبا كركر بدماء البطل المقدسيمحمد عبد السلام وغيره من شباب فلسطين الذين حصدهم رصاص المحتلين الإنجليز، وبالمناسبة أيضا
أذكــًّـر بأبطال جيشنا العربي الأردني ، مسلمينومسيحيين ، وهم يـُـسجـًّـلون جنبا
إلى جنب أروع البطولات على أرض فلسطينفي حرب م1948 ، ويضمـًّخون ثرى بيت المقدس بدمائهم الغالية ، البطل عوضمحمد الحربي ، البطل
حنـَّـا عيسى سالم نصراوين ، البطل محمد خالد يوسفالداوود العبيدات ، البطل سليم إسحق
الصنـَّاع ، البطل سمارة غيـَّـاض عيدالشرفات ، البطل جريس عيسى جريس الهلسا ، البطل علي يوسف الصغير ، البطلتوفيق دخل الله موسى
عمـَّـاري ، وغيرهم كثيرون .
Ziad7391@yahoo.com
التعليقات
لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .