أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 15 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 15 كانون الثاني/يناير 2025


فلندفع ثمن هذه "السلبية"!

بقلم : د.محمد ابو رمان
12-11-2012 11:37 PM
منذ الأسبوع الماضي ومصفاة البترول تشكو من عدم قدرتها على مواجهة الطلب المتضاعف على المحروقات، ما أدّى إلى فقدان السولار والكاز والغاز من كثير من محطات الوقود ومحال الموزعين. وهو ما عزاه رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات الصديق فهد الفايز (في تصريحاته للغد أول من أمس)، إلى إعلان الحكومة عن نيتها رفع أسعار المحروقات، والمبالغة في قيامها بحملات إعلامية وعامة لتبرير القرار. وفقاً للفايز، فإنّ الطلب على أسطوانات الغاز وصل يوم السبت الماضي إلى حدود 175 ألف أسطوانة، فيما تراوح المعدل خلال الفترة ذاتها من العام الماضي بين 90-100 ألف أسطوانة؛ أي إنّ الطلب أصبح الضعف. والحال كذلك بالنسبة للمشتقات النفطية التي بلغ إجمالي الطلب عليها نحو 14.800 طن.أدّى ذلك إلى نقص حاد في هذه المواد، وعجز عن تلبية الطلبات العادية؛ فانقطعت في أوقات متقطعة خلال الأيام الماضية. وهو للأسف مشهد متكرر عندما تعلن الحكومة عن نيتها رفع أسعار البنزين والديزل، فنرى السيارات تقف في صفوف طويلة وممتدة أمام محطات الوقود، لشراء أكبر قدر من هذه المواد، وربما ينفد ما قاموا بشرائه قبل أن ترتفع الأسعار فعلياً! من الطبيعي أن يحرص الناس على الحصول على هذه المواد بأسعار 'ما قبل الرفع'، لكن ضمن الحدود الطبيعية التي ترتبط بالاحتياجات الحقيقية، والتحضير لفترة الشتاء. أمّا ما نشاهده، فهو تهافت غير مقبول، يؤدي إلى انقطاع هذه السلع، والإضرار بشريحة أخرى لم تمارس هذا السلوك الغوغائي، فلم تجد حتى حصتها الطبيعية المعتادة من هذه المواد!كل ذلك يحدث ونحن نتحدّث عن قرار متوقع، ما يزال في مرحلة التحضير له. وربما تنفد المواد التي تمّ تخزينها، ويتم شراء غيرها، والقرار لم يتّخذ بعد! طيب، كيف نتوقع أن يكون سلوكنا الجمعي في حال دخلنا في حرب –لا قدر الله بالطبع- أو تعرّضنا لكارثة طبيعية وإنسانية، أو واجهنا ظروفاً قاسية؟! دعونا نعترف ونحن ننقد السياسات الرسمية والحكومية دوماً ونحمّلها مسؤولية ما يحدث، أننا في الوقت نفسه نغض الطرف عن دورنا (نحن) ومسؤولياتنا فيما وصلنا إليه، سياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً. ولعلّ العبارة الأكثر دقة في توصيف ذلك هي 'السلبية'! فنحن سلبيون تماماً في تعاطينا مع القضايا العامة التي تنعكس بعمق حتى على مصالحنا الخاصة، وعلى حياتنا اليومية!لو فكّر المجتمع قليلاً في القرارات المرتقبة، لأدرك أنّ التخزين بلا قيمة، لسبب بسيط يتمثّل في أنّ الارتفاع في الأسعار لن يقف عند حدود ذلك، فما يحدث سيصيب مباشرةً السلع والخدمات الأخرى، وسينعكس على رسوم المدارس الخاصة والعقارات، وسيؤثّر على القدرة الشرائية للدينار نفسه!  ما شاهدناه خلال الأيام الماضية لا يعكس فقط سلوكاً استهلاكياً خاطئاً، ولا يترجم فقط سوء العلاقة بين الدولة والمجتمع، بل يكشف حتى عن حجم الفجوات الكبيرة داخل المجتمع نفسه، وضعف الثقة بين الناس أنفسهم، الذين لا يتوحّدون للمطالبة بالإصلاح السياسي والدفاع عن حقوقهم، ولا في تشكيل قوة ضاغطة لمساءلة القرارات الحكومية وتقديم البدائل والمطالبة بربطها بمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة.ولم يتوحد المجتمع للمطالبة بتوفير سبل حماية الطبقات الوسطى والفقيرة، وملاحقة التهرب الضريبي الكبير جداً، وإعادة هيكلة النفقات الجارية المختلة في الموازنة، والمطالبة بضبط حقيقي للمصروفات الحكومية وإدخال كل المال العام ضمن الموازنة العامة.. إلخ. لا نجد سوى سلوك موحّد فقط في المبالغة في الشراء والتخزين. دعونا إذن ندفع ثمن هذه السلبية!

(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-11-2012 01:29 AM

ثمن ايه وهباب ايه ............ دنا غلباااان( على راي عادل امام في مسرحيه شاهد ما شافش حاجه )

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012