ثلث الدول العربية فاشلة... * ماذا عن الثلثين الآخرين ؟!
20-08-2010 01:27 AM
كل الاردن -
* عريب
الرنتاوي
وجود خمس دول عربية - الصومال ، السودان ، العراق ،
اليمن ولبنان - في قائمة الدول الفاشلة ، لا يجعل من بقية الدول الـ22 دولاً ناجحة
، فهناك 13 دولة عربية تقف على ضفاف الفشل ، بل ويمكن القول أن بعضها آخذ في
الانزلاق إلى خانة الدول الفاشلة ، إما لتفاقم الصراعات الداخلية (الطائفية
والمذهبية فيها) ، أو لعجزها على السيطرة على أطرافها وصحاريها وقفارها ، أما بقية
الدول العربية (4 دول) فقد أدرجت في خانة الدول ذات الكفاءة المعتدلة ، علما بأن
واحدة منها على الأقل ، تشهد انقساماً مذهبياً محتدماً ، يكاد يهدد مستقبل وجودها
وليس أمنها واستقرارها فحسب.
المقياس الذي أصدرته مجلة "فورين بوليسي" و"صندوق
السلام" ، اعتمد تعريف الدولة الفاشلة على أنها الدولة التي تعجز عن فرض
سيطرتها على أراضيها ، بما يحيلها إلى ملاذ آمن للجريمة والمخدرات والقرصنة
والإرهاب ، ويعرض وحدتها الترابية للخطر ، غير قادرة على اتخاذ القرارات التي تؤثر
في حياة مواطنيها ولا توفر خدمات أساسية لهم ، وتميل إلى استخدام القوة والعنف ،
ويتفشى فيها الفساد والاستبداد.
إن ظل حالنا على حاله ، فقد لا يكون بعيداً ذلك اليوم ،
الذي ستندرج فيه غالبية الدول العربية ، في خانة الدول الفاشلة ، لا سيما وأن
كثيرا منها يواجه مشكلات ضعف الدولة وتآكل شرعية الحكم ونمو البنى والعلاقات
والمؤسسات "السابقة للدولة" ، إثنية كانت أم قومية ، دينية أو طائفية ،
جهوية أم عشائرية ، وستشهد عملية الانحدار إلى مصاف الدول الفاشلة ، تسارعا ملحوظا
إن فقد بعض المراكز الدولية اهتمامها ، كلياً أو جزئياً بالمنطقة ، ذلك أن "تماسك"
بعض الدول العربية القائم حالياً ، إنما يعود للدعم والإسناد الذي تلقاه من
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، لأسباب ودوافع شتى.
في البحث عن أسباب "فشل" الدولة العربية
المعاصرة ، وخصوصا في حقبة "ما بعد الاستعمار" ، ومرحلة ما بعد "الاستقلالات
الوطنية" ، لا يمكن القبول بـ"التفسيرات" التي تقدمها النخب ،
والتي تلقي باللائمة تارة على "الاستعمار والقوى الدولية" ، وأخرى على
ما تسميه "الخصوصية العربية" ، وهي نظرية يسعى أصحابها في البرهنة على
أن تراث العرب التاريخي والديني والثقافي والاجتماعي ، يتناقض مع "الحداثة
والعصرنة" ، ولا ينسجم مع "منظومة الحريات وحقوق الإنسان وقواعد
الديمقراطية والتعددية" ، باعتبار أن هذه المنظومة هي نتاج الحضارة الغربية
بمدارسها المختلفة ، وليست مولودا طبيعيا للحضارة العربية الإسلامية.
وغني عن القول ، أن جميع هذه "التفسيرات" هي
حجج وذرائع ، تستخدم غالبا لتبرير حالة "الانحباس والمراوحة" التي
تعيشها عملية الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي والتنمية الاقتصادية الاجتماعية
الشاملة في الدول والمجتمعات العربية ، كما أنها ذرائع ومبررات تُساق لتأبيد "حالة
الركود" التي تعيشها نظم الحكم العربية.
ويجادل معظم المثقفين والإصلاحيين العرب ، في أن السبب
الرئيس لفشل الدولة الوطنية العربية إنما يعود لأنماط الحكم التي سادت في مرحلة ما
بعد الاستقلال ، حيث تميّزت معظم النظم العربية ، وبدرجات متفاوتة ، بكونها نظما
ديكتاتورية عسكرية أو استبدادية شمولية ، اعتمدت في الوصول إلى السلطة أو الحفاظ
عليها ، على القوة العسكرية والأمنية المفرطة ، همّشت الأحزاب السياسية ومؤسسات
المجتمع المدني ، عطّلت القضاء وصادرت استقلاليته ، سيطرت على الصحافة ووسائل
الإعلام وجردتها من دون دورها الرقابي ، قضت على مبادئ فصل السلطات ، وجمعت كافة
الصلاحيات الدستورية في يد شخص واحد.
وفي سعيها لتأبيد وجودها في السلطة ، وبناء قاعدة
اجتماعيه للحكم ، اعتمدت معظم هذه الأنظمة على سياسة فرّق تسد ، عطلت سيادة
القانون ومبدأ المواطنة كأساس للحقوق والواجبات ، وكناظم للعلاقة بين الفرد
والدولة ، اعتمدت على العائلة والعشيرة والطائفة ، حكمت الأغلبية بالأقلية ، وأقصت
فئات اجتماعية بأكملها ، أو همّشت حضورها الاقتصادي والسياسي ، وبنت مؤسسات الدولة
، على قاعدة "الولاء السياسي" العائلي والطائفي والعشائري ، وحرمت
قطاعات كبيرة من مواطنيها من حقوقهم الأساسية.
لقد أدى ذلك كله ، إلى نمو "الهويات الثانوية
والفرعية" وانتعاش البنى والروابط الطائفية والعشائرية ، وتعاظم دور "اللاعبين
اللا دولاتيين" ، لاسيما بعد أن فقدت الدولة العربية كثيرا من عوامل قوتها
الاحتكارية ، فتحرير التجارة والاقتصاد أضعف دور الدولة الريعية وأفقدها دورها
كأكبر رب عمل وعزز دور القطاع الخاص ، وثورة الاعلام والاتصال والإنترنت ، أفقدت
الدولة لسيطرتها الاحتكارية على وسائل الإعلام ومصادره ، وفي عدد من الدول العربية
، أدى انتشار السلاح بين الناس ، إلى إفقاد الدولة لحقها الاحتكاري الحصري في
استخدام القوة.
وإذا كانت الصومال تنهض كشاهد على "الحد الأقصى"
الذي يمكن أن تبلغه "الدولة الفاشلة" من تفكك وانهيار داخلي ، وتهديد
للأمن والاستقرار الداخلي والإقليمي والدولي على حد سواء ، فإن هناك عدة دول عربية
تغذ السير على "الطريق الصومالي" وتكاد تقترب من التفكك والتقسيم.
التعليقات
لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .