أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 15 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 15 كانون الثاني/يناير 2025


بداية التحول الاستراتيجي على الصعيد الإقليمي

بقلم : د. رحيّل غرايبة
19-11-2012 12:52 AM
لقد كشف العدوان الصهيوني الجديد على غزة، عن بدايات تحول استراتيجي كبير، على الصعيد الاقليمي العربي بوجه عام، وعلى الصعيد الفلسطيني بوجه خاص، ولربما يكون قرار شن العدوان قد رمى إلى جملة أهداف بعضها معلن وبعضها مخفي، فما تم الاعلان عنه من تدمير قواعد اطلاق الصواريخ في غزة، وضبط تهريب السلاح عبر سيناء، وتدمير مصنع لإنتاج طائرات بلا طيار يتم انشاؤه في غزة، في سياق إعاقة تطوير القوة التسليحية التي تنتهجها القيادة الفلسطينية في غزة، وقد تم تدمير مصنع أسلحة في الخرطوم، يقول الكيان الصهيوني إنه تابع 'لحماس' في السياق نفسه، وهناك بالتأكيد بعض الأهداف الصهيونية الأخرى لم يتم التصريح بها. منها: تحقيق مكاسب انتخابية 'لنتن ياهو' وتحالفه استعداداً للجولة البرلمانية القادمة، وهدف آخر يتعلق بفحص القبة الحديدية وفاعليتها في حماية الاجواء 'الاسرائيلية' عن طريق منظومة الصواريخ الاعتراضية التي تلقف كل جسم طائر يخترق اجواء الكيان، ومنها الصواريخ الغزاويّة، سواء محلية الصنع، أو التي تم استيرادها من الخارج مثل صواريخ (فجر) الإيرانية أو صواريخ (غراد) بعيدة المدى.
الهدف المخفي الآخر للكيان الصهيوني يأتي في سياق القراءة الاستراتيجية لمجمل التحولات الإقليمية، وفي سياق الفحص الاجرائي العملي للتغييرات السياسية الكبيرة التي طالت بعضاً من الأنظمة العربية الحاكمة، ومحاولة الوقوف على ردة الفعل العربية الجديدة. من أجل بناء منظومة استراتيجية جديدة في التعامل مع المرحلة الجديدة.
لقد كشفت الحملة 'الاسرائيلية' العدوانية التي وصلت إلى ما يزيد على (600) غارة حتى الآن، الغطاء عن لغة سياسية عربية جديدة، والعمل الجاد على بناء موقف عربي مساند للموقف المصري الواضح والصريح في الوقوف العلني القوي مع الشعب الفلسطيني المحاصر الذي يتعرض لعدوان ظالم وشرس وغير إنساني، وتجلى هذا الموقف بزيارة عاجلة لرئيس الحكومة المصرية أثناء القصف الصهيوني، ولم ينتظر وقف العدوان، من أجل التعبير عن الموقف المصري بأقوى الإشارات وأكثرها حسماً، ثم تبع بعد ذلك زيارة وزير الخارجية التونسي على رأس وفد رفيع المستوى لأول مرة في تاريخ تونس الحديث، الذي وصل غزة بعد لحظات من تدمير مقر حكومة غزة بفعل غارة صهيونية متوحشة ليقف على المشهد ويعاين الواقع.
لقد صرح وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في مقر الجامعة العربية بضرورة بناء موقف عربي موحد، قادر على تقديم الدعم والنصرة للشعب الفلسطيني بطريقة جديدة تتجاوز اصدار البيانات والاستنكارات وتصريحات الشجب والإدانة التي اعتادت عليها الشعوب العربية سابقاً. كما طالب الاجتماع الوزاري بضرورة إعادة النظر بكل الطرق العربية السابقة في التعامل مع الكيان الصهيوني العدواني، ومع المنهجية العربية إزاء مجمل مخرجات القضية الفلسطينية على ضوء طموحات الشعوب العربية الثائرة على حقبة الضعف والاستخذاء والتبعية، وحقبة الشعارات الفارغة وخطب الممانعة الرنانة، والجعجعة الثورية التي اعتاد قادة الكيان على الاستخفاف بها طوال الفترة السابقة.
أما التحول الاستراتيجي الآخر فهو الذي تقوده حكومة غزة، التي أخذت على عاتقها بناء القوة الفلسطينية الذاتية القادرة على مواجهة غطرسة الكيان المحتل، والسعي نحو امتلاك قوة الدفاع عن النفس وقوة الردع، وقوة الايذاء، التي نجحت في القدرة على ايصال صواريخها إلى تل أبيب والقدس الغربية، مقارنة مع منهج السلطة في رام الله التي كرست الضعف الفلسطيني وإخماد أنفاس الشعب الفلسطيني في الضفة، وتجريده من كل معاني القوة على مواجهة الاحتلال، التي لم تثمر ازاء قوة الاحتلال إلاّ مزيداً من الاذلال، ومزيداً من الحصار، ومزيداً من التشريد، وهدم البيوت، ولم تفلح سلطة رام الله ببناء الحد الأدنى من القوة الذاتية التي تستطيع فيه الدفاع عن نفسها، فضلاً عن مناصرة غزة سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً، ولم تستطع تحقيق أي منجز سياسي، طوال السنوات المنصرمة، للشعب الفلسطيني تحت الحصار أو في الشتات.
نحن امام مشهد عربي جديد، لم يكتمل بعد، ويحتاج إلى وقت كاف لإعادة بناء النفسيّة والثقافة العربية الجديدة التي تتحدث عن دور الشعوب في اختيار حكامها وحكوماتها وعن دور الشعوب وحضورها في رسم السياسات والخيارات الاستراتيجية بطريقة علمية وموضوعية، بعيداً عن لغة الجعجعة وإطعام الشعوب 'الجوز الفاضي' واعتماد سياسة بناء القوة الذاتية، وامتلاك أوراق القوة الحقيقية ضمن الامكانات المتاحة، والاستثمار في الإنسان والعقل العربي بهدوء ورويّة ومنهجيّة مدروسة.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
19-11-2012 10:33 AM

اولآ: تسليح المقاومه تم عن طريق خط الممانعه والمقاومه الذي اجهضه واستنزفته قوى الإسلام السياسي
ثانيآ:موقف مصر بقيادة الإسلام السياسي لايختلف عن موقف مصر من قبل لقد سحب حسني مبارك سفيره أيضآ من دولة الصهاينه في 2008 ولعب دور الوسيط كما هو الحال الآن
ثالثآ: لاتدخل طلقة واحده على غزه الآن لابدعم من الإسلام السياسي في مصر ولا من عربان الخليج
رابعآ: لم نرى اي تغيير في السياسه العربيه تجاه إسرائيل سوى الإستنكار والإدانه فعن اي تغيير في الإستراتيجيه العربيه يتكلم الكاتب وهم يعتبروا ايران العدو وليس إسرائيل.
اليس من الكفر بمكان ان يستعمل الكاتب عبارة إستيراد الصواريخ من إيران لينفي بذالك حقيقة دعم سوريا وايرن وحزب الله المطلق والمبدأي للمقاومه في غزه ويعطيها صفه تجاريه بحته !؟ لماذا لايبذل الإسلام السياسي واعوانه اي جهد على الإطلاق لتعبئة "المجاهدين الثوار "لنصرة المقاومه في غزه علمآ بانهم يبعثون الألاف منهم لقتل الشعب السوري وإستنزاف قدراته
كفاكم مغالطات وتضليل

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012