أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


بين نيسان 1989 وتشرين 2012 : ما الذي تغير؟

بقلم : باتر محمد علي وردم
25-11-2012 12:43 AM
منذ بداية الاحتجاجات على قرار رفع الدعم عن المحروقات والتي بدأت ليلة الثلاثاء 13 تشرين الثاني الحالي، حاول الكثير من النشطاء في العمل السياسي والحراك الشعبي إطلاق وصف “هبة تشرين” على هذه الاحتجاجات وذلك للتذكير بالاحتجاجات التي عمت أرجاء الأردن في نيسان 1989 احتجاجا على رفع اسعار المحروقات ومن ثم امتدت لتتحول إلى بوابة للانفتاح الديمقراطي في البلاد بعد عقود من الأحكام العرفية.

لأسباب أحاول الربط بينها لم استطع أن أتقبل وصف هبة تشرين مقارنة بما حدث في نيسان 1989. ربما كنت في ذلك الوقت شابا جامعيا متحمسا اشارك في المظاهرات في الجامعة الأردنية وبعض المناطق في عمان متقاربا مع الأحزاب اليسارية والقومية والآن اصبحت رجلا في سن الرشد وخبرت العديد من التجارب الحياتية لكنني لم اشعر بأي نوع من الثقة بالتيارات والقوى السياسية والشعبية التي “تقود” هذه الاحتجاجات ولا حتى بطريقة استخدامها ضد الحكومة والنظام معا.

في العام 1989 كان الأردن يعيش في أزمة سياسية واقتصادية خانقة ساهمت فيها بشكل كبير وربما وحيد حكومة زيد الرفاعي التي لم تستطع استثمار الفورة النفطية نتيجة الدعم العراقي للأردن في الثمانينات فكانت هنالك حالات كثيرة من الفساد وهدر المال العام وما زاد في الأمور سوءا أن البلد كانت تحت وقع الأحكام العرفية وعدم وجود اي متنفس سياسي خاصة مع قرارات تكميم الصحف اليومية في 1988 وبعد ذلك التحرش بالنقابات المهنية. عندما تحرك سائقو الشاحنات في معان في نيسان 1989 رفضا لقرار رفع اسعار المحروقات تحرك الأردن كله رفضا للفساد والأحكام العرفية ومطالبا بمستقبل افضل يستحقه الشعب.

بالرغم من القسوة الشديدة التي تعامل بها الأمن مع التظاهرات والتي أوقعت 12 ضحية وتسببت في اعتقال حوالي 350 شخصا، وبالرغم من مظاهر التخريب والعنف التي ظهرت في بداية الاحتجاجات وخاصة ضد المؤسسات الرسمية وبعض البنوك (تماما كما حدث الشهر الحالي)، وبالرغم من غياب الحياة الحزبية الحقيقية وعمل الأحزاب في السر فقد كانت المطالب واضحة ومحددة. مطالب المتظاهرين تمثلت في إلغاء قرار رفع الأسعار وإسقاط حكومة زيد الرفاعي وإلغاء الأحكام العرفية والبدء في حياة سياسية ديمقراطية. فور عودة الملك الحسين من الخارج قرأ بحكمته أبعاد المشكلة وتم إلغاء القرار واستقالة الرفاعي والبدء بالمشروع الديمقراطي الذي كان رياديا في المنطقة في تلك الفترة. في هذه الأحداث لم يظهر أحد ليطالب بإسقاط النظام ولم تكن هنالك ابتزازات سياسية ولا تدخلات خارجية. كانت هبة عفوية طالبت بحقوق الشعب وفتح المسار أمام حياة سياسية حقيقية.

في الأحداث الحالية الكثير من علامات الاستفهام. بعد سنتين من الحراك الشعبي والعمل الحزبي لم تعلن الأحزاب الرئيسية وخاصة جبهة العمل الإسلامي عن أهدافها السياسة بوضوح ولا عن طرق تنفيذها، ونشعر جميعا بوجود تدخلات خارجية خاصة في زمن ما يسمى الربيع العربي لنقل الأردن على حالة من الفوضى كما نشاهد متظاهرين ولو كانوا معزولين يطالبون بإسقاط النظام ولا نعرف من هي القيادات التي تضع نفسها في الصف الأول من قيادة الشارع لأن الجميع يتبرأ من الشعارات المسيئة. هنالك الكثير من الأمور غير المريحة في هذه الأحداث.

من الطريف القول ايضا بأن الزمن يغير الأشخاص والتيارات. في 89 كان اليساريون والقوميون في قيادة المظاهرات والإسلاميين بعيدين، وفي 2012 اصبح الإسلاميون في الصورة الرئيسية واليساريين والقوميين مترددين. من أهم المعتقلين في هبة نيسان 1989 بسام حدادين وزير التنمية السياسية الحالي ورمضان الرواشدة مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ومصطفى شنيكات الذي اصبح وزيرا للزراعة في العام 1996. وزير الإعلام في حكومة الرفاعي كان هاني الخصاونة الذي اصبح الآن من المعارضين القوميين. البعض لم يتغير، في 1989 تم اعتقال خالد كلالدة ويوسف غيشان ولا يزالان حتى الآن في الصف الأول في النشاطات السياسية والإعلامية المنحازة للعدالة الاجتماعية.

(الدستور)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012