أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


رهان خاسر على الأعداد في التظاهرات

بقلم : جهاد المحيسن
01-12-2012 11:41 PM
الإصرار على أن عدد المتظاهرين في الشارع هو الذي يحدد شكل التعاطي السياسي مع الشارع رهان خاسر، فالعدد على أهميته لا يمكن أن يكون المؤشر الوحيد على إرادة التغيير.فنحن لسنا في حالة تتطلب الوقوف عند الرقم وحده بل نحن في وضع يتطلب التدقيق في الدوافع التي تدفع الناس إلى الخروج للشارع، فهل تم إنهاء الأسباب التي تجعل من الرقم مهما أو غير مهم ليبنى عليه قرار سياسي؟ الإجابة بكل بساطة لا. حساب حركة الشارع وردود أفعاله وشكل شعاراته بهذه الطريقة يؤدي إلى تعقيد الواقع ولا يساهم في حل المشكلة بقدر ما يخلق تأزما آخر لها، وهنا تقتضي الإرادة السياسية الجادة والعازمة على الفهم العميق لطبيعة التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية في المجتمع وخصوصا لدى فئة الشباب الذين يشكلون العصب الرئيسي في حركة التحول نحو المستقبل الذي نريده بشكل سلمي لذلك يتوجب على الجميع إعادة النظر في كل التحليلات والمقولات التي تعتقد أن العدد هو الذي يحدد المستقبل الإصلاحي!الدروس من المحيط الإقليمي كثيرة وصعبة ولكن يمكن لاستفادة منها، والاعتبار منها، فلم يعد الرأسمال الرمزي الذي يتم التعاطي معه في شكل ومضمون التحولات يجدي نفعا، والنموذج المصري حاضر بقوة في هذا المثال، فخروج الآلاف للشارع للتعبيرعن سخطهم ورفضهم لفكرة تكريس السلطة الفردية، يعني أن عقارب الساعة لن ترجع إلى الوراء، حتى وإن تسلح أنصار هذا الاتجاه بالرأسمال الديني الرمزي الذي لا يكلف الكثير ويتغلغل في مشاعر الناس ويؤثر على خياراتهم السياسية طالما أن الواقع ليس مجال التفكير، لكن خروج الناس الى الشارع يؤكد ان طبيعة الوقع المادي تتطلب فهما جديدا للسياسية وشكل الحكم وبالتالي لا ينفع معه أي خطاب يتجاوز إرادة الناس، وحقهم في رسم مستقبلهم الذي يرون أنه يمثلهم ويحقق طموحهم.في الحالة الوطنية نحن بأمس الحاجة للتفكير مرات ومرات في واقعنا ومستقبلنا السياسي والاقتصادي، خصوصا مع تزايد نسب البطالة وتجاوز خطوط الفقر حدود المعقول، وانسداد الأفق أمام الشباب الذين يشكلون الكتلة البشرية الأكبر من السكان، وفقدانهم للثقة بالمؤسسات السياسية والاقتصادية. هذه العوامل وحدها تتطلب الوقوف عندها والبحث عن حلول جذرية لها، ومعرفة الطرق الواقعية والعملية للخروج من هذا الواقع الذي يفرض شروطه بقوة على المستقبل.فليس من الحكمة تقييم الواقع تقييماً عرضيا، وحساب طبيعة حركة الشارع بعدد الافراد الموجودين في هذا المظاهرة أو تلك. حركة الشارع تقاس بما يمكن تقديمه من حلول، وبناء جسور الثقة بين المجتمع ومؤسساته السياسية، ويكون ذلك في الإسراع بخطوات إصلاحية سياسية سريعة وعمليات جراحية فورية لاستئصال جذور الفساد، فالعدد ولو كان قليلا يجب أخذه بعين الاعتبار فأسباب زيادته في الشارع لم تنقطع بعد!Jihad.almheisen@alghad.jo

(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012