أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


الإسلاميّون والاختبار الصعب

بقلم : د. رحيّل غرايبة
03-12-2012 11:43 PM
لقد نقل الربيع العربي الشعوب العربية والأنظمة والمنطقة كلها إلى مرحلة جديدة على جميع الأصعدة، وما حدث يشكل إعصاراً قويّاً، أحدث هزات عنيفة وارتجاجات ضخمة، طالت كل المكونات السياسية والاجتماعية، بلا استثناء، ومن يعتقد أنه خارج تأثير هذا الإعصار، وأنه بمنأى عما أحدثه من تغييرات فهو واهم، وهو خارج الزمن، ولا استثناء لأحد في هذا السياق على الإطلاق.
الإسلاميون هم الأكثر عرضة للاختبار، ومواجهة الارتدادات الناتجة عن هذا الإعصار، ووصول بعضهم إلى السلطة كما حدث في تونس ومصر، جعلهم أكثر عرضة للامتحان، ووجودهم في قمة المسؤولية في هذه المرحلة غير المستقرة، التي تموج كموج البحر، يتطلب منهم مرونة كبيرة وأفقاً سياسيّاً رحباً، ونظرة بعيدة المدى، وقدرة فائقة على قراءة المشهد بأعلى درجات الحكمة وأقصى آفاق الاستيعاب، ومغادرة ما تم الاعتياد عليه خلال الأزمنة الفائتة.
يجب أن يدرك الإسلاميون جميعاً أنه لا خوف على الإسلام، بل الخوف على من يعمل لخدمة المشروع الحضاري الإسلامي، ومن يتحمل مسؤولية التمكين لقيم الإسلام ومنظومته العملية، فالإسلام أصبح مطلباً شعبياً جماهيرياً عريضاً، ولم يعد الإسلام كهوية ثقافية وحضارية محلاً للخلاف، إلاّ من قلة قليلة لا تستطيع المجاهرة بالعداء له إلاّ بطريقة خفية وبأساليب ملتوية، ولا أحد يلتفت إليهم.
ما يجب أن يتم فهمه بوضوح أن بعض الإسلاميين ممن يمارس السياسة بأفق ضيق أو بنظرة محدودة، أو من خلال أسلوب المكاسب الفردية، أو الصفقات الحزبية، قد الحق ضرراً بالغاً بالفكرة الإسلامية، وعمل على تقزيم المشروع الحضاري الإسلامي الكبير الواسع الذي يملك مقومات الانتشار على مستوى الكرة الأرضية بل على مستوى الكون، وتكمن المصيبة أحيانا بمن تعلق بهذه الفكرة السامية وهذا المشروع الحضاري العملاق، بطريقة تخلو من الفهم العميق والأداء الحضاري العريق الذي يليق بالفكرة والمشروع، وعمل على تحويل المشروع والفكرة إلى جهد فئوي ضيق، أو إطار حزبي متقزم، لا يتسع لغيره.
أمام هذا المنعطف الخطير، الإسلاميون جميعاً مدعوون للمراجعة الشاملة، على مستوى الأطر والأساليب والأدوات، وهم بحاجة ماسة إلى تطوير إبداعي خلاّق، ينقلهم من الأداء الحزبي والممارسة الفئوية إلى إطار الأمة ومشروع الأمة، وفكر الأمة، ومدعوون إلى الانتقال السريع والحاسم من مربع المنافسة والصراع على المكاسب والسلطة إلى البحث عن الجوامع والموافقات، ومصالح الأمة الكبرى، ومقاصد الشريعة الأكبر، وبناء جسور الثقة مع مكونات الأمة، والبعد عن التعجل والاستعجال في قطف الثمار واستلام السلطة، وهنا يجدر التفريق بين السياسة وبين ممارسة السياسة.
يجب أن ندرك جميعاً أننا أمام أنظمة سياسية وبنى اجتماعية، وقيم ثقافية استقرت عير نصف قرن من الزمان، ومسألة إعادة بناء أنظمة سياسية جديدة، وبنى اجتماعية وثقافية مغايرة، يحتاج إلى وقت وجهد وبصيرة وحكمة، ومعاناة شديدة، لا تأني بمجرد إصدار القرارات والفرامانات السلطوية، فالأمر أكثر تعقيداً وليس بهذه البساطة .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
04-12-2012 12:29 AM

يا سيدي إذا لم أقرأ قي أي يوم ولو مجرد مقال واحد , فيكفيني مما كتبته هذه الفقرة :-

"" يجب أن يدرك الإسلاميون جميعاً أنه لا خوف على الإسلام، بل الخوف على من يعمل لخدمة المشروع الحضاري الإسلامي "" . وسأكتفّي بأنْ أختم قراءاتي بالفقرة التالية :-

( يجب أن ندرك جميعاً أننا أمام أنظمة سياسية وبنى اجتماعية، وقيم ثقافية استقرت عير نصف قرن من الزمان، ومسألة إعادة بناء أنظمة سياسية جديدة، وبنى اجتماعية وثقافية مغايرة، يحتاج إلى وقت وجهد وبصيرة وحكمة، ومعاناة شديدة، لا تأتي بمجرد إصدار القرارات """" والفرامانات السلطوية """" ، فالأمر أكثر تعقيداً وليس بهذه البساطة .)

وليقرأ مرسي مصر تلك الفقرتين باهتمام بالغ بقصد الإستفادة وذلك قبل أنْ تقع الفأس القاسية بالرأس المتحجّرة وقبل أن تنطلق الجموع المهمّشة من ميدان التحرير الى جامعة القاهرة .... وقبل مرسي فليقرأ حمزة وأبو السكر وهمام وأبو فارس معظم مقالات الدكتور الفاضل
شكراً دكتور رحيّل

2) تعليق بواسطة :
04-12-2012 01:59 PM

د.رحيل ..تحية واحتراما.
هذا هو الفكر الآسلامي الذي نصبوا اليه
ونبتغيه..لكن ماذا نقول للأخوة الذين امتطوا الدين وجيروه بل احتكروه لحسابهم
وحصرا لتحقيق احلامهم في الوصول للسلطة
واقصاء الآخر متناسين هاجس الفئات التي
يتشكل منها المجتمع الذي ساعد في وصولهم
وشاركهم الثورة وعندما وصلوا اداروا له ظهر المجن بل انقلبوا عليه وتنكروا له...عموما هم الخاسرون بعد ان كشفت اوراقهم وخصوصا جمهورهم الذي حتما سيتخلى عنهم لأن الانتهازية ممقوته من كل البشر.

3) تعليق بواسطة :
04-12-2012 06:08 PM

نعم، الاسلام دين أمه وليس دين أحزاب. أكبر دليل على ذلك أن معظم علماء الدين لا يمكن أن يكونوا حزبيين. الفكر الحزبي يتناقض مع فطرة الانسان السليم.

نعم، تنظيم العمل وتوزيع المهام والتنسيق والتكامل والتعاون ، لكن ليس حزبية ايدولوجية بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، بحوصلة فكرية لا ينجم عنها سوى عقد اجتماعية.

العمل الحزبي الديني بالمعنى المنتشر جائز ومقبول في فترات عدم الاعتراف بالدين، وهذا ليس حاصل الان.

الحزبية مرتع للمنافقين وكثيري الكلام والمنظرين والذين لهم القدرة على الجوب في الشوارع والتسكع من بيت لبيت طوال الليل والنهار تاركين عائلاتهم وأسرهم وأعمالهم خلف ظهورهم، لذا تجد أغلبهم غير متعلمين ولا يتعلموا ولا يكملوا دراساتهم العليا ولا يعملوا ولا يزرعوا ، همهم الوحيد الوصول للسلطه لأنها أبسط عمل توصل الانسان للتسلط على رقاب الناس وكسب المال حتى يصبح مليونيرا.

نحن بحاجة لانتنفاضة فكرية قوامها مخافة الله وفهم أن الوطنية من أساسيات الدين والدفاع عن هوية الأردن فرض عين والعشائرية صلة رحم والمجاهد هو الذي يحلم ليل نهار بفلسطين لا بمقاعد برلمانية تحت القبه. مع التحية لرحيل الغرايبة.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012