أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


حوار داخل أروقة الحركة الإسلامية

بقلم : د. رحيّل غرايبة
09-12-2012 11:04 PM
في حوار داخلي جرى على هامش مناقشة موضوع إطلاق المبادرة الأردنية للبناء، داخل أروقة الحركة الإسلامية، حول مضامين المبادرة ونقاط الاتفاق والتقاطع بينها وبين الحركة الإسلامية وأذرعتها ومؤسساتها ولافتاتها، وقد تناول الحديث مجموعة كبيرة من المبادرات العديدة والمتنوعة التي تمّ إطلاقها بالتعاون مع الحركة الإسلاميّة، ونجح بعضها نجاحاً كبيراً وملحوظاً وانتشر انتشاراً واسعاً في المجتمع، وبعضها لم يكتب له النجاح ولا الانتشار، وبعضها اجتماعي وبعضها سياسي، وبعضها تربوي أو صحي أو علمي.
من المبادرات الناجحة للحركة الإسلامية 'جمعية المركز الإسلامي الخيرية'، التي أطلقها مجموعة من قيادات الإخوان بالتعاون مع مجموعة من رجالات الأردن وأهل الخير الذين أسهموا في انطلاقتها ورعايتها، حتى أصبحت بهذا الحجم الكبير وبهذا الاتساع الملحوظ والانتشار في مختلف مناطق المملكة، ويتبع عدد كبير من المبادرات الأخرى المتفرعة عنها مثل إقامة بعض المستشفيات، وبعض المدارس والروضات، وبعض الكليات المجتمعية، وبعض الصناديق الخيرية المتعددة الأغراض.
وهناك مبادرات أخرى كنت قد تشرفت بالاشتراك في تأسيسها، مثل مبادرة جمعية المحافظة على القرآن الكريم، التي أصبحت من أكثر المؤسسات الأهلية نجاحاً وتميزاً وتنظيماً وانتشاراً، وهناك أيضاً مبادرة الهلال الأخضر الإغاثية التي تمّ تأسيسها أثناء حرب العراق الأولى، وهناك أيضاً مبادرة جمعية العفاف الخيرية، التي تشق طريقها في ميدان العمل الأسري والإصلاح الاجتماعي، وعدد آخر من المبادرات الأخرى التي يصعب حصرها.
لم تقتصر المبادرات على المجالات الخيرية والإغاثية والاجتماعية، وخدمة القرآن الكريم والحديث والسنة النبوية، بل هناك مبادرات في المجال السياسي أيضاً، مثل مبادرة 'جبهة الإصلاح الوطني' التي شارك الإسلاميون في فكرتها وإنشائها وتأسيسها، وشاركوا كذلك في إدارتها، وهناك مبادرة 'التجمّع الشعبي للإصلاح' أيضاً التي كان للحركة الإسلامية إسهام واضح في تأسيسها وانتشارها، وإن لم تحظَ برعاية رسمية من الجماعة، ولا بإذن من قيادتها، ومع ذلك فإنّ التجمّع الشعبي للإصلاح من أكثر الحركات الشعبية نشاطاً ومشاركة في فعاليات الحركة الإسلامية الإصلاحية، واستجابة لنداءاتها.
ممّا يبعث على الدهشة الممزوجة بالخوف، عندما يقول بعض من يتصدر قيادة الحركة الإسلامية، أنّ العمل الاجتماعي وإنشاء جمعيات تعنى بالقرآن الكريم والحديث النبوي، ومشاكل الأسر والشباب وحماية البيئة وما يتعلق بالهلال الأخضر؛ إنّ هذا ليس من عمل الجماعة ولا شأنها ولا من خطتها ولا برامجها، ولا يهمّنا ذلك فنحن نهتم بالجانب السياسي فقط، وذلك من باب التعبير عن خوفه من مشروع 'المبادرة الأردنية للبناء' التي قد تمس المجال السياسي ممّا قد يؤدي إلى احتمال التقاطع مع قرارات الحركة الإسلامية بهذا الشأن واحتمال نشوء المعارضة أو المناقضة!!.
مع أنّ هذا الأمر مسبوق في تجربة (جبهة الإصلاح الوطني) التي تعنى بالجانب السياسي، وتصدر قرارات سياسية قد تتعارض مع الحركة الإسلامية، وقد تتوافق معها، وقد حدث هذا فعلاً، عندما أصدرت الجبهة الوطنية قراراً بعدم المشاركة بمسيرة (5 /10/ 2012م) المشهورة، مع أنّ الحركة الإسلامية لها مندوبون في الهيئة التنفيذية العليا للجبهة، ولكن الحركة لم تتحسس من هذا الجسم السياسي.
الأمر الأكثر خطورة الذي يستحق الحوار والمناقشة العميقة والمستفيضة والتوقف الذي يقتضي المراجعة الحقيقية هذا الفهم الطارئ والمخالف لفكر الحركة الإسلامية، ومنهج عملها، وما نص عليه الإمام الشهيد المؤسس في رسائله.
إنّ تحويل الحركة الإسلامية إلى مجرد حزب سياسي أضرّ بالحركة إضراراً بالغاً، والإصرار على تحويل فكرة الإحياء الحضاري للأمّة، إلى مجرد فئة سياسية وتنظيم مستغرق في العمل السياسي على هذا النحو أدّى إلى تقزيم الحركة وأدّى إلى ضعف انتشارها وخراب مؤسساتها الاجتماعية، وانهيار وجودها المتجذر في المجتمع، وطغى على سطحها الممارسات الخاطئة التي تفتقر إلى الفكر وتفتقر إلى الروح، وحوّلها إلى ساحة للصراع والتنافس مع الأطراف السياسية على بعض المكاسب.
ليس المقصود هجران السياسة، وإنّما المقصود أن لا يطغى المجال السياسي على عمل الجماعة ومجالاتها الأخرى، التي لا تقل أهميّة عن الاشتغال بالسياسة، بل تزيد، ممّا يستوجب إعادة النظر بالأوزان الحقيقية لمجالات العمل المختلفة .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
09-12-2012 11:51 PM

ارحيل الغرايبه رجل رشيد ومفكر معتدل لكن هل سيتمكن من الافلات من حمزه وهمام وبني ارشيد نتمنى له التوفيق في مسعاه الخير لانه رجل خير

2) تعليق بواسطة :
10-12-2012 01:25 AM

هل من الممكن أنْ يكون الدكتور رحيل غرايبة رجل المرحلة القادمة والنظيفة للإخوان ؟؟امنى ذلك حتى نتخلص من كابوس الظلامية والإقصائية والتخوين وشعار من ليس معنا فهو ضدنا ,
ومع ذلك فهناك نقاط تحتاج الى تعليق ليس عيباً في المقال بل للقول بأنّ تلك الأمور الإجتماعية والإنسانية التي نوّه اليها الدكتور الفاضل هي التي أدت الى الإنتشار الأُفقي الواسع للإخوان في الأردن , وتنامي وجودهم وتغلغلهم في المجتمع الأردني , وكان على الدكتور أن يوضح أنّ تلك المؤسسات والمدارس والجمعيات والمستشفيات ما كانت لتتم دون موافقة الحكومات الأردنية المتعاقبة تسهيلاً لهم بهدف مجابهتهم ومواجهتهم لباقي التوجهات الحزبية الأُخرى , وكان على الدكتور أن يقول بأمانة بأنّ صقور الإخوان قد استولوا على كامل هيئات التنظيم واستلموا دفة القيادة وحوّلو الإخوان الى تنظيم سياسي محض بعدما استفادوا من ركوب ظهر العمل الإجتماعي تطبيقا حرفياً للميكافيللية البغيضة .
وعليه فمقال الدكتور غرايبة بالنسبة لي هو بمثابة جرس إنذار لإخوان الأردن , فإمـّا وإمـّا

3) تعليق بواسطة :
10-12-2012 09:34 AM

شيء عجيب ؛ خالد مشعل خرج علينا بنظريه ثوريه جديده مفادها انه جعل من الرجعيه العربيه والتخلف الخليجي مرجعيته للمقاومه متجاهلآ التناقض المصيري بين هذه الإنظمه ومبدأ المقاومه,
والسيد رحيل الغرايبه يخرج علينا الآن أيظآ بنظريه جديده مفادها ان الجاهليه هي طريق التطور الإجتماعي والسياسي والإقتصادي لذالك الحل هو نظرية الإسلام السياسي أي سياسة الإستحواذ والإنتهازيه وتكفير الأخرين كما نراه وبوضوح تام في مصر وتونس الأن ..!!
إعذرني أيها الكاتب انا لااستطيع مطلقآ ان أحترم كل هذه التناقضات والمفارقات والمغالطات في طروحات ومفاهيم إسلامكم السياسي ! أين موقفكم الأن من الشعب المصري الثائر ضد دكتاتورية وتسلط رئيس مصر ؟ قبل سنه كان شعب ثائر عظيم واليوم نفس هذا الشعب العظيم اصبح في نظر الإسلام السياسي بلطجي ! اليس هذا إقصاء وتسلط ودكتاتوريه يادكتور ؟

4) تعليق بواسطة :
10-12-2012 08:59 PM

المصيبة يا دكنور ارحيل أن مفهوم الحزب لدينا هو حوصلة فكرية لا يسمح للعضو أن يفكر خارج كيان الحزب سواء كان اسلامي أو غيره،والعضو المخلص هو الذي لا يفكر. الحل:

1. تحويل فكر الأحزاب من أحزاب فكرية ايدولوجية الى أحزاب تنظيم عمل فقط وتنسيق مواقف استنادا لرؤى مشتركة.

2. الغاء كل الكوادر الحزبية والتجمعات الحزبية الضيقة.

3. اعتماد اللامركزية في العمل والتفكير والنشاط الاجتماعي، كل يعمل كما يريد في منطقته وبين أقاربه، ويفكر ويجتهد ، وهذا هو روح الاسلام العملي وعلى هذا الأساس نشأت المذاهب والاجتهادات وتعددت قوافل العلماء.

4. العمل باسم الدين بدون تفقه من مدرسه دينية معتبره هو انتحال لشخصية عالم الدين وهذه كبيره لا تغتفر، يجب ترك الفقه الديني لعلماء الدين، ولذا فعلماء الدين الأفاضل لا تجدهم حزبيين.

5. الفكر الحزبي من أساسه لا يناسب مجتمعاتنا العربية الاسلامية، فهي منظمة حزبيا. والحزبية لدينا خروج على المألوف الاجتماعي.

الطريقة الحالية التي نشهدها من تنظيمات حزبية هي مجرد امراض اجتماعية لاناس ليس لهم مكان في العائلة أو العشيرة أو الوطن ويجدوا مهربا لهم في التحوصل الحزبي.

التفكير الحزبي الضيق مسموح به ومحبب في حالة المطاردة الفكرية للمؤمنين والمسلمين وعدم اعتراف بالدين والعمل السياسي وهذا لا وجود له في بلدنا في الحاضر وعلى أساسه يجب أن تلغى الجماعة وتتطور لتنظيم تنسيقي منفتح على الناس ومفتوح يتفق مع التركيبات السكانية والأبعاد الاجتماعية والعشائرية للبلد. وبلا زعامات بأحلام وردية. والله ولي التوفيق.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012