أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


تقديرات أردنية حول سورية

بقلم : ناهض حتر
23-12-2012 11:56 PM
على رغم ما تشهده سورية من تصعيد عسكري وأمني، فإن التقديرات الاستراتيجية الأردنية، لا تزال ترى أنه لا توجد معطيات جدية تسمح بتحقيق المعارضة المسلحة، نصرا على نظام الرئيس بشار الأسد الذي 'يستطيع الصمود في المعركة، عامين آخرين، ولكن بشرطين هما عدم حصول تدخل عسكري خارجي مباشر، واستمرار تدفق المساعدات العسكرية والأمنية، الروسية والإيرانية، في مستواها الحالي'.
مخاوف عمّان تتعلق بالاقتصاد واللوجستيات. وفي التقديرات، سوف تواجه سورية، ثلاث مشاكل جدية، اعتبارا من ربيع 2013، من شأنها الإضرار العميق بصمود الدولة السورية، وهي: (1) تناقص الأموال ـ بالقطع الأجنبي ـ إلى ما دون القدرة على إدارة الحرب. وحل هذه المشكلة يتوقف على الدعم الإيراني والعراقي، (2) وتدني الانتاجية إلى حدود غير اقتصادية أو حتى التعطل الكامل لعجلة الانتاج. وتجاوز هذا الوضع يعتمد على قدرة السوريين على توفير حصانة أمنية عاجلة لمناطق خارج القتال وخارج الاستهدافات الإرهابية، (3) وتزايد صعوبات توزيع السلع والخدمات على المستوى الوطني، مما يتطلب التركيز على خطة تأمين شبكة المواصلات الرئيسية الداخلية.
المعارضة السورية المسلحة لن تستطيع تحقيق فوز عسكري؛ ولذلك، فإن خطط الأجهزة الاستخبارية الغربية والإقليمية التي تدير المسلحين ميدانيا، تهدف إلى استنزاف القدرات المالية والاقتصادية السورية، والحيلولة دون وجود مناطق آمنة، وتقطيع شبكة الطرق الدولية والقطارات، ليس بالسيطرة المباشرة الدائمةـ غير الممكنة ـ عليها، ولكن بجعلها غير سالكة.
على هذه الخلفية، نستطيع أن نفهم الرفض العنيف الذي أبداه الإخوان المسلمون السوريون ـ وهم يشكلون النواة السياسية للمعارضة المسلحة ـ لقرار حلفائهم الأميركيين، إدراج ' جبهة النصرة ' المرتبطة بتنظيم ' القاعدة'، على قائمة المنظمات الإرهابية؛ فالدور المنوط بـ' جبهة النصرة'، مركزي في خطة تقويض النظام السوري. وذلك، لأن قدرتها على القيام بالتفجيرات الانتحارية، المترافقة مع هجمات انتحاريين داخل خطوط سيطرة النظام، هي التي تمنع التحصين الأمني للمناطق وطرق المواصلات، وتقوّض الاقتصاد، وقدرة المواطنين على عيش الحياة الاعتيادية، وتدفع أقساما متزايدة منهم إلى فقدان الثقة والنزوح والاستعداد للهجرة بما يؤمن نجاح خطط التطهير الطائفي والمذهبي.
انتحاريو ' النصرة'، بعديدهم المتزايد وتصاعد أدوارهم النوعية في سورية، يقلقون المسؤولين الأمنيين الأردنيين الذين يركزون معظم جهودهم لمنع السيولة الإرهابية عبر الحدود، ذهابا وإيابا، لكن القلق أكبر على المستوى السياسي من أن تؤول سورية إلى دولة فاشلة تكون 'جبهة النصرة'، القوة الرئيسية فيها. وهي نتيجة حتمية في حال سقوط النظام السوري، بسبب ما تلعبه الآن من أدوار حاسمة في الحرب، وما تختزنه، إقليميا ودوليا، من موارد بشرية غير محدودة، وما تملكه من موارد مالية وتسليحية لا تنضب من شبكة الدول الخليجية الداعمة.
أفغانستان جديدة في سورية، وفق مصادر أردنية رفيعة، ستؤدي إلى انزياح الحركة الإخوانية نحو الاقتراب وربما التداخل مع ' القاعدة'، وسوف ينشأ عن ذلك كله، خطر داهم لا يهدد، فقط، استقرار الشرق الأوسط، بل يهدد، أيضا، الجار الأوروبي عبر البحر المتوسط، سواء في غزوات بحرية انتحارية أو في تأمين قاعدة عمليات للسلفيين الجهاديين من مواطني أوروبا. وتقوم الدبلوماسية الأردنية، وفقا للمصادر نفسها، بمحاولات حثيثة لعرض المعطيات والهواجس السابقة على مسامع القوى الغربية، أملا بتلافي هذا المصير، ودعم التوجهات نحو تسوية سلمية في البلد الجار.
ألفباء الشرعية الانتخابية أنها دنيوية ومؤقتة ومقيّدة، قانونيا وسياسيا، وتخضع، تاليا، لسلطة القضاء وشرعية المعارضة. وأساس ذلك أن الشرعية الانتخابية هي (1) شرعية متحركة ، من حيث أن عمرها يمتد حتى الانتخابات التالية لا غير، (2) وشرعية منقوصة بالضرورة، من حيث أنها تمثل الأغلبية ( النصف زائد) ولا تمثّل الإجماع، (3) وشرعية سياسية، من حيث أنها تفويض مؤقت بتطبيق سياسات، وليست تفويضا بفرض صيغة أيديولوجية .

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012