|
|
التباسات غامضة
بقلم : ناهض حتر
30-12-2012 11:24 PM استقبل وزير الخارجية، ناصر جودة، الأحد، المنشق السوري، رياض حجاب، ومنحه دورا مهما ' في قوى الثورة السورية'، وذكره بأن الحكومة الأردنية تؤكد موقفها مع قرار جامعة الدول العربية، الذي يعتبر ائتلاف الدوحة للمعارضة الخارجية السورية ، ممثلا للشعب السوري. أهو استقبال دبلوماسي روتيني للمنشق السوري ، أم أنها خطوة سياسية تؤذن بتغيير في الموقف الأردني المحايد من الأزمة السورية؟ إذا كانت مقابلة روتينية.. فما هو الداعي لتصريحات جودة الملتبسة التي تسيء لصورة الأردن ومواقفه وتفتّ في عضد تفاهمات داخلية قائمة، عبّر الناطق باسم الحكومة، سميح المعايطة، عنها، السبت الماضي، حين أكّد على الحياد الأردني إزاء سورية بعبارات قاطعة. فهل يصرّح كل وزير في الحكومة على حسابه أم أن هناك صراعا بين اتجاهين نحو سورية؟ لقد تُهنا .. ولم نعد نفهم الالتباسات الغامضة للسياسة الخارجية الأردنية. أيكون الموقف الأردني من الأزمة السورية، قد انقلب في 24 ساعة؟ وكيف نستنتج معنى الخلاف النوعي بين الخطاب الملكي نحو سورية وخطاب جودة الذي يقترب من الخطاب القطري؟ وكيف تكون عمان حريصة على الحل السلمي وتدعم، في الوقت نفسه، ائتلافا يرفض الحوار ويواصل القتل والقتال والأعمال الإرهابية، ويطالب، يوميا، بالتدخل العسكري الأجنبي؟ إذا كانت الخطوة في حدود البحث عن دور في المفاوضات الدولية والإقليمية الجارية للتوصل إلى تسوية في سورية، فهي خطوة بالغة السطحية، ذلك أن حجاب ليس العنوان ولا هو من النافذين في الائتلاف المسمى قوى الثورة والمعارضة السورية، ولا يشكّل، بالتالي، مدخلا مناسبا لدور أردني. ففي ذلك الائتلاف، قوة مركزية مهيمنة هي الإخوان المسلمون الخاضعون لترتيبات قَطرية ـ تركية ـ أميركية، والمرتبطون، ميدانيا، بتحالف مع الجهاديين السلفيين. فهل يعتقد جودة أن عمان تستطيع التأثير على هذه الترتيبات من خلال حجاب؟ أم إن عمان تريد أن تصنع من حجاب، شيئا ما، وانتزعت له وعدا أميركيا بذلك؟ والسؤال هو كيف ؟ هل ستقدم له تسهيلات؟ من حيث المبدأ، ليس لنا اعتراض على مداخلة أردنية على خط مفاوضات التسوية السورية، بل نجدها ضرورية. ولكن، لكي تكون هذه المداخلة ذات وزن جدي، فعليها اللعب خارج الملعب القَطري ـ التركي أو السعودي. يلتزم الأردن، حتى الآن، بسياسة رفض التدخل العسكري ورفض الإرهاب والدعوة إلى حل سلمي للأزمة يحفظ كيان الدولة السورية. وانطلاقا من هذه الخلفية، يمكن للأردن أن يلعب، تحت الشمس، دورا إيجابيا من خلال تعزيز الاتصالات والتنسيق مع روسيا التي تدير ملف الأزمة على أسس مناسبة للسياسة الأردنية. بالنسبة للمعارضة، يمكن لعمان أن تمد يدها نحو المعارضة الوطنية السلمية الممثلة في ' هيئة التنسيق' برئاسة هيثم مناع، كما يمكنها أن تبدأ بإقامة صلات غير رسمية مع قوى المعارضة المشاركة في الحكومة السورية مثل نائب رئيس الوزراء، قدري جميل، ووزير المصالحة الوطنية، علي حيدر، وكذلك، بالطبع، مع النظام السوري الذي لا يزال يملك الشرعية القانونية والقوة الميدانية التي تحول دون أي تسوية من دونه. والمباحثات مع هذه الأطراف هي التي تمنح عمان موقعا في التطورات، وتتكفل بالبحث عن حلول واقعية لمشكلة تفاقم الهجرة السورية نحو الأردن. حجاب، في الأخير، مجرد موظف سابق لدى النظام السوري، وليس له حيثية مستقلة ذات وزن. والتفكير في السعي الى اصطناع هذه الأداة، يعزل عمّان عن التأثير الفعلي. لا حل في سورية من دون الرئيس بشار الأسد ونظامه. والقبول بهذه الحقيقة هو، وحده، الذي يفتح الباب أمام التسوية، ويمنح لأي كان دورا فيها.
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|