أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


حوار خطير!

بقلم : د.محمد ابو رمان
04-01-2013 12:19 AM
القيمة السياسية والتاريخية لكتاب 'من بلاط الشاه إلى سجون الثورة' (للمفكّر الإيراني إحسان نراغي، والصادر عن دار الساقي) لا تقف عند حدود تسجيل وتوثيق حوار تاريخي مهم بين المؤلف وشاه إيران عشية تلك الثورة الإسلامية هناك في العام 1979، بل تتعدّى ذلك إلى لحظة الربيع الديمقراطي العربي، لتقدّم 'مشاكلة' عميقة بين المشهدين العربي والإيراني، بدرجة تذهل القارئ وتصيبه بالوجوم.ربما استدعاء هذا الحوار الفريد في اللحظة الراهنة هو بدافع التساؤل: فيما لو قُدِّر لزين العابدين بن علي وحسني مبارك وبشار الأسد تصفّح هذا الكتاب (الذي صدرت طبعته الأولى في العقد التاسع من القرن العشرين، وطبعته الثالثة في العام الماضي)، وما وثّقه من حوار؛ هل كانوا سيدركون أنّ الثورة تطرق أبوابهم؟!ينقسم كتاب نراغي (عالم الاجتماع الإيراني) إلى قسمين رئيسين: في الأول يوثّق أحاديث مثيرة ومعمّقة جرت بينه -بوصفه مثقّفاً نقدياً- وبين الشاه، وفي الثاني ينقل تجربته في سجون الثورة الإسلامية بعد رحيل الشاه.في القسم الثاني قيمة أدبية وفنية جميلة، تنقل مشهد السجن وما يحتضنه من انفعالات وتفاعلات اجتماعية ونفسية. إلاّ أنّ القيمة السياسية والتاريخية تبدو أكثر تجلياً مع القسم الأول؛ إذ يقدّم لنا نراغي وقائع ثمانية أحاديث بينه وبين الشاه، وبعضها مع زوجة الشاه، حول أسباب الاحتجاجات والإضرابات ودوافع ارتفاع حركة المعارضة في البلاد.وربما 'خدعة العنوان' تكمن في أنّ الرجل لم يكن في 'بلاط الشاه' باعتباره من النخبة السياسية أو العسكرية التي تحظى بالدلال والحكم، وتنعم بالسلطة والجاه والمال، بل كان معارضاً ونقدياً لحكم الشاه، ولعل هذا ما دفع بالشاه، مع ارتفاع حركة الاحتجاجات، إلى الالتقاء به، في محاولة لفهم وإدراك ما يجري حوله، بدلاً من الاعتماد فقط على التقارير الأمنية، أو ما يهمس به المسؤولون المقرّبون منه، وربما الذين أوصلوه –لجبنهم وانتهازيتهم- إلى تلك الحالة السياسية المأزومة.المثير في تلك النقاشات ومشاكلتها للربيع العربي، وما حدث في دول مثل مصر وتونس، واليوم في سورية، هو حالة 'الإنكار' التي يعيشها الحكّام، وإصرارهم دوماً على النظر بريبة وتشكيك واستهتار لمطالب المعارضة والاحتجاجات، والرد عليها بالإشارة فقط إلى ما يعتبره هؤلاء الحكام 'إنجازات' قدّموها لشعوبهم ومجتمعاتهم، بدون النظر إلى الجوانب الأخرى الأكثر خطورة، مثل موضوع فساد الحاشية والأقرباء، والاستبداد السياسي، والفجوة الطبقية، وتغوّل الأجهزة الأمنية والتعذيب والاعتقالات بحق المعارضين والمحتجين.ما يزيد على ثلاثة عقود هي الفترة التاريخية التي تفصل ثورة إيران عن الثورات الديمقراطية العربية الأخيرة. إلاّ أنّ القراءة المتمعّنة في كتاب إحسان نراغي تتيح رؤية مشهد متشابك، على درجات متفاوتة، مع النظام الرسمي العربي عشية العام 2011؛ سواء لناحية تطوّر خط الاحتجاجات وأسبابها، أو حتى لناحية تحوّلات موقف الشاه نفسه من الثورة، وصولاً إلى الرحيل الكبير؛ فالحوار الذي تضمه جنبات الكتاب على درجة عالية من الخطورة والأهمية التاريخية والسياسية.يضيف المفكّر الكبير محمد أركون أهمية أخرى على هذه 'النصوص'، تتمثّل في التقديم الرائع الذي وضعه للكتاب، بخاصة عندما يطرح  'نموذج المثقف المسلم نراغي' في مناخ 'ما قبل الثورة'؛ إذ يقف ما بين الشاه والثورة والقوى الإسلامية الثورية، عبر حوار أتاحته اللحظة الحرجة، يحمل نقداً موضوعياً رصيناً لسياسات الشاه وتجاوزاته، مقدّماً له رؤية أكثر صدقية وشفافية من تلك التي تحجبها عنه حاشيته، لكن بعد أن يكون القطار قد سار في طريق أخرى..!m.aburumman@alghad.jo

(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
04-01-2013 01:12 AM

الانظمه كالبشر تمر بفترات شبيهه...ولاده.. طفوله..مراهقه..نضج..شيخوخه..موت... والغريب انها بدل ان تأتي قي كل مرحله بما يغطي ضعفها فإنها في كل مرحله تستبدل رجالها بما يوائم تل المرحله و يجعلها حتميه

2) تعليق بواسطة :
04-01-2013 10:16 AM

محمد.. لمقولة "التاريخ يعيد نفسه" أرضية صلبة. في عالم السياسة تماما مثل ما هو عليه الأمر في عالم العلوم إذا توفرت في بلدين أو أكثر عناصر متشابهة في ظروف متماثلة تكون النتائج غالبا متطابقة حتى لو اختلف المكان والزمان. حقيقة ركز عليها القرآن الكريم في السور والآيات التي تناولت قصص أقوام سبقوا عهد الرسول الكريم وكذبوا رسلهم فحق عليهم الجميع العذاب، وإن اختلف الأسلوب إلا أن النتيجة كانت دوما واحدة: الهلاك. ما أحوجنا إلى الاعتبار! والعاقل من اتعظ بغيره.

3) تعليق بواسطة :
04-01-2013 01:43 PM

عندما كنت صغيرا واذهب مع والدي يوم الجمعة للصلاة كنت اسمع الخطيب في نهاية كل خطبة يدعو للحاكم بان يرزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتنهاه عن المنكر وفي احد ايام الجمعة سألت والدي ما الذي يقصده الشيخ بالبطانه فاجابني والدي البطانه هي الحاشية عندهازادني والدي فضولا طيب ماذا يعني بالحاشية فقال البطانه والحاشية الناس الذين يجلسون مع الحاكم ويعملون في ديوانه لكن بعد ان اصبح عمري الان ينوف عن الستين عاما بقي الخطيب وفي كل جمعة يردد نفس الدعاء اللهم هيء له البطانه الصالحة التي ان استعان بها اعانته وان نسي ذكرته لكن كل هذه السنين الم يسمع الحاكم خطبة الجمعة ام ان دعاء الخطيب غير مستجاب.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012