أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


خطاب الأسد، لحظة الحقيقة

بقلم : ناهض حتر
07-01-2013 11:27 PM
وجه الرئيس السوري بشار الأسد، خطابا شاملا للسوريين، الأحد، في دار الأوبرا بدمشق. كان واثقا وحيويا وقدّم أطروحة متماسكة محكمة لا يمكن لوطني سوري أن يرفضها. هناك، بالطبع، مَن استمرأ النظر إلى الأزمة السورية من منظور طائفي، وهناك مَن يغرق في المجادلة العقيمة. هذان الصنفان لن يفهما شيئا.
على كل حال، فإنها حرب. وفي الحرب لا مكان للمماحكات، بل لموازين القوى. وتشير هذه الموازين إلى أن نظام الرئيس الأسد لا يزال قادرا على خوض معركة عسكرية وأمنية طويلة في مواجهة تحالف دولي وإقليمي فظ لا يتقيد بالقانون الدولي، ويواصل شن الحرب ضد الدولة السورية، وعلى أرضها، بالمال والسلاح والمرتزقة، وبغطاء سياسي مكون من خليط من الأفكار الليبرالية والسلفية، ويرتكز إلى التحشيد الطائفي الصريح.
والتطور الحاصل اليوم، بعد ما يقرب من سنتين من الحرب، هو أن شرخا أصاب التحالف المعادي لسورية، وأذنَ بإمكانية حدوث تسوية جرى الكثير من الحوار حولها، فجاء خطاب الرئيس، من موقع الطرف الأقوى في المعادلة، ليضع النقاط على الحروف بشأن الممكن في تلك التسوية:
أولا، الفصل بين مجرى التسوية وخط مكافحة الإرهاب. وهو ما غدا ضرورة سوريّة وإقليمية ودولية؛ فبغض النظر عن أي اتجاه يأخذه حل الأزمة السورية، وبغض النظر عن مضمون وتركيبة أي حكومة تتولى الأمر في سورية اليوم، فإن مهمة استئصال الإرهاب المستوطن في البلاد، تبقى ماثلة. و شاءت الأطراف أم أبت ، يظل الجيش العربي السوري، الجهة الوحيدة القادرة على إنجاز المهمة الأولى على أي جدول أعمال متفق عليه في سورية. ويدين الجيش العربي السوري ـ قبل وبعد أن غدا ضرورة دولية ـ بالولاء السياسي للرئيس الأسد.
ثانيا، إقرار الميثاق الوطني، قبل نقل الصلاحيات وكمنطلق للمرحلة الانتقالية. وهو منطلق ضروري بالنسبة لكل الوطنيين السوريين ـ على اختلاف نزعاتهم الأيديولوجية ـ من أجل ضمان ألا تذهب التسوية بالثوابت الوطنية التي لا علاقة لها بالخلافات السياسية الداخلية: السيادة، فلا يكرّس الحل أي نفوذ أجنبي أو يفرض مشاريع أو يحقق أطماعا أجنبية في سوريا، والاستقلال، خصوصا إزاء أطراف الأزمة الإقليميين والدوليين، وتحرير الجولان ( وفق حدود 1967 وليس الحدود الانتدابية)، والحق في المقاومة ودعم المقاومة في فلسطين ولبنان، وعلمانية الدولة.
هذه الثوابت ليست محلا للحوار إلا لأولئك الخارجين عن صف الوطنية السورية. وهؤلاء ليس لهم مكان على طاولة الحوار الوطني في سورية. ومن ثم، فإن كل شيء متروك للتوافق، والأجندة، حسب القراءة المدققة للمبادرة، مفتوحة.
قدّم الأسد 'تنازلاته' إلى المجتمع السوري. لكنه، بالنسبة للخارج المعادي، فإنه لا تنازلات أبدا، لا في مضمون الدولة ولا في السياسات. وهنا، بالذات، أظهر الأسد المضمون الوطني لزعامته: إن ما يريد أن يضمنه هو استئصال الإرهاب، وتأكيد السيادة والحقوق السورية، وعلمانية الدولة التي بها وحدها تتحقق وحدة المجتمع والدولة في سورية. وبعد ذلك، فكل البدائل مطروحة، حيث ' المناصب تزول والأوطان تبقى' بنص كلامه.
لم يعد منصب الرئيس مشكلة جوهرية لمستقبل سورية، فقد يتجه الاجماع السوري، على الأرجح، إلى النظام البرلماني الذي يمنح الصلاحيات لرئيس الوزراء، أما إذا بقي النظام رئاسيا، فإن جميع التقديرات تقول إن الرئيس الأسد سيفوز في انتخابات حرة تحت الاشراف الدولي بما لا يقل عن 60 بالمائة من الأصوات. ومن حقه، وحق الأغلبية الجماهيرية التي تؤيده، الحصول على هذه الفرصة.

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012