أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


احتجاج مزدوج

بقلم : ناهض حتر
04-02-2013 12:30 AM
احتجاج المهندس عبدالهادي المجالي مزدوج؛ احتجاج على الدولة وعلى المجتمع معا. مرارة المجالي تجاه النظام السياسي مركّبة؛ فهو ـ وبغض النظر عن برنامجه وسلوكه السياسيين ـ نشط واستثمر في تحديث الحياة السياسية الأردنية من خلال العمل الحزبي المبكر منذ 1989، في سلسلة من التجارب، آخرها حزب التيار الوطني. لكن جهود المجالي لم تحظ بالرعاية الموازية، بل ربما واجهتها عراقيل من داخل النظام السياسي.
يستطيع المهندس المجالي أن يفخر على زملائه في البيروقراطية الأردنية، بأنه كان، طوال الوقت، إيجابيا وفعالا، بينما لاذ معظمهم بالمنصب أو بالمنزل. لكن منظور العمل الحزبي بالاستناد إلى جدار الدولة، تجاوزته التطورات، بل ربما كان الأصحّ القول إن تركيبة النظام السياسي الأردني لا تسمح، أساسا، بالارتكاز على حزب، مما يضيق الخيارات ويعصف بالمرونة اللازمة لإدارة مشهد بالغ التعقيد.
هل كان هناك تدخل مباشر في الانتخابات الأخيرة، ضد حزب التيار الوطني؟ من الصعوبة بمكان الإجابة على هذا السؤال بالإيجاب، لكن تشجيع تشكيل القوائم، حدث، حتى بلغت 61 قائمة فتتت الأصوات، وحجمت القوائم الكبيرة. وربما يعد المجالي ذلك سلوكا معاديا لحزبه، إنما أغلب الظن أن الهدف الأساسيّ كان تعزيز المشاركة. أخيرا، هل حظي حزب الوسط الإسلامي بدعم خاص؟ بالتأكيد. ليس بالضرورة خلال الحملة الانتخابية، ولكن منذ وقت طويل.
من الواضح أن حزب' الوسط الإسلامي'، الضعيف الحضور والتأثير، قد نال، نيابيا، أكثر بكثير من حجمه. ودعوة الحزب الآن إلى حكومة ائتلافية بمشاركة الإخوان المسلمين، وبرئاسة ' شخصية وطنية لها مرجعية إسلامية'، لا يمكن النظر إليها خارج سيناريو استخدام ' الوسط الإسلامي' لاستيعاب ' الإخوان'، وإعادة الاصطفاف السياسي في البلاد، خارج الانشقاقات المحلية والإقليمية.
وإذا سارت التطورات في هذا الاتجاه، فإن احتجاج المجالي سيكون نواة لاحتجاج الكثير من القوى والفعاليات، وسيكون النظام السياسي، عندها، أمام أزمة عميقة، تطاول أساسيات.
المجالي يشعر بالمرارة من المجتمع الأردني أيضا؛ أولا، تجاه جمهور الحزب. فنحن نتحدث عن حزب يزيد عديد أعضائه عن 4000 وله مقرات منتشرة في عمان و المحافظات، لكنه لم يتحرك، بفاعلية، أثناء الحملة الانتخابية. ولعل قفل تلك المقرات، هو قرار يعبّر عن خيبة الأمل بالعمل الحزبي وبالمحازبين معا. وثانيا، تجاه الجمهور الذي لم يمنح قائمة الحزب، الأصوات المتوقعة، في حين حصلت قوائم حديثة التشكيل على ضعف أصوات 'التيار الوطني'، وثالثا، ضد مجلس النواب الجديد المكوّن، في معظمه، من عناصر جديدة لا ينتظمها ناظم سياسي أو اجتماعي أو أمني.
قد يتشكل الحزب السياسي من عشرات، ولا يستطيع أن يخترق الندوة البرلمانية، لكنه يظل حاضرا في الشارع من خلال قدرته على التحشيد الشعبي والمبادرة السياسية، لكن وجود 'حزب التيار الوطني' خارج البرلمان، يعني خروجه من السياسة، فلا هو قادر على التحشيد ولا إطلاق المبادرات والأفكار المستقلة الفاعلة .

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012