أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


"أهلا بالأشقاء"

بقلم : ناهض حتر
06-02-2013 12:50 AM
أسئلة مطروحة بقوة، وهواجس لا يمكن إقصاؤها، تفجرها التسهيلات الأردنية المستجدة التي تسمح بتدفقات اللاجئين المتزايدة إلى البلاد. إنه قرار سياسي ربما يلخصه مقال للأمير حسن بن طلال، نُشر هذا الأسبوع، وعنوانه' أهلا بالأشقاء في أرض الرباط'! ومن المعروف أن الترحيب بالأشقاء اللاجئين هو استراتيجية اتبعتها عمان منذ 1948 في استقبال مهاجرين من فلسطين ولبنان والكويت والعراق، والآن من سوريا، سوريين وفلسطينيين.
في الأسبوعين الأخيرين، لوحظت زيادة دراماتيكية في أعداد اللاجئين السوريين القادمين إلى الأردن. وبالاستقصاء، تبيّن أنه لم يحدث، في الفترة نفسها، ما يبرر تلك الزيادة من عمليات عسكرية أو أمنية في المناطق التي تصدّر أولئك اللاجئين. في الواقع، اللجوء يتم بقرار اختياري، وليس تحت ضغط الأحداث. وكل ما في الأمر، هو أن قرارا سياسيا أردنيا قد صدر بتسهيل عبور اللاجئين. القرار وصل إلى الشبكات المعنية بتجارة البشر في سوريا، فبدأ التدفق الكثيف اليومي غير المسبوق. وتحت الطاولة، هناك شكوك قوية في أن يكون من بين دفقات الهجرة الأخيرة، عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من المخيمات السورية، خصوصا مخيم اليرموك، ممن استطاعوا الحصول على وثائق سورية مزورة، يجري غض الطرف، أردنيا، عن صحتها.
التفسير الأول الذي يتبادر إلى الأذهان هو أن القرار الأردني بفتح باب اللجوء على مصراعيه، أتى بعد وعود المانحين بالمساعدات؛ سيكون على عمان، إذاً، أن تزيد في حصتها من اللاجئين للحصول على المزيد من الأموال. لكنه تفسير سطحي؛ هناك شيء ما في الكواليس. أهو شكل ـ ما تزال سياقاته غامضة ـ للتدخل في الأزمة السورية عبر تضخيم حجم اللاجئين؟ أم أن عمّان تستجيب لضغوط من أطراف في المعارضة السورية التي تستخدم ورقة اللجوء سياسيا؟ وعلى وجه الدقة: هل هناك خطة لتوسيع قاعدة رئيس الوزراء المنشق، المقرّب من عمان، رياض حجاب؟ أم أن هناك قرارا يشي بتحسين الدور الأردني في الملف الفلسطيني من خلال تقديم خدمة للسلطة وحماس، باستضافة اللاجئين الفلسطينيين من سوريا؟
تعكس الرغبة في اللجوء إلى الأقطار المجاورة، وخصوصا الأردن، ميولا للهجرة لدى الريفيين السوريين الذين أفقرتهم سياسات الليبرالية الجديدة المتبعة في سوريا خلال العقد الأخير، هربا من التهميش المضني، وبحثا عن فرص معيشية جديدة. وقد وجد العديد من هؤلاء أنفسهم، بسبب الحرب الداخلية المشتعلة في بلدهم، في وضع اقتصادي أسوأ. وهذا هو السر في تدفق اللاجئين السوريين إلى الخارج، من دون أن تكون هناك دواعي أمنية موازية. هؤلاء مهاجرون اقتصاديون بالدرجة الأولى. وهم ينوون، بالتالي، الاستقرار في بلد اللجوء. ولذلك، فإن الآلاف منهم يقدمون الرشا إلى شبكات متخصصة في تهريبهم من المخيمات إلى الداخل الأردني. وهذا كل ما هو مطلوب للتوطن؛ فوفقا للاتفاقات الأردنية ـ السورية التقليدية، لا يحتاج مواطنو كلا البلدين إلى إقامات أو تصاريح عمل في البلد الآخر. وإلى جانب الباحثين عن فرص العمل، هناك الباحثون عن فرص استثمارية من البرجوازية السورية التي بدأت، بالفعل، توسيع نشاطها في الأردن .

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012