أضف إلى المفضلة
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025
الخميس , 16 كانون الثاني/يناير 2025


مصر.. نظرة من الخارج

بقلم : د. رحيّل غرايبة
06-02-2013 11:03 PM
ما يجرى في مصر يؤكد بشكل قاطع أنّ الوصول إلى السلطة أو استلام مقعد الرئاسة لا يمثل الانتصار الحقيقي لأي طرف، ولا يعبّر عن امتلاك القدرة على التغيير حتى لو كان ذلك عن طريق الانتخاب وصناديق الاقتراع بأغلبية كبيرة أو ضئيلة؛ فالمسألة أكثر تعقيداً ممّا يظنّ كثير من الناس المنشغلين بالهمّ الإصلاحي والمجال السياسي.
الأمر البدهي والمتفق عليه أنّ عملية البناء مسألة شاقة وطويلة الأمد، تحتاج إلى جهود جماعية كبيرة، وسنوات طويلة، واستقرار سياسي، وتماسك اجتماعي، وتعاون وثيق وايجابي بين القوى السياسية، خاصة في المراحل الأولى التي يعبّر عنها بعنق الزجاجة، أمّا بخصوص عملية إعادة البناء فهي أشدّ صعوبة وأكثر تعقيداً من البناء نفسه، في ظل وجود دولة مصرية عريقة ممتدة عبر عقود من السنوات، وعبر نظام سياسي مستبد طويل الأمد، استطاع عبر الزمان صياغة مجتمع وبناء ثقافة وإقامة مؤسسات قائمة على تقاليد وأعراف راسخة وبيروقراطية عميقة متوارثة عبر الأجيال.
فمهمّة الرئيس ـ أي رئيس ـ ينتمي إلى معسكر التغيير سوف تكون في غاية الصعوبة والتعقيد بكلّ تأكيد، وإذا أضيف إلى ما سبق انقسام سياسي حاد، وتمزق مجتمعي عميق، وتدخل خارجي، وفقدان الحدّ الأدنى من التوافق بين الأحزاب والأطراف الفاعلة والمؤثرة في المشهد السياسي المصري إضافة إلى طموحات الشعب المصري الكبيرة واللامتناهية، والمطالب التي يراد تحقيقها فوراً، فكل ذلك سوف يسهم في إرباك المشهد وقتامة الأفق.
حلحلة المشهد المصري يحتاج إلى جملة من الثوابت التي ينبغي أن تكون محلاً للتوافق والإجماع؛ أولها الايمان العميق بأنّ طرفاً واحداً لا يستطيع ولن يتمكن من إدارة شؤون الدولة بشكلٍ مستقلٍ ومنفرد، فلا بدّ من الوصول إلى صيغة تشاركية تعاونية بين الأطراف السياسية المؤثرة والفاعلة في المعادلة السياسية المصريّة، وهذا يحتاج إلى تفهّم أولاً للمبدأ، وبعد ذلك يحتاج إلى اعتراف بالآخر واحترام للرأي المخالف، ويحتاج إلى تنازلات مؤلمة أحياناً.
ثانيها، لا بد من وجود مرجعية وطنية عليا، تتمثل بمنظومة القيم والثوابت الوطنية، وقواعد العمل السياسي الكبرى التي تخضع لها كلّ الجماعات والأحزاب والهيئات والمكونات المجتمعية، ولا يجوز الخروج عليها أو اختراقها، أو التهاون في الاحتكام إليها، وليس هناك مجتمع بشري يستطيع العيش والاستمرار بالحياة، دون الاعتراف بهذه المرجعية الوطنية العليا، مهما كانت درجة التباين والاختلاف في الرؤى السياسية والمناهج الفكريّة.
ثالثها، بذل الجهد الأكبر في معالجة الانقسام المجتمعي والسياسي من خلال التركيز على الأجيال الجديدة، والتركيز على إعادة البناء الاجتماعي، وتعزيز أواصر الوحدة بشكلٍ منهجيٍ ومدروس ومخطط له بعناية؛ لأنّ النجاح السياسي ثمرة من ثمرات البناء الاجتماعي السليم.
رابعها، تبنّي الفهم الواسع للإسلام، الذي يشكّل الهوية الثقافية الجامعة للأمّة، وتبنّي المنهج الفكري الذي يجعل من الإسلام عامل وحدة وتعاون وتراحم وتسامح وليس عامل فرقة واختلاف وتنازع وتنافر، وهذا يحتاج إلى فلسفة جديدة في الأدوات والوسائل والأساليب وأشكال العمل السياسي، تقوم بجوهرها على حمل الفكرة وخدمتها، وليس الاتكّاء عليها والاستثمار فيها .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-02-2013 12:49 PM

هذا مبدأ جبهة الانقاذ في مصر فلا هم يريحون الشعب ولا هم اعطوا الحل فالشعب في حركه مستمره للخلاص دون جدوى.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012