أضف إلى المفضلة
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025
شريط الاخبار
بحث
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025


حتى العصافير تغيّرت

بقلم : احمد حسن الزعبي
31-03-2013 01:01 AM
قررت أول أمس أن أخلع من عمري عقدين..وأتسكّع كما كنت بين الحارات والزواريب الضيقة ، أن أطرح التحية على الجالسين أمام بيوتهم وقت المساء ، على القواعد من النساء اللاتي يُمعنّ التفرّس بالوجوه على وقع حبّات المسبحة..على الاطفال الذين يلعبون «السبع حجار»، على الجار الذي يجالس الجار..لكن كلما قرصت الطريق أطراف أصابعي أوغلت عيناي في الوحشة .. فكل شيء بدا صامتاً مغلقاً مبهماً ، مثل لوحة على جدار...
**
بين الحارات ..لم أر صبية واحدة تترك النافذة مواربة لترى المحبوب ، او سيدة تقطب وجه «المخدّة « على درجات الدار..أو «زرّيعة» تندلق حزناً على الغروب ، لم أر أولاداً تتناوب على ضربات الجزاء أو حارس مرمى من غير حذاء ..
لم أر ذلك «الحجي» الذي يرتدي فروته بين العشب مراقباً خرافه السبعة..ولا ذلك الطفل الذي نسي من فرطِ اللعبِ على خدّه دمعة..لم أر الفرْشات المنشورة على «البلاكين» ، ولم أشاهد الجولة التقليدية لدجاجات «أم أسماعين»..لم أسمع صوتاً «للتراكتر» أو الحظ على الحيطان القديمة عفناً «أخضر».. لا دولاب مثقوباً قرب الباب، لا «جنط للبكم» ، لا حطباً قرب الطابون ولا حطّاب..
بين الحارات..بحثت عن كل الذين اشتهي رؤيتهم فلم أجد..عن دكّانة معتمة تبيع «بزر البطّيخ «بالحفنة..عن امرأة تَسْربُ على ركبتها القمح استعداداً «للطحنة»..عن تسعينية تلم بأصابعها عروق «الكزبرة»..وتقول عن عمرها الطويل ما «أقصره»!!..عن «فرّان» يحضّر لعجنة الغد..عن عاشق تجمّدت أصابعه عند عبارة «أما بعد»...عن لملمة الغسيل من الحبال ...عن تثاؤب «الصيرة» بأجراس «الحلال»..عن ضوء الجامع الكبير ، عن صوت الريح و بعض الصفير...عن ولد يضرب بشبابته عمود الكهرباء فيطرب المساء...بين الحارات بحثت عن وطني القديم المخبأ في ريش قُبّرة ..النابت على ضفاف مقبرة ..المطوي في أكمام الغيوم، المعلّق على مشاجب الهموم...فلم أجد..
بين الحارات بحثت عن «سنونوة» ما زالت تجيد الزقزقة...وتخيط عند الغروب قميص السماء الأزرق..كنت أبحث عن «سنونوة» لم تغيرها الأيام او تحبطها البيوت المغلقة...
في زمن النوافذ «المسكّرة» ..في زمن «الكمكرة»...حتى العصافير تغيّرت..وصارت تقرأ السماء «سايلنت ريدنج»..وتطير حسب «المفكّرة»..
(الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
31-03-2013 03:50 AM

وعيفنا سكوتك
صدقت نفسك او ماشابه
ابر التخدير الصينية فقدت مفعولها واسال محمد للشواقفة قبلك بثلاثين سنة
اذهب للنوم مبكرا

2) تعليق بواسطة :
31-03-2013 04:09 AM

قد يكون من المناسب التذكير بالرائعة التالية فالشيء بالشيء يذكر!

لماذا تغير طعم التفاح؟!!!

زمان كانت أسماؤنا أحلى... حين النساء أكثر أنوثة، ورائحة الباميا تتسرب من شبابيك البيوت، وساعة "الجوفيال" في يد الأب العجوز أغلى أجهزة البيت سعراً وأكثرها حداثة، وحبات المطر أكثر اكتنازاً بالماء.زمان .. حين أخبار الثامنة أقلّ دماً، ومذاق الشمس في أفواهنا أطيب، وطريق "المصدار" أقل ازدحاماً بشاحنات الأثاث، وبنات المدارس يخبئن أنوثتهن في صفحات دفتر العلوم.لما كانت غمزة "سميرة توفيق" أكثر مشاهد التلفزيون جرأة، و"مجلس النواب" حلماً يداعب اليسار المتشدد، وأجرة الباص قرشين، والصحف تنشر كل أسماء الناجحين بالتوجيهي.عندما كان المزراب يخزّن ماء الشتاء في البراميل، وكُتّاب القصة ينشرون مجموعات مشتركة، وحلو العرس يوزع في كؤوس زجاجية هشّة تسمى "مطبقانيات"، والجارة تمدّ يدها فجرا من خلف الباب بكوب شاي ساخن للزبّال فيمسح عرقه ويستظلّ بالجدار!زمان.. عندما كانت "الشونة الشمالية" آخر الدنيا، و"فكر واربح" أهم برامج المسابقات، ولم نكن نعرف بعد أن ثمة فاكهة تتطابق بالاسم مع منظف الأحذية "الكيوي"، وأننا يوماً ما سنخلع جهاز الهاتف من شروشه ونحمله في جيوبنا!!كانت "القضامة المالحة" توصف علاجاً للمغص، والأولاد يقبّلون يد الجار صباح العيد، والبوط الصيني في مقدمة أحلام الطلبة المتفوقين!كانت "أخبار الأسبوع" لصاحبها عبد الحفيظ محمد أهم الصحف وأجرأها على الإطلاق، و"ألمانيا" بلد الأحلام، وصورة المطربة صباح على ظهر المرآة اليدوية المعلقة على الحائط.حين تصحو على صوت "مازن القبج" أو"سمرا عبد المجيد" وظهرا تسمع "كوثر النشاشيبي" ومساء تترقب "ابراهيم السمان"... والتلفزيون يغلق شاشته في موعد محدد مثل أي محل أو مطعم!عندما "مدينة الأهلي للالعاب السياحية" في رأس العين هي وجهة الأثرياء، والسفر الى صويلح يحتاج التحضير قبل يومين، والجامعة الأردنية بلا شقيقات!حين أقلام البك الأحمر هي الوسيلة الوحيدة للحب قبل اختراع الموبايلات، وعندما كانت المكتبات تبيع دفاتر خاصة للرسائل اوراقها مزوّقة بالورد،..أما الورد ذاته فكان يباع فقط في جبل عمان، الحي الأرستقراطي الباذخ في ذلك الزمان!!حين جوازات السفر تكتب بخط اليد، والسفر الى الشام بالقطار، وقمصان "النص كم" للرجال تعتبرها العائلات المحافظة عيبا وتخدش الحياء!كانت البيوت تكاد لا تخلو من فرن "ابو ذان وأبو حجر" الحديدي، والأمهات يعجنّ الطحين في الفجر ليخبزنه في الصباح، والأغنام تدق بأجراسها أن بائع الحليب صار في الحي، والجارة الأرملة تجلس من أول النهار لصق الجدار مهمومة ويدها على خدّها!كان مسلسل "وين الغلط" لدريد ونهاد يجمع الناس مساء، ومباريات "محمد علي كلاي" تجمعهم في سهرات الثلاثاء، وكان "نبيل التلّي" أفضل لاعب هجوم في كرة القدم!كانت الناس تهنئ أو تعزّي بكيس سكّر "أبو خط أحمر" وزن مئة كيلو غرام، والأمهات يحممّن الأولاد في اللجن، و"القرشلّة" يحملها الناس لزيارة المرضى!كان "الانترنت" رجماً بالغيب لم يتوقعه أحذق العرّافين، ولو حدّثتَ أحدا يومها عن "العدسات اللاصقة" لاعتبرك مرتدّاً أو زنديقاً تستحق الرجم، أما "الماسنجر" فلو حملته للناس لصار لك شيعة وأتباع!!حين مذاق الأيام أشهى، والبرد يجعل أكفّ التلاميذ حمراء ترتجف فيفركونها ببعضها، وعندما "زهير النوباني" في دور "مقبول العقدي" أعتى رمز للشر قبل أن يعرف الناس أن في الغيب رجلاً يدعى "جورج بوش"!كانت لهجات الناس أحلى، وقلوبهم أكبر، وطموحاتهم **يطة ومسكينة وساذجة!الموظفون ينامون قبل العاشرة، والحزبيون يلتقون سراً محاطين بهالة من السحر والبطولة، والزوجة في يوم الجمعة تخبئ كبدة الدجاجة وقوانصها لتقليها للزوج دلالة على تدليله!الشمس كانت أكثر صرامة في التعامل مع الصائمين، والثلج لم يكن يخلف موعده السنوي،والنمل، حتى النمل، كان يبتهج حين تمرّين....... ....كانت الحياة أكثر فقرا وبرداً وجوعاً، لكنها كانت دائما خضراء لأنكِ كنتِ هنا! ****


ابراهيم جابر ابراهيم

3) تعليق بواسطة :
31-03-2013 06:39 AM

أيها الكاتب المحترم دائما تقلب المواجع, صباح الوطن والذكريات المفقوده.

4) تعليق بواسطة :
31-03-2013 08:59 AM

كم انت مبدع يا اخونا احمد...نحبك في الله و الوطن ...

5) تعليق بواسطة :
31-03-2013 11:48 AM

يا زعبي ويا ابراهيم جابر ما نسيتو اشي هام جدا جدا شريط غنجني وانا غنجتو ودغدغني وانا دغدغته ما بيتغنج ابن الفلاح يا عيني دغدغني كانت تسرح وتمرح في كاسيتات الشوفيرية طول الطرق وكانت هذه الغناوه منتهى السرسره في تلك الايام الخوالي قبل النت ومواقع البهدله الي بنشوفها هالايام .

6) تعليق بواسطة :
31-03-2013 11:54 AM

الكاتب الكبير أحمد حسن الزعبي

ابدعت ابدعت

صورة رائعة وحالمة اختفت عن انظارنا ولكنها صورة مسبعة باريج الحياة الصادقة والحلوة

7) تعليق بواسطة :
31-03-2013 12:04 PM

رائع يااستاذ احمد أعدتنا الى الماضي الجميل الى الصفاء والفضاء الرحب ذلك الشعور الذي نفتقده الآن في هذا العصر المادي حيث تجذر الحسد والكراهية بين البشر بفعل الطبقية ناس فوق فوق وأكثرية تحت تحت.

8) تعليق بواسطة :
31-03-2013 12:27 PM

هذه الصور الرائعة التي رسمها الزعبي وابراهيم جابر لايحس بقيمتها وحلاوتهل ويحس بطعمها الرائع الهنيئ الا من مر بها ممن تجاوزوا الخمسين من اعمارهم . كانت اياما حلوة هنيئة ليس غيها فساد او فاسدين ، كان كل شيء نظيفا طاهرا ، لم يكن هناك نفاق او غش او كذب ، لم يكن هناك خوف او قلق من الوحدة ، لم يكن هناك تمايز بين الناس ، الناس كلهم طبقة واحدة يأكلون الطعام نفسه ويحلمون الاحلام نفسها ،لم يكن هناك فوق او ان هناك تحت ، الناس يحبون بعضهم من اجل الحب فقط يحترمون ويوقرون ويعاونون ويشعرون ويتألمون ويتحركون جماعة في كل شيئ ، لم يكن هناك فاسدون كذابون لصوص كما هو اليوم ، لم يكن من يلعب القمار او يتلاعب بمقدرات الوطن كما هو اليو وهذا اهم شيئ ؟!؟!؟!

9) تعليق بواسطة :
31-03-2013 04:08 PM

فعلا يا زعبي رائعة ابراهيم جابر ابراهيم شيى مفخره من الاخر وحبذا لو طوروها وعملوها على شكل مسلسل ريفي قديم او مسلسل بدوي يحمل بطل الفيلم معه باروده قديمه ويلبس ساعه ويرد على الخلوي وهو على ظهر الفرس بالصحراء ولابس بوت ريبوك ونظارات شمشيه .

10) تعليق بواسطة :
31-03-2013 05:37 PM

شكرا للكاتب المبكي المضحك انت من يخزل مشاعرنا وينسجها كلمات . وشكرا الى اضافة تعليق ع تربيع .

11) تعليق بواسطة :
31-03-2013 08:14 PM

الله يرحمك يا محمد طومليه

12) تعليق بواسطة :
01-04-2013 01:05 AM

أكثر من رائع ...تعجز الكلمات عن وصف روعة حروفك .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012