أضف إلى المفضلة
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025
شريط الاخبار
بحث
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025


الديمقراطية هشّة!

بقلم : د.محمد ابو رمان
12-04-2013 12:01 AM
بينما كان أبو بكر البغدادي (زعيم قاعدة العراق) يعلن قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام، بدمج مجموعته مع جبهة النصرة السورية، وكان يحذّر في خطابه من خطورة الديمقراطية، ومن أن تكون نتيجة التضحيات بالدماء وانتهاك الأعراض هي النظام الديمقراطي؛ في الوقت نفسه، كان أبناء التيار السلفي الجهادي في الأردن يتظاهرون على الدوّار الرابع، يتنفسّون ما أتاحه الربيع العربي لهم من مناخ (محدود) من الحرية، ويطالبون بالإفراج عن معتقليهم وبحقوقهم الإنسانية!هذا مثال واحد من أمثلة هائلة على تناقض مواقف قوى وأحزاب عربية تجاه الديمقراطية. فالكل يحاول توظيفها بما يخدم مصالحه ومواقفه، لكنّه سرعان ما يتخلّى عنها عندما يتمكّن من السلطة أو القوة، ما يعكس هشاشة تغلغل الثقافة الديمقراطية، وضحالة الإدراك العام لأهميتها؛ ليس بوصفها فقط نظاماً سياسياً، بل فلسفة عميقة لحل الخلافات وتسوية النزاعات بأسلوب حضاري، بدون اللجوء إلى القوة أو السلاح والصراع الدامي!المشهد يبدو أكثر وضوحاً وسفوراً عندما نتحدث عن الحركات السلفية والجهادية بصورة أخصّ، التي ركبت على موجة الربيع الديمقراطي العربي، ودخلت إلى قلب المشهد السياسي، وأفادت كثيراً من مناخات الحرية الجديدة. لكنّها، في الوقت نفسه، تعلن تحفّظها على النظام الديمقراطي، ورفضها الكامل له.بعض شيوخ السلفية، حتى أولئك الذين يتبنون العمل السياسي والدخول في اللعبة، يتحدّثون في بدايات الربيع العربي عن القبول بالديمقراطية بوصفها نظاماً انتقالياً، أفضل من النظام الدكتاتوري، وصولاً إلى تحقيق الدولة الإسلامية (بالطبع هنالك اختلاف واسع في تعريف هذه الدولة، ما بين الإمام محمد عبده على سبيل المثال وأيمن الظواهري أو الشيخ ابن باز!).حتى شيوخ التيار السلفي المصري، الذين تحوّل موقفهم من العمل السياسي بعد الثورة المصرية؛ فأسسوا حزب النور، ودخلوا الانتخابات التشريعية، وشاركوا في الاستفتاءات، وأصبحوا رقماً صعباً في المشهد السياسي المصري، يعلنون (مثل ياسر برهامي وعبدالمنعم الشحّات) بوضوح رفض مفهوم الدولة المدنية، ويؤكّدون أن قبولهم بالديمقراطية المقيّدة (بالشريعة الإسلامية)، كآليات (صندوق الاقتراع)، لا فلسفة (القيم الحاكمة لها).يمكن سحب الأمثلة السابقة على السلفيين في تونس واليمن والمغرب والعراق، وبعض المناطق في سورية التي يسيطر عليها الثوّار. فسلوك هذه المجموعات والحركات يتنصل من أي التزام بالديمقراطية، لكنّها تتحوّل إلى حجّة وسلاح ضد خصومهم في حال كانت الديمقراطية في صفّهم!الحال ليست أفضل حتى عند الأحزاب والقوى اليسارية والقومية والعلمانية، التي انقلبت على الديمقراطية وصندوق الاقتراع، وأصبحت تطالب بتدخل الجيش عندما أفضت خيارات الناس لوصول الإسلاميين إلى السلطة؛ إذ تحوّلت الهواجس من الأجندة الإسلامية إلى محاولة تعطيل المسار الديمقراطي بأسره، بعدما فشلت هذه الأحزاب في الحصول على ثقة الشارع!في كتابه المتميّز الأخير 'الانتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ'، يتساءل هاشم صالح (وهو من الباحثين العرب المدافعين دوماً عن أهمية التنوير الفكري والديني) عما إذا كانت الثورات العربية الأخيرة بمثابة زوبعة في فنجان، أم أنّها تؤسس لمرحلة جديدة في العالم العربي والإسلامي. ويصل في المحصلّة إلى أنّ ما حدث كان كبيراً على الصعيد الثقافي والفكري والسياسي، وأوجد متغيراً جديداً يتمثل في تكسير ثقافة الخوف.ما حدث بعد الثورات، وفقاً لصالح، يعزّز القناعة بأنّ المعركة الثقافية لم تنته، وأنّه ما يزال أمامنا صراع طويل في 'تصفية الحساب' مع الموروث الثقافي وأمراضه، لتكريس ثقافة جديدة تجعل من الديمقراطية نظاماً صلباً لا هشّاً يتضعضع مع أي هزّة عنيفة، أو يمثّل خياراً انتقائياً وانتقالياً لدى القوى السياسية العربية!

(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
12-04-2013 01:43 AM

أن من المهم التنظير الفكري للثورات العربيه كما يطرح هذا المقال , فالواقع أن أصعب المعارك وأشدها طولا هي المعركه الثقافيه مع الموروث والأجابه على أسئله هامه مثل ,هل تريد الشعوب العربيه الأنتقال للحقبه الديمقراطيه بما فيها من قبول منظومه قيًميًه متكامله من أحترام الحريات الفرديه والحريات الشخصيه وحقوق المرأة وحريات الأداب والفن والأبداع ومدنيه الدوله وأزاله كافه التابوهات (الدين,الجنس,السياسه) كما يتم ممارستها في ديمقراطيات العالم ؟؟؟ أم سوف يسلك العالم العربي نموذجا خاصا يراعي خصوصيته الثقافيه كما خلصت الثورة الأيرانيه الى ثيوقراطيه بنكهه تدوال السلطه ؟؟
أن من عيوب الثورات العربيه أنها أتخذت اهدافا متعددة تختلف بأختلاف الثائرين الذين كانت قضيتهم جميعا تغيير الأنظمه دون وجود قيادات تنويريه للثورات كما في مختلف الثورات التاريخيه سواء الفرنسيه أو البلشفيه أو ربيع أوروبا الشرقيه او جنوب افريقيا كان هناك وضوح في الأهداف والقيادات في الثورات جميعها . ولهذا نجد تباين شديد في ألرؤى في الثورات العربيه بين السلفيين مثلا الذين يريدون الدوله الدينيه والليبراليين الذين يريدون الدوله المدنيه مما يعرض الثورات العربيه للأنزلالق في نزاعات تصل للحروب الأهليه .

2) تعليق بواسطة :
12-04-2013 11:21 AM

بالإضافه لما تفضل به الاستاذ الدكتور محمد ابو رمان و التعليق القيم من الاستاذ عبد الله فإنني اود ان اضيف ان السلفيه الحديثه بالغه الخطوره لأنها مخترقه من ثلاثه محاور.

-- الاول هو التوجيه الإعلامي المكثف للجماهير بتمويل ممن يفترض انهم خصومها وهم قيادات الدول البتروليه العربيه مما جعل رسالتها الإعلاميه المؤثره بيد من تختارهم تلك الجهات المموله .

-- ثانيا الفكر الصحراوي الذي يخشى التطور المدني و يريد ان يخضع الحضارات المستنيره الثلاث في العراق و مصر و سوريا عملا بمبدأ أطفئ النور لديهم قبل ان يشعلوا النور لديك.

-- و بلجأ الفكر السلفي الى ترويج فكره ان الإسلام اتى من الصحراء لحكمه لذلك هي المناره و في ذلك فهم سطحي يربط الإسلام الاممي بالصحراء مكانا و زمانا و مظهرا و سلوكا .

-- لذلك تزدهر السلفيه في المناطق الصحراويه العشائريه لأنها تمثل فرصه لأهلها لغزو المدينه و الريف بقيمهم الإجتماعيه و حتى نمط لباسهم مغلفه ذلك بغطاء ديني.

-- ثالثا إستقطابها للمهمشين في المدينه و الريف و توظيف حقدهم على ما اصابهم لخدمه اهداف سياسيه و يشتد الامر خطوره بتدريبهم و تسليحهم و تمويلهم .

-- إن الإنضباطيه الصارمه لجميع السلفيين في تجنب تام لأيه اهداف إسرائيليه او اي من امراء البترول يشي بأن هنالك من يضبط المشهد السلفي و يحسن توجيهة..!!

-- إن السلفيه الحديثه هي تحالف قوى الصحراء مالا و فكرا و نمط حياه ضد الحضاره المدنيه ممثله بالمدينه و الريف لذلك تجدها تنظر بإعجاب إلى الامويين إبتداء بمعاويه فهو القائد البرغماتي النموذج الآتي من الصحراء و أخضع المدنيه و اسس مملكه لأولاده من بعده تشمل الإثنتين و ذلك حلم يراود قاده دول البترول .

-- ان إمكانيات السلفيه الحديثه هائله و لكن سيغلبها دهاء المدنيه بالإستيعاب فما جرى مع ابن تيميه قبل تسعمائه عام بإستعمال فكره كجسر ثم سجنه لحين وفاته تلاها تشييعه بجنازه مهيبه سيجري مع اتباع فكره اليوم.

-- السلفيه الحديثه هي إنتفاضه الصحراء المسلحه.

3) تعليق بواسطة :
12-04-2013 12:45 PM

تحيه لأستاذنا المغترب . أن من الواضح أن المعركه هي داخل العالم العربي فهي معركه" الحداثه مع الموروث" , ومن المؤسف كما طرح الأستاذ المغترب أن البترودولار قد عزز التيارات السلفيه واصبحنا ننضر "ولبالغ الأسف "لحضارتنا الأنسانيه العميقه من منظور التيارات السلفيه المتشددة , وأنا أعتقد أن هناك تقصيرا كبيرا وأنسحابا لعقود طويله للمفكرين والتنويرين العرب مما أدى الى غياب القاعدة الفكريه ألتي تحتضن التغيير وتجعل له اسس ثقافيه وحضاريه مستمدة من حضارتنا وتأخذ بالمشارب التاريخيه المستمدة من التجارب المضيئه في تاريخنا مثل الفترات الأندلسيه والعباسيه والتي احتوت على كافه عناصر الحياة المتحضرة من العلم والأدب والفن والطرب والترجمه والطب , ولذلك فان احتكار تفسير تاريخنا من قبل أدوات البترودولار (مشايخ سلفيين , محطات اعلاميه , مال ) أعطى صورة قاتمه لهذا التاريخ وكذلك المستقبل . كذلك فان من المؤسف أن الحقبه التي نعيشها هي حقبه الأستهلاك والكسل الفكري مما جعل الجمهور مهيئاَ للوجبه الجاهزة المقدمه من قبل الشيخ السلفي أو الأغنيه الخليعه , ولا يوجد أعمال للعقل لفهم تاريخنا وحضارتنا وماذا نريد أن نكون في هذا العالم .
.كذلك فان أنعدام وجود انظمه متنورة في المنطقه العربيه تؤسس للديمقراطيه , وهذا الأنظمه لجأت دائما للحل السهل وهو الحل الأمني وأسكات المعارض والمخالف مما خنق كل البراعم الفكريه وأوجد جوأ خانقا لا يساعد على تطور الفكر الحر .

4) تعليق بواسطة :
12-04-2013 03:54 PM

-- سيدي, تشرفت بلقاء العالم المستنير الشهيد عبد المجيد الخوئي قبل طعنه بالسكانين لدي زيارته للعتبات المقدسه بالعراق بيد شيعيه ولم تشفع له قدسيه الموقع و لا مكانته ولا كونه إبن ايه الله العظمى ابو القاسم الخوئي اهم مرجعيه شيعيه في العصر الحديث .

-- و مما قاله لي وكأنما كان يتنبأ بمقتله على يد التطرف الشيعي المبرمج ايضا ان خطأ القيادات العربيه التحرريه و التقليديه كان في تصفيه و سجن و ملاحقه القيادات الإسلاميه ذات الثقل الشعبي.

-- و لم تفطن تلك القيادات ان الفراغ سيعبئ من قبل قيادات جديده قدرتها على المناوره تفوق قدرتها على التوجيه فتغير وجه الخطاب الإسلامي و اصبح يستقطب الاقدر على المقاومه فحلت القوه في المقام الاول وتراجع الفكر للمقام الثاني.

-- و قال ان الحسين رحمه الله ادرك ذلك فلم يتصدى للإخوان المسلمين و لا للصوفيه فكانوا صمام الامان الإجتماعي في ضبط التطرف .

-- لقد شكل الامير الحسن اخطر تحد للتطرف الديني المسيس بإدراكه المبكر ان ""الدور الاهم لآل البيت هو قياده الامه لا حكمها ""فكانت دعواته المستمره للتجسير بين المفكرين الإسلاميين يستقطبهم من كل مكان,

-- لكن ضعف الإمكانيات و خلق العراقيل لنهج الحسن قابله موارد غير محدوده لدعم خطاب ونهج التطرف المسيس في العالم الإسلامي مما اضاع الكثير من الجهد المبذول.

وللأستاذ عبدالله إحترامي

5) تعليق بواسطة :
12-04-2013 05:53 PM

أتفق معك سيدي مئه بالمئه , فغياب القيادات الدينيه المتنورة سمح فقط لمن يعتبر السجن شهادة في الظهور , وتم أختطاف الخطاب الديني المتسامح للأمه , وأفتقد الناس الرؤيه والهدف فيما نريد من الحياة , فتلك التيارات المتشددة لا تقدم رؤيه أيجابيه في وجود الأنسان وتقديمه لبًنه جديدة في بناء هذا العالم وتشَرعن النهج العنيف في التعامل مع المختلف في الرؤيه . أما دور آل البيت فأتمنى أن يكون الطرح الذي تتفضل به , وأعتقد أن دور آل البيت يشبه دور الجيش في تركيا والباكستان والجزائر وهذا ما يسير عليه المخزن المغربي , فهشاشه المجتمعات العربيه السياسيه تسمح للتيارات المتشددة باختطاف المشهد السياسي وعدم التسامح مع الآخر .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012