أضف إلى المفضلة
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025


ماذا تنتظرون؟!

بقلم : د.محمد ابو رمان
01-05-2013 12:28 AM
سيطول انتظار وترقّب أبناء (ثلاثة أطفال صغار) الباحث (الذي يعدّ الدكتوراه) في أحد مراكز الدراسات في جامعة الحسين بن طلال في معان، محمود البوّاب، وهم ينتظرون عودة والدهم من الجامعة؛ فقد قضى شهيداً برصاصة طائشة، وهو يقف بعيداً تماماً عن مسرح الشجار العنيف الذي حدث في الجامعة.والدة شهيد آخر، هو طالب مدرسة (15 عاماً) ذهب ضمن وفد من مدرسته للمشاركة في اليوم المفتوح في ذكرى تأسيس الجامعة؛ هي الأخرى لن تحضن ابنها بعد اليوم، إذ ذهب هو الآخر جرّاء هذا العنف الأعمى.الشهيد الثالث هو أحد أفراد الأمن العام؛ جاء بلباس مدني لزيارة عائلية، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بالعنف الذي تفجّر، فقضى نحبه.أمّا الرابع، فهو طالب جامعي، دفع أهله ثمناً كبيراً كي يدرس ابنهم ويتخرّج ويعود إليهم يحمل شهادته ويعمل ليبدأ مستقبله، فكان أن لقي حتفه هو الآخر!من يواسي هؤلاء المكلومين الموجوعين بأعزّ ما لديهم؟! ومن يواسينا نحن في أوطاننا ومجتمعاتنا وجامعاتنا؟!كيف يمكن أن يأمن أيّ أب أو أمّ على أبنائهما، وهم يذهبون صباح كل يوم إلى جامعاتهم؟! ما يحدث لدينا تجاوزنا فيه جامعات أسوأ الدول الفاشلة، لأنّ الجامعات يفترض أنّها آخر من يُصاب بالأمراض الاجتماعية، لما تحمله من قيم التنوير والمواطنة. لكن لدينا، وبجدارة السياسات الرسمية المتراكمة الجاهلة المتخلّفة الفاشلة المخجلة.. التي أدارت هذا الملف خلال العقدين الأخيرين، فإنّ الجامعات أصبحت حاضنة لأمراض المجتمع، ومصدّرة للمشكلات والأزمات بامتياز!صدِّقوني إنّ ما يحدث، بالرغم من مرارته وقسوته ونتائجه الأليمة، لا يمثّل سوى قمّة جبل الجليد مما وصلنا إليه من أمراض وأزمات. يكفي أن نعرف أنّ المخدّرات انتشرت في أوساط الجامعات والمدارس. وكما يقول أحد الأساتذة المتخصّصين، فإنّ كثيراً من هؤلاء الطلبة يستخدمون السلاح ويقومون بالتخريب والتدمير، وهم لا يدركون تماماً ما يفعلون، تحت تأثير ما يتناولونه من حبوب مخدّرة!تصوّروا أنّ الجامعة قسّمت الطلبة في الاحتفال، الذي تحوّل إلى مجزرة وكارثة محقّقة، إلى خيم، كلّ واحدة منها تمثّل مدينة من المدن، وأمامها يافطات تتحدث عن هذه المدينة؛ أي تعزيز الهويات الفرعية والنفخ فيها وتجذير إحساس الطلبة بها، على حساب الشعور الوطني الجامع، وعلى حساب القيم الحداثية والوطنية والإنسانية والأخلاقية!الحل ما يزال ممكناً اليوم، برغم أنّه يتطلب علاجاً قاسياً، لكنّه غداً سيكون أكثر صعوبة وتعقيدا. المسألة تحتاج، أولاً وأخيراً، إلى قرار سياسي حاسم؛ إلى إرادة صلبة للإصلاح والخروج من هذا النفق المظلم الحالي. لم تعد هنالك قيمة لا لورشات ولا لندوات أو حوارات أو حتى خلوات، فثمة إجماع على توصيف المرض وتحديد الجرثومة المسؤولة عنه. فقط ما نحتاج إليه هو جرّاح ماهر خبير، يقوم بالعملية. ولدينا من أمثال هذا الجرّاح نخبة واسعة من أعمدة التعليم العالي، ممن همّشتهم الدولة وتجنّت عليهم، لأنّهم ليسوا 'على قد اليد'، ولأنّهم مستقلون؛ هؤلاء هم فقط من نحتاجهم اليوم!في مقال سابق، طالبتُ بلجنة خبراء تأخذ صفة قانونية، تُعهد إليها مهمة إنقاذ التعليم الجامعي. وقد اتّصل معي بعدها وزير التعليم العالي، د. أمين محمود، وتناقشنا في الفكرة. وأنا أدعوه، بالتنسيق مع رئيس الوزراء، إلى البدء فوراً في هذا المشروع، وعدم تأجيل ذلك أو ترحيله، حتى لا نفاجأ غداً بأنّ العلاج أصبح أكثر تعقيداً ومرارة!m.aburumman@alghad.jo(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-05-2013 01:08 PM

جيد أن يطرق الناس موضوعا في أوانه ذلك أن أعراب أمتي قالوا: "كل أشي في أوانه حلو".
يبرز حدث ما، ويلفت انتباه الناس بشكل موجة عارمة، حتى أن من يدري ولا يدري يُسارع لافتراض الأسباب ويجتهد في اعتصار دماغه لوضع التشخيص ويصف العلاج والنتيجة ضراط على بلاط.
ليس كل الناس مؤهلون بان يكونوا جزءا من الحل وليس إلا غياب المؤسسية سببا في تعثر الحل وعسر الخروج من عنق الزجاجة أو النفق.
أنني احترم الكاتب وليس هو المقصود في كلامي، لكن الجرح فاغر والمشكلة عميقة، أعمق من اجتراح أو اقتراح حلول سريعة، أنني وأنا في وسط الحدث حيث اعمل في جامعة مؤتة، أرى أن كثرة المستغلين للحدث، ومحاولة الكثيرين وبنية غير صادقة ومخلصة للإدلاء بدلوه وجهله، استغلالا للأزمة الطارئة، فيضيف مرضه على الوجع، وتكون النتيجة كارثية وقد يتسبب في نشوء شرارة جديدة كافية لعملية إقلاع جديدة ويبدأ الشر من مستضرط الشرر وتتجدد المعارك.
الناس مستشيطة غضبا، قطاعات عريضة من المجتمع يعادون بعضهم بعضا، بينهم حساسيات تاريخية وجغرافية ومادية واجتماعية، يتربص بعضهم بعضا، يضمرون الشر لبعضهم وقطاع كبير من الطلاب والشباب يتعاطون المسكرات والمخدرات، وفراغ روحي وفكري وطلاق بائن بينونة كبرى مع الوعي والثقافة.
وفي خضم المشكلة يبدأ المنظرون وخصوصا من الجهلة حملة الدكتوراه أو من يحملون أسفارا، فيقترحون وبسرعة الصاروخ نشاطات لا منهجية ويبدأ تجميع النار مع المشتقات النفطية،حيث أن المشكلة لها جذور خارج الحرم الجامعي في كثير من واقعاتها وتكون الشرارة حال تجميع الشباب المتناقض المعادي بعضهم بعضا المستفز في مساحة واحدة وتتجدد داحس وغبراء الجامعة كحالة ممتدة من ملاحم الوطن.
عندي الكثير مما لم يقله أحد في هذا الصدد ولكني أُحجم وبسبب المد الطاغي ممن يضعون التشخيص، ليس لحل المشكلة وإنما للإعلان عن النفس، فأقول لنفسي دعهم يتخبطون حتى ينضج البشر، فلعلنا نتعلم من أخطائنا، لكن للأسف دائما يتكرر الخطأ.
تخصصي في الهندسة الكهربائية ولكني مهتم بالتاريخ والإنثربولوجيا، وأساتذة هذا العلم أو ذاك وحملة الدكتوراه في هذا التخصص وتخصص التربية وأساليب ألتربية، هم الأولى بالمبادرة والتجديف والسباحة في هذا ألبحر ألمائج ألهائج ولكنهم للأسف غائبون، إن تواجدوا تساوى الوجود مع العدم، غالبيتهم وليس كلهم، مع العلم أن هنالك فيهم قامات ولكن التهميش طالهم ولم يدع شأنا يُذكر لهم.
ألمشكلة عامة ومن عظيم الظلم أن يتم تقزيمها إلى مسألة عنف جامعي وما العنف إلا حالة فساد من فساد الوطن وفساد الرأس يُفسد أطراف الجسد.
ما لفت انتباهي مقالة للدكتور وليد رقيبات اليوم، حول الموضوع نفسه، ويشير إلى واحدة من مفاصل الوجع، لافتا انتباهنا إلى من يصلح أن يكون جزءا من الوجع ولا يمكن أن يكون وبأي حال جزءا من الحل، لم يشر صراحة، لكنه وضع إصبعا على جرح من جروح الوطن أن ينبري للأمر من غير أهله وهذه مأساة وطن.
أن المفتتح في أي عملية إصلاح يجب أن يكون سياسي وفتحة عداده هي الاعتراف أولا بالفساد والاعتذار عما سبق ومن ثم البدء بخطوات الانتقال من حالة العُقم هذه إلى مراحل الأمل.
حينما ينبري للأمر من غير أهله فالشيء بالشيء يُذكر - وما أزال تحت تأثير مقالة الدكتور ألرقيبات- وبوابتي على الثقافة المغربية صديقي أبو صقر د.بسام الهلول، إذ ذكر لي يوما مثلا مغربيا عندما ينبري ألسؤال للطالب الغبي، فيرفع سبابته فوق أيدي زملائه في الصف ناشرا ضجيجا عارما وأملاً في صدر أستاذه، فيهش أستاذه ويبش ويستبشر خيرا، لكنه يُصدم حينما يجيب ألطالب: "هذا سؤال ما عندي ما أقوله فيه".
تحية للكاتب أبو رمان وله مني شكرا أو له مني like.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012