جيد أن يطرق الناس موضوعا في أوانه ذلك أن أعراب أمتي قالوا: "كل أشي في أوانه حلو".
يبرز حدث ما، ويلفت انتباه الناس بشكل موجة عارمة، حتى أن من يدري ولا يدري يُسارع لافتراض الأسباب ويجتهد في اعتصار دماغه لوضع التشخيص ويصف العلاج والنتيجة ضراط على بلاط.
ليس كل الناس مؤهلون بان يكونوا جزءا من الحل وليس إلا غياب المؤسسية سببا في تعثر الحل وعسر الخروج من عنق الزجاجة أو النفق.
أنني احترم الكاتب وليس هو المقصود في كلامي، لكن الجرح فاغر والمشكلة عميقة، أعمق من اجتراح أو اقتراح حلول سريعة، أنني وأنا في وسط الحدث حيث اعمل في جامعة مؤتة، أرى أن كثرة المستغلين للحدث، ومحاولة الكثيرين وبنية غير صادقة ومخلصة للإدلاء بدلوه وجهله، استغلالا للأزمة الطارئة، فيضيف مرضه على الوجع، وتكون النتيجة كارثية وقد يتسبب في نشوء شرارة جديدة كافية لعملية إقلاع جديدة ويبدأ الشر من مستضرط الشرر وتتجدد المعارك.
الناس مستشيطة غضبا، قطاعات عريضة من المجتمع يعادون بعضهم بعضا، بينهم حساسيات تاريخية وجغرافية ومادية واجتماعية، يتربص بعضهم بعضا، يضمرون الشر لبعضهم وقطاع كبير من الطلاب والشباب يتعاطون المسكرات والمخدرات، وفراغ روحي وفكري وطلاق بائن بينونة كبرى مع الوعي والثقافة.
وفي خضم المشكلة يبدأ المنظرون وخصوصا من الجهلة حملة الدكتوراه أو من يحملون أسفارا، فيقترحون وبسرعة الصاروخ نشاطات لا منهجية ويبدأ تجميع النار مع المشتقات النفطية،حيث أن المشكلة لها جذور خارج الحرم الجامعي في كثير من واقعاتها وتكون الشرارة حال تجميع الشباب المتناقض المعادي بعضهم بعضا المستفز في مساحة واحدة وتتجدد داحس وغبراء الجامعة كحالة ممتدة من ملاحم الوطن.
عندي الكثير مما لم يقله أحد في هذا الصدد ولكني أُحجم وبسبب المد الطاغي ممن يضعون التشخيص، ليس لحل المشكلة وإنما للإعلان عن النفس، فأقول لنفسي دعهم يتخبطون حتى ينضج البشر، فلعلنا نتعلم من أخطائنا، لكن للأسف دائما يتكرر الخطأ.
تخصصي في الهندسة الكهربائية ولكني مهتم بالتاريخ والإنثربولوجيا، وأساتذة هذا العلم أو ذاك وحملة الدكتوراه في هذا التخصص وتخصص التربية وأساليب ألتربية، هم الأولى بالمبادرة والتجديف والسباحة في هذا ألبحر ألمائج ألهائج ولكنهم للأسف غائبون، إن تواجدوا تساوى الوجود مع العدم، غالبيتهم وليس كلهم، مع العلم أن هنالك فيهم قامات ولكن التهميش طالهم ولم يدع شأنا يُذكر لهم.
ألمشكلة عامة ومن عظيم الظلم أن يتم تقزيمها إلى مسألة عنف جامعي وما العنف إلا حالة فساد من فساد الوطن وفساد الرأس يُفسد أطراف الجسد.
ما لفت انتباهي مقالة للدكتور وليد رقيبات اليوم، حول الموضوع نفسه، ويشير إلى واحدة من مفاصل الوجع، لافتا انتباهنا إلى من يصلح أن يكون جزءا من الوجع ولا يمكن أن يكون وبأي حال جزءا من الحل، لم يشر صراحة، لكنه وضع إصبعا على جرح من جروح الوطن أن ينبري للأمر من غير أهله وهذه مأساة وطن.
أن المفتتح في أي عملية إصلاح يجب أن يكون سياسي وفتحة عداده هي الاعتراف أولا بالفساد والاعتذار عما سبق ومن ثم البدء بخطوات الانتقال من حالة العُقم هذه إلى مراحل الأمل.
حينما ينبري للأمر من غير أهله فالشيء بالشيء يُذكر - وما أزال تحت تأثير مقالة الدكتور ألرقيبات- وبوابتي على الثقافة المغربية صديقي أبو صقر د.بسام الهلول، إذ ذكر لي يوما مثلا مغربيا عندما ينبري ألسؤال للطالب الغبي، فيرفع سبابته فوق أيدي زملائه في الصف ناشرا ضجيجا عارما وأملاً في صدر أستاذه، فيهش أستاذه ويبش ويستبشر خيرا، لكنه يُصدم حينما يجيب ألطالب: "هذا سؤال ما عندي ما أقوله فيه".
تحية للكاتب أبو رمان وله مني شكرا أو له مني like.
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .