أضف إلى المفضلة
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025


الهوية الضائعة!

بقلم : د.محمد ابو رمان
07-05-2013 11:38 PM
ما يتسرب من الأوساط النيابية عن أنّ رئيس الوزراء، د. عبدالله النسور، يريد إضافة من 8-10 نواب إلى فريقه الحكومي، بعد 'استئذان' الملك، هو مؤشّر خطر سيجذّر الأزمة السياسية بدلاً من حلّها.صحيح أنّه من الضروري الآن قيام الرئيس النسور بتعديل كبير على حكومته، لكن ليس على قاعدة إنجاز 'وعوده' للنواب، كما هو سائد اليوم في النقاشات المتداولة؛ بل لأنّ الحكومة الحالية منقوصة العدد من جهة، وغير مكتملة أصلاً، فلا تمتلك مطبخاً سياسياً حقيقياً من جهة أخرى. وهي بهذه الحال لن تكون قادرة على مواجهة استحقاقات الأشهر القليلة المقبلة، وهي تحديات في غاية الخطورة!ليست هنالك مشكلة (من حيث المبدأ) في الاستعانة ببعض الخبرات النيابية في الفريق الحكومي، إذا استطاع الرئيس أن يتجنّب تفجير الكتل النيابية من الداخل، وتجاوز أسلوب الترضية والمداراة. وهذا في ضوء الآليات الراهنة أمر صعب التحقق. إنّما المعيار الأهم في المرحلة المقبلة هو أن يتمكّن الرئيس من تشكيل حكومة قوية، نظيفة ونزيهة، وفي الوقت نفسه في فريقها الوزاري وزراء يحملون رؤى إصلاحية، مؤهلون للاشتباك مع الشارع والمجلس والإعلام، وفتح خطوط التواصل والاتصال والحوار.التعديل فرصة ذهبية لن تعوّض للرئيس النسور، بل للدولة؛ لأنّ الأزمة السياسية اليوم تتجاوزه إلى أسئلة كبيرة ومقلقة مع وجود ثلاث كتل نارية ملتهبة مطلّة علينا، تتطلب حكومة قوية ومقنعة، لأنّنا أمام لحظة تاريخية حاسمة وخطرة:الكتلة النارية الأولى تتمثّل في الحدود الشمالية، وما يحدث من تطوّرات متسارعة هناك، والعدوان الإسرائيلي على سورية، والمذابح التي تمهّد الطريق لإعادة هيكلة الديمغرافيا الطائفية، إلى ترسيم 'دولة علوية'، بالتوازي مع انفلات الأمور في العراق ولبنان، وصعود 'شبح الطائفية'، وعودة 'القاعدة'. فكل ذلك يتطلب حكومة من الوزن السياسي الثقيل للتعامل مع تداعيات ما يحدث على صعيد اللاجئين والخيارات الاستراتيجية غير التقليدية.الكتلة النارية الثانية تتمثّل فيما يحدث في الضفة الغربية، والإشارات التي تنطلق اليوم باتجاه تحريك التسوية، ومبادرة 'تبادل الأراضي' التي تفتح على سيناريوهات جديدة، والحديث الذي يدور عن الكونفدرالية، وحالة السلطة الفلسطينية المترهلة. وكل ذلك يحتاج أيضاً إلى حكومة على قدر من الأهلية السياسية والتمثيل المجتمعي.الكتلة النارية الثالثة والملتهبة، وأحسب أنّها الأكثر خطورة، هي الجبهة الداخلية الهشّة، والأمراض التي تنهش بالدولة والمجتمع، وصعود الهويات البدائية وأزمة القيم، وذبول السلطة الأخلاقية للدولة، وأزمة الثقة الكبيرة، ونتائج البرنامج الاقتصادي والاتفاقية مع صندوق النقد الدولي، ونحن قادمون على قرارات شبه محسومة برفع أسعار الكهرباء بعد أقل من شهرين، وما يترتب على ذلك من نقاشات وتداعيات، وما تتطلبه من حكومة تمتلك مصداقية واحتراماً في الشارع.هذه الهواجس هي التي تتحكّم فينا، ونفترض أن يأخذها رئيس الوزراء بوصفها السبب الجوهري للتعديل المطلوب. فمن الضروري أن يكون الهدف تقوية الحكومة سياسياً لا استرضاء النواب؛ وذلك بإدخال شخصيات إصلاحية مسيّسة، لها مصداقيتها وحضورها في الشارع!التعديل ضروري لإعادة تعريف هوية الحكومة سياسياً، وتحديد لونها بصورة واضحة، فهي إلى الآن بلا ملامح حقيقية؛ يرفضها التيار الإصلاحي بوصفها تكريسا لتراجع مسار الإصلاح؛ ويتهمها التيار المحافظ واليمينيون بأنّها حكومة محاصصة وتوطين ولبرلة سياسية واقتصادية. وحتى داخل الحكومة، وبالرغم من وجود شخصيات لها توجهاتها السياسية المعروفة، إلاّ أنّ الصوت السياسي الوحيد المسموع (ربما المسموح به) إلى الآن، هو صوت الرئيس.(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012