أضف إلى المفضلة
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025


النسخة الاصلية من الدين

بقلم : ماهر ابو طير
10-05-2013 12:42 AM
اكثر مشكلة يواجهها المسلمون هذه الايام،تتعلق بطريقة قراءة الدين،والنص القرآني والحديث النبوي،والتأويلات لهذه النصوص،وهي مشكلة أدت الى شق صفوف المسلمين،والى اختلافهم جذريا بين بعضهم البعض.

يتجلى الامر في الفتاوى،واذا ذهبنا لسؤال عالم دين عن قضية محددة اجتماعية او سياسية او اقتصادية،لأعطاك رأيا قد تجد عالم دين اخر يعطيك عكسه تماما،دون ان يرف له جفن.

هذا على الرغم من الاتكاء على مرجعية واحدة في النص الديني،غير ان الاختلاف ينبع من طريقة التفسير والتأويل والاجتهاد.

سياسيا تجد من يأتيك ويحلل دم الحاكم أو كل من يعمل مع الدولة عسكريا أو مدنيا،وقد يأتيك رأي مغاير تماما يعتبر ان ولي الامر يتوجب طاعته وعدم الخروج عليه،وقد يأتيك رأي ثالث يقيم الامر وفقا للحالة ذاتها بعيدا عن القياس والمقارنة.

سيأتي من يقول ان علينا ان نتبع الرأي الاغلب في الفتاوى،بمعنى ان نتبع الفتوى التي يجمع عليها اكبر عدد من العلماء،ولا يقول لك هؤلاء اين هو الاجماع اليوم،مادمنا نتحدث عن علماء يتم تلميعهم عبر اعلام نافذ يجعل كلمة الواحد منهم هي الغالبة جراء قوة التركيز على اسم محدد فقط،وعبر اشهاره،ومنح فتواه قداسة بسبب الظهور الاعلامي والانتشار.

لدينا آلاف النماذج التي شقت المسلمين،ولم يكن شقهم رحمة كما يقولون،اذ يأتيك عالم ويفتي بجواز أخذ تأشيرة اسرائيلية لزيارة فلسطين المحتلة والتبرير يقول ان في هذا مناصرة للفلسطينيين ومنعا لتركهم فرادى،ومقابله يأتيك عالم ويحرم الامر ويعتبره جريمة تقترب من حدود الكفر والخروج عن الدين!.

في قصة اخرى يأتيك عالم سني ويحلل قتل الشيعة صغارهم ونسوتهم ورجالهم،ويجد مخرجا لفتواه عبر تكفير هؤلاء،وقد سمعنا عن عالم سعودي افتى بهذه الفتوى قبل اسابيع،ومقابله يأتيك عالم ينتمي للشيعة ويحلل دم السنة باعتبارهم نواصب،يعادون آل البيت.

لكل فتوى مرجعياتها وأحاديثها التي تدعمها والنص التراثي الاسلامي،متنوع ومتناقض الى الدرجة التي يتمكن فيها البعض دوما من ايجاد تغطية من التراث والتأويلات والتفسيرات التي تدعم رأيه الشخصي،الذي قد يكون قرره مسبقا في حالات معينة.

تذهب الى القصة السورية،فتجد من يفتي بجواز محاربة الجيش السوري،وتدمير الطائرات التي هي ملك للشعب قبل النظام،ومن يفتي ايضا بجواز الاقتتال،ومقابله تجد من يفتي بالعكس لصالح النظام ولصالح قتل الجماعات الاسلامية،ويبرر في حالات قتل المدنيين الابرياء من اجل الوصول الى محارب او مقاتل واحد!.

مانراه اليوم يراد منه الاساءة البالغة الى الاسلام،وتقديم باعتباره ديناً من عدة نسخ،لكل دولة نسختها،ولكل نظام من يفتي له،ولكل اتجاه مذهبي من يفتي لصالحه،ولكل اتجاه سياسي من يدعمه بفتاويه،ويصب الفتاوى ضد خصمه،ولكل تنظيم المفتي الخاص به.

علينا ان نتأمل بحذر شديد،كل فتوى تقابلها فتوى اخرى تعاكسها،والمشكلة ان كل فتوى تجد تأويلا لنص قرآني يدعمها،وحديث مساند في ذات السياق،فتغضب بشدة،اذ كيف تمكن اثنان من اطلاق فتاوى تعاكس بعضها البعض اتكاء على موروث كبير من النصوص،انتقى كل مفتٍ ما يناسب فتواه منها،انها مشكلة التأويل والتفسيرات،وليس مشكلة الدين كما جاء اصلا.

النتيجة سياسيا واجتماعيا ودينيا،تأخذنا الى الاساءة الى الدين العظيم وتقديمه بصورة متناقضة،والكل يتسلح بفتاوى ضد الكل،والفاتورة النهائية تتنزل على وحدة المسلمين،وعلى فهمهم للاسلام،وعلاقتهم ببعضهم وبمكونات المجتمع الاخرى.

لمسنا ذات المشكلة في العلاقة مع بقية البشر،وقد رأينا هنا من يبيح التفجير في بلد غربي يعيش فيه،فيقتل الابرياء،ويظن انه يرضي الله،عبر سفك الدماء في بلد منحه كل الحقوق،فيما تجد فتاوى اخرى تحرم هذه الافعال بكل معانيها.

الدين واحد،لكنهم نجحوا في تقديمه بعدة نسخ،والكل يدعي ان نسخته هي الاصلية،فلم يزدنا تناقض العلماء الا حيرة وتعباً.
(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
10-05-2013 02:12 AM

ذلك لأن الساسة وأصحاب المصالح ومشايخهم معهم يستغلون الدين مطية لتحقيق مآربهم.

الأصل في الدين أنه علاقة بين العبد وربه يتفرع عنها ما نص عليه القرآن من علاقات الناس مع بعضهم البعض كجزء من عبادة الله بطاعته باتباع ما أمر والكف عما نهى، وما عدا كل ذلك من أمور تحكمها المصلحة العامة للدولة ومنطق الأمور.

قال عليه السلام: "الحلال بين والحرام بين". صدق رسول الله.

2) تعليق بواسطة :
10-05-2013 07:47 AM

Religion is not exact science. The issue facing the globe habitats is not home made it is coming from above . No one to be blamed except for finding the solution .World religion is the answer

3) تعليق بواسطة :
10-05-2013 08:26 AM

الامر سهل يا صاح , اهمل الجميع كل هؤلاء خارج سياق الحياة ,القانون المتحضر المشتق من دساتير العالم الحي هو الطريق السهل باستثناء قانون الاحوال الشخصية ,السياسة والاقتصاد والحريات (الاردن نموذجا) قانون الضرورة وحده كاف لننسى هراء هؤلاء , هل يذهب العاقل الى الطبيب ام الى المشعوذ !! هل تستشير خبير ان تستخير !!هذا اذا توفر من تستشير ,هل التنقيب عن النفط استفاد من علم القرضاوي مثلا, هل الشيخ ...كيف نخفض السكر في الدم ..فتوى ام انسولين!!

4) تعليق بواسطة :
10-05-2013 08:55 AM

المرجعية في الفتاوى حاليا هو الانظمة السياسية، فكل فتوى تصدر عن شيخ تابع للانظمة الساسية وهذه امشكلة الاسلام السني انه مرتبط بالانظمة السياسية، وغير مستقل ماليا او اداريا، ففي آخر كل شهر يذهب المرجع الديني او المفتي لقبض راتبه من وزارة المالية،وهنا تكمن المصيبة والتاثير على المشايخ، فاصبحت فتاويهم تعكس تماما وبصدق حالة التناقض التي تعيشها الانظمة السياسية بالعالم الاسلامي، وتعود جذور تلك المشكلة للخليفة المامون بمطلع العصر العباسة عندما انشا دائرة قاضي القضاة وسيطرت السلطة من خلالها على المؤسسة الدينية السنية!!!!
على العكس من ذلك تتميز المرجعية الدينية عند الشيعة بالاستقلال التام ماليا واداريا، ويعود السبب بذلك بانه لم تقم لهم دولة بمعنى الكلمة حتى بداية القرن السابع عشر ، ولكن هذا الوضع انعس ايجابا حيث ظلت المرجعية الدينية عندهم مستقلة تماما ولم يتلاعب بها الحكام واصحاب السلطة.

5) تعليق بواسطة :
10-05-2013 11:05 AM

يا حسره على علماء الفيزياء والفلك وعلم الاجتماع و الرياضات وعلوم الأرض والأحياء وعباقرة الطب والهندسة والجينات والزراعة والفلسفة وفن الاتصال وسلسله طويله من التخصصات، مش عارف لويش مغلبين حالهم دراسات وأبحاث وإحصاءات واختراعات واكتشافات.

6) تعليق بواسطة :
10-05-2013 03:34 PM

العلوم التي ذكرتها عزيزي تحتاج ان تغوص في المستقبل لتطويرها فمثلا في علم الرياضيات او علم الطب والجينات او الفيزياء او الكيمياء تبدأ من حيث ما انتهى غيرك بكتشافه ، تثبته وتضيف علية وتطوره ثم ياتي دور غيرك ..الخ .
اما الفتوى لتحديد اصالتها لا بد ان تغوص في الماضي و محطاته تاريخه ومنها المشبوه ومنها الصحيح حتي ترجعها الى عصر النبي عليه السلام والخلفاء الراشدين لتثبت صحتها !! ففي الفتوى كلما تقدم الزمن ابتعدنا عن مصدر ومنبع صحتها ، اما في العلم والعلوم نقترب منها ونثبت صحتهاونتطور معها .

7) تعليق بواسطة :
10-05-2013 03:37 PM

للتصحيح بخصوص الفتوى الشيعية بقتل اهل السنة على انهم نواصب يكرهون ال البيت, فالفتوى كانت فعلا بحق النواصب فقط وليس اهل السنة, وللعلم, فختى علماء السنة المعتبرون يكفرون من يناصب ال البيت العداء.

8) تعليق بواسطة :
10-05-2013 08:50 PM

اصبحنا نشاهد في هذا العصر فتاوي مناكفة من علماء لعلماء اخرين وفتاوي اخرى لخدمة سياسات وتوجهات انظمةالحكم وبعيدة عن الشرع الصحيح ؟؟؟

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012