أضف إلى المفضلة
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025
شريط الاخبار
بحث
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025


خمسة وستون عاماً على النكبة

بقلم : د. رحيّل غرايبة
15-05-2013 12:55 AM
إن مرور خمسة وستين عاماً على نكبة احتلال فلسطين، يدلل بشكل واضح وصريح على عمق الهزيمة التي لحقت بالأمة العربية، ويدلل بما لا يدع مجالاً لشك أن الهزيمة ليست مقتصرة على الجانب السياسي فحسب، بل إن الهزيمة لحقت بالعرب على الصعيد الثقافي والعلمي والاقتصادي والاجتماعي كذلك.
كل الأمم وكل الشعوب تتعرض لهزائم وانتكاسات في حياتها، ولكنها في الغالب تعاود النهوض والتغلب على ضعفها وانكسارها، لتستأنف دورة جديدة في القوة وامتلاك القدرة على مقاومة الغزو الخارجي وتعيد بناء ذاتها وحضارتها من جديد.
ما كانت النكبة لتحصل أولاً الاّ بوجود عوامل الهزيمة، التي تتجلى بمجموعة عوامل تتضافر بمجموعها على تحقيق هذه النتيجة المرعبة التي لحقت بعدة أجيال متلاحقة.
إن النكبة التي كانت سبباً في عدة نكبات أخرى، تستحق منا أن نبحث عن الأسباب والعوامل التي أدت اليها، بعيداً عن فلسفة التبرير، وبعيداً عن منهج البحث عن المشاجب الخارجية التي يتم تعليق هزائمنا عليها، والاكتفاء بوصف المؤامرة وشرح أبعادها وألوانها وأشكالها.
ينبغي أن ننطلق أولاً من المرتكز المهم الذي ذكر في القرآن من خلال الآية ' أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ' (آل عمران : 165 ) ، فالاجابة الأولى التي يجب أن نقر بها إقراراً عاقلاً وحكيماً، لتكون مقدمة للعلاج الصحيح، أن كل ما أصابنا هو نتيجة ضعفنا وفرقتنا وتخلفنا وهواننا على أنفسنا وعلى الناس، وفقداننا لأوراق القوة بكل أنواعها وأشكالها.
يتجلى السبب الأول للهزيمة بعدم القدرة على فهم حقيقة المشروع الصهيوني، وتعرض العقل العربي العام للخديعة والوقوع في فخ التضليل والوهم، حيث إن النكبة في جوهرها ليست مقتصرة على احتلال قطعة من الأرض وتشريد شعب، بل إن النكبة الحقيقية تتجلى في بناء مشروع صهيوني عربي حضاري، على انقاض المشروع الحضاري العربي، وأخطر مظاهر النكبة تتجلى في القدرة على الحيلولة دون بناء المشروع العربي من خلال حرمان العرب من امتلاك عوامل النهوض والبناء، وامتلاك أوراق القوة الذاتية القادرة على تحقيق النجاح المطلوب على جميع الأصعدة وفي كل المجالات.
أهم عوامل ديمومة النكبة العربية هي فقدان الشعوب العربية للحرية، وتعرضها لتكبيل الارادة وخضوعها لأنظمة استبدادية قمعية، عملت على تكريس الضعف والتخلف وتهجير الأدمغة ومقاومة الأحرار والمفكرين، وتبديد الثروة وبناء الأجهزة القمعية التي تحفظ أمن الأشخاص على حساب الشعوب ومستقبل أبنائها.
أما العامل الثاني فيتجلى بالتيه الثقافي والاستلاب الحضاري الذي شكل اختراقاً بنيوياً في الذات والهوية، أدى الى ايجاد انقطاع كبير وفجوة هائلة بين الأجيال الحاضرة وبين تاريخها وتراثها ورصيدها القيمي والحضاري، الذي أوجد أجيالاً ضائعة منبتة، ضعيفة الثقة بنفسها، وضعيفة الانتماء لأوطانها ومشروعها الحضاري.
العامل الثالث يتجلى بضعف البناء التربوي والعلمي والبحثي وهجرة الأدمغة والعقول، الذي أدى الى تأخر كبير أصاب الانتاج وعطل الانجاز، وتعلقت الأجيال بالأشكال والمظاهر التي تخلو من المضامين الحقيقية.
العامل الرابع يتجلى بالاستجابة لمخططات العدو، والاستجابة لحيل الغزو الخارجي الذي عمد الى زرع بذور الفرقة، وغذى النزاعات الانفصالية في جسم الأمة الواحد، وألهب كل أشكال التعصب العرقي والنزاع الداخلي والانقسام المجتمعي الحاد، وأصبح جسد الامة ضعيفاً منهكاً تتناوشه الأمراض، وتغزوه 'الميكروبات' الخطرة التي تستعصي على العلاج والدواء.
الأجيال الجديدة يجب أن تقف في ذكرى النكبة وقفة غير تقليدية، تخلو من مظاهر الوقوع في مصيدة التخلف وهدر الوقت في استنساخ التجارب الفاشلة، وعليهم أن يسألوا أنفسهم: هل هم يسيرون في طريق القوة والبناء الصحيح؟ وهل هناك مشروع واضح المعالم لمقاومة عوامل النكبة؟ وهل هناك تقدم واضح وملموس على هذا الصعيد؟ أم أننا جميعاً نمارس لعبة تضييع الوقت، والتمتع بلذة الوهم وخديعة الذات ؟!
لقد بدأت معالم الصحوة الحقيقية بالظهور، وشمس الحرية بالسطوع، ولكن المشوار ما زال طويلا يحتاج الى مزيد من اليقظة ومزيد من التمسك بالمنهج العلمي الصحيح والجهد المتواصل للإمساك بأوراق القوة الفعلية.
(العرب اليوم)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
15-05-2013 10:10 AM

الدولة الفلسطينة قامت و علمها برفرف .لماذا لا يعود الفلسطينيون اللاجئون في المخيمات الاردنية و حتى المجنسون و غيرها من الدول الى لبلدهم حتى يعمرة - بدل المطالبة بتجنيس و المحاصصة و مقاسمة اصحاب الارض خيراتهم.الا يكفيهم لوم الاخرين عن ضياع فلسطين - هم يتخلون عنها الان.

2) تعليق بواسطة :
15-05-2013 12:00 PM

المعلق رقم واحد كلامك كله صحيح

3) تعليق بواسطة :
15-05-2013 02:41 PM

خمسة وستون عامآ ولم يطلقوا إخوان الإسلام السياسي وأتباعهم من السلفيين والخوارج طلقة واحده على العدو الصهيوني وهاهم اليوم وبعد ان سيطروا على الحكم من خلال ما يسمى بالربيع العربي في مصر قاموا بإغراق الأنفاق بين مصر وغزة والتي تشكل شريان الحياة الوحيد لأهلها, أغرقوها بمياه المجاري العادمه . وفي تونس كرسوا كل إهتمامهم بتجنيد آلاف المرتزقة لتدمير سوريا القوميه ولاستنزاف الجيش العربي السوري العقائدي الوحيد وتدمير قدراته خدمة للصهاينه . وفي ليبيا إنهمكوا وتراكضوا لزيارة تل أبيب وإدخال كل مايستطيعون من أسلحة عبر الجولان إلى سوريه . واما عربان النفط فقد خرجوا علينا بوعد بلفور جديد نظروا فيه بعين العطف لإخوتهم الصهاينه وتنازلوا عن أرض ليست لهم. فبدلآ من ان تتباكى على الأطلال أيها الكاتب من الأفضل ان تتوقف عن الإنتماء لهم والدفاع عنهم ...!!!

4) تعليق بواسطة :
15-05-2013 06:00 PM

عى الدولىة الفلسطسنية بما فيها من مؤسسات و سفارات ان تعطي الفلسطيني هوية و جواز سفر لانة ابن هذة الدولة- لماذا تتخلى الدولى الفلسطينية عن ابنائها-ان وجود الفلسطنين في الاردن و غيرها من الدول العربية لا يشكل معنى اللاجئ - كون ان هولاء المجموعات دولتهم - اي ان النظرة القانونية ووجود غير شرعي- كون دولتهم موجودة و لهم حكومة و سفارات- اللاجئ هو الذي يخفي هويتة- يكفى ما لحق الشعب من اذى و تحملة مسؤلية اخطاء دول اخرى

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012