فهد.. لم يعرف عالمنا العربي كلمة الحدود بمعناها السياسي، ولم تخضع شعوبه رغما عنها لسطوة حراسها قبل عهد "سايكس - بيكو" أبدا. نعم كان هناك مصر وعراق وشام وجزيرة ومغرب ويمن ولكن لم تكن الحدود بين تلك الدول كحدود اليوم.
قبل أن يحمل الإسلام العرب إلى مختلف أصقاع الأرض كانوا مجرد قبائل متناحرة متخاصمة حينا ومتحالفة حينا في بوادي الجزيرة وقليل من بلداتها، متناثرين في فسحة من الأرض يخالون أنها الكون بأسره. بعد قدوم الإسلام الذي وحد العرب للمرة الأولى في تاريخهم حمل هؤلاء رسالته إلى اليمن والحبشة ومصر والمغرب والشام والعراق وفارس والهند والبلقان واليونان وإسبانيا وفرنسا وايطاليا وحتى البرتغال. ولما كانت رسالة الإسلام للناس جميعا لم يؤمن الفاتحون الجدد بالحدود في ديار الإسلام فعززوا نزعة حرية التنقل عند العرب وغير العرب حتى غدا شمال إفريقيا وجنوب غرب آسيا وجزء من شرقها وجنوب أوروبا دولة واحدة لا حدود بينها.
قبل "سايكس - بيكو" كانت القبائل العربية تتنقل بين الجزيرة والهلال والخصيب بلا حسيب أو رقيب بحثا عن الكلأ والماء أو هربا من ثأر ودم. ولم تكن القبائل التي هاجرت إلى شمال إفريقيا للدوافع ذاتها، ولأخرى سياسية بتشجيع من ولاة بعض بلدان المغرب العربي لتختلف عن أقرانها في المشرق، فقد كانت ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا بالنسبة لها "مغرب". ولما وقعت الحرب الأولى وكانت الامبراطورية العثمانية الشاسعة - التي تضم فيما تضم أرض العرب - الطرف الخاسر فيها أعمل البريطاني سايكس، والفرنسي بيكو مبضعهما في خارطتنا الواحدة تقسيما وتشريحا وفق مصالح لندن وباريس اللتين لم تلقيا بالا لوحدتنا الإسلامية رغم اختلافاتنا، ولا لحالنا وحال قبائلنا، فتناثرت القبيلة وتفرق حالها حتى إن بعضها كعنزة وشمر باتت تتوزع على أكثر من عشرة بلدان!
لم تستسلم القبيلة بسهولة لهذا الحال، وظل الكثير من أفرادها يخترقون الحدود ولا يعترفون بالكيانات السياسية الجديدة التي قسمت أبناء البيت الواحد. لم يؤمن بحدود "سايكس - بيكو" إلا أذناب الاستعمار والمتواطئون معهم والمستفيدون من التقسيم وجلهم من أبناء المدن المعتادين على الأسوار بين الجار والجار. ولما شددت الكيانات الجديدة قبضتها كل على ما قسمه له سايكس وبيكو باتت الحدود المصطنعة واقعا على الأرض لا مفر للعرب من التعامل معه، فانكفىء الناس داخل حدودهم الجديدة، وبرزت الهويات الوطنية على حساب الهوية الجامعة: العروبة، وصنوها الإسلام.
إن بذور الفرقة المزروعة فينا التي تعهدها الاستعمار وأذنابه من بعد بالرعاية أصبحت اليوم غابات ملتفة عميقة الجذور، ولما انهارت الأنظمة قبل عامين أو يزيد ضعفت قبضة الدول الوليدة، وقويت شوكة القبيلة والطائفة كل يبحث عن مصالحه الضيقة، ليدور التاريخ دورته ونعود مجرد قبائل متناحرة لا يجمعها إلا النسب أو العرق أو الطائفة، فلا غرو أن المقسمين في زمن الضعف هذا يبحثون عن المزيد من الانقسام.
الحل؟ لا أرى حلا لنا يعيدنا إلى مكانتنا إلا العودة لما وحدنا من قبل.. فكرة عابرة للحدود وللدم والنسب، أو هدف واحد يجمع أشتاتنا نتخطى الحواجز كلها لتحقيقه، أو نار نحترق جميعا في بوتقتها لنصبح كلنا في الهم شرق!
يا أخي الفاضل ,,,
ألم يقُل جلالة المغفور له الملك حسين طيب الله ثراه منذ زمن وبالتحديد على إثرِ العدوان العراقي الآثم على الكويت صبيحة يوم 2/8/1990 وفشل مساعي الحل في إطـار البيت العربي من أنّه يرى في الأفق أنّ المنطقة العربية مُقبلة على مخططات رهيبة للتقسيم !!
نعم قالها وفي أكثر من مرة .
كما قٌلتُ مراراً بذلك الإحتمال بعد غزو الناتو لليبيا , ولم يكن قولي من عندي بل بعد قراءة ما تمّ نشره من مخطط منسوب "" لبرنارد لويس "" والذي يقول فيه أنّ المخطط سشيمل الجزيرة العربية ,,,
فيا أخي الكاتب ,,,
نحن لسنا أمام سايكس بيكو جديدة بل أدهى وأمر
والأمر لا ينتظر رأي وتحليل ذلك المحلل حسب ما جاء في مقالك :-
"" يجزم سياسي غربي خبير في شؤون المنطقة، أن دولا مثل سورية والعراق لن يستمرا في المستقبل كما هما اليوم؛ ستولد دويلات جديدة ذات طابع طائفي. والمفارقة، حسب رأيه، أننا ربما نشهد ولادة دولة كردستان قبل ولادة الدولة الفلسطينية العتيدة.الولايات المتحدة لا تشجع على مثل هذا السيناريو. لكن في حال موافقة الدول المعنية بالقضية الكردية، فلن تمانع بقيام كيان كردي مستقل. ""
وقُلتُ مراراً بأن الصراع القادم والمرسوم بعناية لمنطقتنا هو بين المسلمين بعضهم ببعض وتحت مختلف الذرائع والحجج والفتاوى وسيظهر بيننا من سيرفع المصاحف على أسنّة الرماح كما فعلوا سابقاً .
أمريكا والغرب أداروا الخريف العربي بعناية تامة وبمخطط جهنمي أوصلوا به الأمور الى أنْ أصبحنا ومنذ الآن جاهزون بكم هائل من الفتاوى والتشريعات والتي من أهمها (( قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ))
هذه هي الحقيقة المؤلمة والقاتلة إن لم نصحو على أنفسنا قبل فوات الأوان .
ولا أتوقع نجاعة قول ذلك الخبير :-
""هناك بارقة أمل للبنان والأردن من وجهة نظر أحد الخبراء في المنطقة، والذي يعتقد بأن بوسع البلدين أن يتجنبا مخاطر التقسيم؛ كل ما عليهما هو فقط 'أن يختبئا في الظلال، ويصبحا ملاذا للأقليات الهاربة من صراع الطوائف'.هل يمكن أن ننجو من 'سايكس بيكو' الجديدة ""
أمـّا لماذا فلأن من بيننا ومِنـّا من هم وقود سايكس بيكو الجديدة على أرض سوريا الآن ولا يدري ذلك الخبير ولا أنت ولا أنا ما هي أدوارهم ومهماتهم التي سيقومون بها في الأردن - لاسمح الله - بعد عودتهم اليه وقد إزدادوا مهارة وتمرساً بكافة أنواع القتال بما فيها حرب الشوارع وتهجير الناس من بيوتهم لخلق متاريس بين الأحياءوممراتٍ في الجدران من بيت لبيت .
وآخر دعوانا (( اللهم احمنا بعينك التي لا تنام , اللهم آمين ))
ايران هي من ادخلنا في نفق الطائفية المظلم ولاقى هذا الامر هوى لدى امريكا فسمحت للطوائف في العراق لتسلم الحكم بحجة الديموقراطية فالطوائف لاتصنع ديموقراطية ولك على فرض رغب اي مكون في الاستقلال فهو سيبقى في الفضاء العربي الجامع ونحن نرى هذا الامر في اوروبا فنجد ان اسكتلندا قد تستقل عن المملكة المتحدة وهناك دول اوروبية اخرى قد تتعرض الى التقسيم ولا يعد هذا كارثة علينا ان نخرج من عقدة الخوف فتطوير الجامعة الى اتحاد على النمط الاروبي وهذا النموذج يسمح بالهويات الفرعية ان تعبر عن نفسها ولكن تبقى في الفضاء العربي
.
-- استاذ فهد, أخشى ان ما يجري هو إمتداد لسايس بيكو فالقرن الماضي دعم الغرب الإتجاه القومي العربي ليضع عرب المنطقه مسلمين و مسيحيين في جانب و يهود المنطقه في جانب آخر .
-- ثم أنشأ الغرب إسرائيل وتم تفريغ يهود المنطقه تهجيرا و هجره لها.
-- في هذا القرن إبتدأ دعم الغرب لأسلمه المنطقه و تهجير مسيحييها لكيانات ينشئها لهذا الغرض .
-- و اول هذه الكيانات كان دوله جنوب السودان الدوله الافنجليه"مذهب امريكي" و فشلت حتى الآن مساعي الغرب لخلق كيانين آخرين في مصر لأقباطها و في بلاد الشام للكاثوليك العرب بسبب الوعي الوطني للمسيحيين العرب و تمسك المسلمين العرب بغالبيتهم بهم.
-- وإسمح لي ان اختلف معك بشأن كردستان فالسعوديهالتي تتبع الوهابيه و تدعم إنتشارها تحتاجها قبل امريكا كدوله سنيه من المقاتلين الاشداء تقف بوجه شيعه إيران و العراق و سوريا"العلويين" ولأمريكا مصلحه بإنشاء كردستان المستقله لموقعها الإستراتيجي.
-- إن التاريخ يشهد منذ عهد القياصره تحالفا غير معلن بين روسيا و بريطانيا , هذا التحالف لم يسقط حتى في الفتره البلشفيه و به تنوب روسيا عن مصالح البلدين في التحرك بالمنطقه .
-- وما من شك في ان روسيا تعتبر نفسها ايضا حاميه للارثودوكس العرب و هم من يحاربهم الغرب منذ الحروب الصليبيه .
-- لست من المؤمنين بأن المخطط ضد مسيحيي العرب سينجح فحضارات مابين النهرين و بلاد الشام و مصر إسلاميه العقل مسيحيه القلب في جسد العروبه.
.
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .