أضف إلى المفضلة
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025


غياب العدالة: تفاصيل مزعجة!

بقلم : حسين الرواشدة
19-05-2013 12:35 AM
اخشى ما اخشاه ان نكتشف في لحظة ما بان الابواب امامنا اصبحت مسدودة تماما، وبان “المشكلات” التي تراكمت تحولت الى ازمات عصية على الحل، وباننا - بالتالي - عدنا الى نقطة الصفر.

لا اتحدث - هنا - عن “القضايا” الكبرى التي نحتاج الى جبهة داخلية “قوية” ومتماسكة لمواجهتها، ولا عن “تراجع” هيبة الدولة وانحسار موجة الديمقراطية وزلزال “المديونية” فهذه كلها تشكل عناوين اساسية يمكن مناقشتها على “طاولة” وطنية، لكن اريد ان اشير فقط الى عنوان اخر يفترض ان يكون في مقدمة اولوياتنا اذا كان لدينا حقا رغبة في وضع اقدامنا على “السكة” السليمة، وهو عنوان “العدالة”.

اللافت ان وراء كل شكوى تسمعها، او - حتى - انين مخنوق الصوت، مشكلة سببها الشعور “بالظلم” لدرجة ان العلاقة بين الناس والدولة اصبحت “مجروحة” وحين تسأل: لماذا؟ تأتيك عشرات الاجوبة، حول “تقصير” المسؤولين في الاستجابة لمطالب هذه الفئة او تلك المنطقة، او حول “احساس” بدأ يتغلغل بان المجتمع تحول الى طبقتين احداهما اخذت كل شيء، ولم تقدم الا القليل، والاخرى تم تهميشها وافقارها ومطلوب منها ان تدفع وتضحي.. وهي تسأل لماذا ايضا؟ يقال بان الدولة غابت حين داهمت الناس “المشاكل” خذ مثلا ما حدث في معان وقبلها في المفرق واربد.. وغابت ايضا حين خرج الناس لمحاسبة الفاسدين، وحين “تدفق” مئات الالاف من اللاجئين السوريين، وحين تستفرد باحد “الموظفين” - حتى الكبار منهم - وتسأله عن الاحوال العامة والخاصة، يسرد لك مئات الامثلة عن تجاوزات وترقيات وامتيازات بلا وجه حق، مقابل “اهمال” شبه متعمد لاخرين، والمعيار ليس الاحقية او الكفاءة وانما دائما المحسوبية والشطارة والفهلوة.

ربما تبدو بعض “المشكلات” التي اشرنا لها صغيرة، وحلها ميسور، لكنها مع الاهمال تتحول الى “دمامل” مليئة “بالقيح” والدم وقابلة للانفجار او التعفن.. خذ امثلة اخرى، طالب حاز على مرتبة متقدمة في امتحان الثانوية و “عوقب” برفض منحه بعثة دراسية اسوة بمن هو اقل منه معدلا.. موظف احيل الى التقاعد قبل آوانه وتم “مكافأة” من هو اقل منه بالترفيع، ام تبحث عن “حل” للغز وفاة ابنها الشرطي الذي كان يرافق وفدا سياحيا، ام اخرى تبحث عن “تحقيق” في وفاة ابنها داخل احد السجون.. منطقة لم يزرها المسؤولون منذ سنوات، عشائر استثنيت من تعيين ابنائها في مواقع وظيفية.. الخ.

كل هذه القضايا يمكن ادراجها تحت لافتة “غياب” العدالة او “سوء” توزيعها، بعضها حقيقي، والاخر انطباعي، لكن ما حدث ان كلا من هؤلاء اصبح لديه “مشكلة” مع الدولة، ويرى بعينيه ان ظلما ما قد وقع عليه، وبتراكم هذه المشكلات وامتدادها وعدم قدرتنا “او رغبتنا” في التوجه الى العناوين الاساسية “الاصلاح الحقيقي والديمقراطي ودولة القانون.. الخ” التي يفترض ان تعيد تفكيك وتركيب بنية المجتمع وعلاقته مع دولته، وقعنا - عندئذ - في المحظور، وتعمقت هذه “المشكلات” في وعي الناس ثم امتدت وتغلغلت واعطت انطباعا عاما بان الدولة تخلع عن المجتمع، وادخلت بالعلاقة معه.. وبالتالي تولد لدى الناس نزعة انتقامية او ثأرية او عدائية تجاه انفسهم ومجتمعهم ومؤسساتهم، واخذوا يبحثون عن “ملاذات” اخرى تحميهم، كالمنطقة او العشيرة، فيما وجد اخرون ان “العنف” باشكاله هو الحل، او ان العزوف والعصيان هو الرد الافضل.

باختصار، حين يشعر معظم الناس ان لديهم “مشكلة” مع اي جهة داخل بلدهم، ويتعزز لديهم شعور بغياب العدالة، يفترض ان نتوقف لنسأل انفسنا: “ لماذا لا نبحث عن حلول حقيقية “لمواجهة” هذا الواقع قبل فوات الاوان؟
(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
19-05-2013 01:24 AM

اشكرك ايها الكاتب الحكيم على مقالك الذي حلل واقعنا المرير وهو عدم وجودعدالة في الاردن,نعم ان غياب العدالة اسقط انظمةالحكم في الكثير من الدول العربية,وليس بالضرورة ان يكون رأس النظام غير عادل,ولاكن بطانة الحكم في اغلب الانظمة دائما هي التى تصنع عدم العدالة.

2) تعليق بواسطة :
19-05-2013 04:14 AM

ما التفسير المنطقي لامتناع الدكتور النسور عن توزير النواب بحجة انه لا يعرفهم ولا يستطيع ان يحكم على ادائهم ، انا اناقش هنا عقلية و فكر الرئيس وليس مسألة توزير النواب ، هذا حال اي مسؤول في البلد ان اراد ان يعين او يختار طاقمه كانه سيناسبهم ، ويعلم من ابوه ومن امه ومن عمه ومن ابن خالت عمه ، بمعني فقط المقربين ومعارفة هم من سيعتمد عليهم ، اما متطلبات الوظيفة ومؤهلاتها المطلوبه ، والسيره الذاتيه المدعمة بالتحصيل الاكاديمي و شهادات والخبره غير كافية عندهم للحكم عليه، بل الحقيقة ان اغلب رؤساء الوزاره ليس باستطاعتهم تحديد مؤهلات اي وزير لاي وزاره ، فطبيب جراحي قد يعين وزير سياحة ، و دبلوماسي قد يعين وزير بلديات وباشا في الجيش يعين وزير زراعة او نخطيط .ودكتور في الطاقة قد يعين وزير التربيه والتعليم . اذا على مستوى اختيار الوزير الامور خربانه فما بالك بالوظائف الاخري ، عن اي عدالة وعن اي اصلاح نتحدث وكيف نستغرب من اي تقصير وفشل بالادارة الدولة او نتساءل لماذا الفهمان مطفوس وعلى الرف والمؤهل مبعد ومهمش . ا>>>>>>>>>>>>>.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012