أضف إلى المفضلة
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025


خطة التعليم العالي «للعنف»: توسع في العلاج الأمني وإعفاء الجامعات من المسؤولية!

بقلم : طاهر العدوان
21-05-2013 12:12 AM
اعلن وزير التعليم العالي الدكتور أمين محمود عن « خطة عمل لمعالجة العنف الجامعي « وهي محاولة اولية تستحق الثناء لأن مثل هذه الخطة مطلوبة من الوزارة ومن المجتمع الجامعي وكان يجب التفكير بها منذ سنوات .
لكن يبدو ان خطة الدكتور أمين وضعت على عجل ولهذا يشوبها النقص خاصة وأنها لم توفق في البحث عن الجذور العميقة التي تغذي العنف الجامعي . وعندما تعرف الخطة العنف « بانه خليط من التخلف والجهل والتقصير « فإنها تقع في تناقض كبير لانها تتحدث عن شباب في بيئة جامعية وليس في الشوارع والحارات والحواري فإذا وجد تخلف و جهل وتقصير داخل حرم الجامعات فهو مسؤولية الإدارات والسياسات ومناهج واساليب التعليم وليس مسؤولية الطلاب ولا هي مسؤولية العشائرية و المجتمعات المحلية.
لنأخذ مثالا المؤسسة العسكرية التي ينتسب إليها مواطنون وشباب معظمهم في سن المراهقة وقادمون من أوساط عشائرية ومن بيئات اجتماعية مختلفة ومتباعدة اجتماعيا ومعيشيا لكنهم في النهاية يصقلون في بيئة واحدة وسلوكيات محددة ويصبحون أشخاصا جددا بكل معنى الكلمة من جهة الوعي والثقافة والالتزام والمسؤولية . الجامعات هي حاضنة وطنية للشباب بمهمات أكبر واشمل من أي مؤسسة او حاضنة أخرى ، هي التي يعيش فيها الشباب اهم سنوات عمرهم لان فيها يتم أعدادهم للدخول بمختلف أنشطة الدولة والمجتمع .
لا العشائر ولا المجتمعات المحلية في المحافظات ولا أي جهة أخرى تتحمل مسؤولية العنف الجامعي ،لنفترض ان الطلبة يأتون بوعي هو « خليط من التخلف والجهل « كما تعرف الخطة ، أليس دور الجامعة ان تؤسس لهم وعيا جديدا مبنيا على الفكر والعلم ومفاهيم المواطنة في القرن الحادي والعشرين ! . أما ان يستقبل هذا التخلف والجهل في رحاب الجامعات ويلقى التكريم او اللامبالاة وتقام له الأطر والبيئات الحاضنة فهنا بيت الداء .
من يتحمل مسؤلية العنف هي البيئة الجامعية ومناهج التعليم وأساليبه وغياب المنهجية والانشطة والوقت الكافي ( خارج اطار التحصيل العلمي ) الذي يفترض ان تخصصه الجامعات للنشاطات التي تدخل في باب العمل الجماعي بين الطلاب والتي تساهم في اقامة مجتمع طلابي على قواعد ومفاهيم المجتمع المدني ، وبناء أنشطة تنمي مفاهيم المواطنة وتقبل الآخر والحوار واهم من ذلك كله ترسيخ دور كبير للثقافة العامة ، من القراءة إلى النقاشات السياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية الى العمل التطوعي وعرض مفاهيم الحضارة وألوانها الفكرية والإنسانية .
للأسف ركزت الخطة على الطلبة وتوسعت في ( العلاج الأمني ) للعنف ، مثل الحديث عن وسائل للإنذار المبكر لتوقع العنف وتوفير الجاهزية الكاملة لاحتوائه ، جاهزية لوجستية وقانونية ووسائل مراقبة ( للسلوكيات الشاذة والكشف المبكر للمشاكل والتصدي لها ومراجعة عقوبات الردع وتطوير الامن الجامعي وتدريبه في الامن العام وتفعيل نظام الرقابة الإلكترونية ) وغير ذلك من إجراءات تجعلنا نتخيل الجامعات سجوناً والطلاب مساجين ، خاصة عندما تتحدث خطة الوزارة عن ( توزيع قبول الطلبة بطريقة يتم فيها تجنب تركيز طلبة المنطقة الواحدة في جامعة المحافظة !!) .
باختصار الجامعات بحاجة إلى خطة عميقة مدروسة وجريئة تعمل على تحويلها إلى منارات علم ووعي . وفي قول شهير لمؤسس جامعة القاهرة لطفي السيد « ان الأمة لا تصلح ولا تتقدم الا بصلاح اثنين : الجامعات والبرلمان) . ولا عذر للجامعات بالحديث عن تدخلات خارجية لوثت البيئة الجامعية ، لان مسؤولية صد هذه التدخلات هي مسؤلية إدارة الجامعات وعمداء الكليات وأساتذتها وكل من يعلم حرفا فيها . أنها ليست مسؤلية عشائر وحمايل ولا مجتمعات (جاهلة ومتخلفة ) .
ان مدخل تربية الأجيال وصقل وعيهم وتنمية ثقافتهم هي مسؤولية الادارة والسياسة الجامعية . ودعونا نقول بصراحة لقد تم التركيز على مفاهيم ( الربح ) في التعليم على حساب السمعة والكفاءة الأكاديمية ، وهنا لا ننكر مسؤولية الدولة في الاعفاءات والاستثناءات في تدني التعليم وهبوط البيئة التعليمية ،وهو ما يدعو وزارة التعليم العالي إلى إعادة تنظيم القبول على أساس معدل التوجيهي وليس القبول بالجملة بما في ذلك من لا يستحقون دخول أي جامعة .
(الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
21-05-2013 12:42 AM

البيئة الاجتماعية ثم السياسية ثم الاكاديمية هي الاساس في تتبع وفهم ظاهرة العنف الجامعي ، وما الدراسات ذات اللون الواحد التي تصدت للمعالجة سوى مخرجات للوضع الاجتماعي والسياسي الذي نشات ثقافة العنف باحضانه.
ان المشكلة التي تواجه الدارسين والمحققين باحداث العنف الجامعي تكون موجهة ومسيسة مسبقا ، حيث هناك محددات قسرية للبحث والنقاش وغير مسموح الخروج بمخرجات ونتائج لا تتفق مع الوضع القائم.
هناك تركيز واتهام للعشيرة ، وهذا ظلم للعشيرة والمجتمع فهي بريئة تماما من ذلك، وعلى مدار السنوات الماضية لم يحدث ان قامت عشيرة بتوجيه ابنائها للقيام بعملية عنف واحدة.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012