أضف إلى المفضلة
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025
السبت , 18 كانون الثاني/يناير 2025


عيد الاستقلال والكرامة الأردنية

بقلم : د. رحيّل غرايبة
25-05-2013 11:49 PM
يحتفل الاردنيون بعيد استقلالهم السابع والستين ، و يحق لهم أن يحتفلوا ويعبروا عن مكنونات الفرح و الحبور ، و الأمل بمستقبل مفعم بروح الاستقلال الحقيقي والكامل ،الذي يعزز مخزون الارادة الجمعية المتجهة نحو بناء الوطن، وبلورة الهوية الوطنية المستقلة التي تشكل محلا للفخر والاعتزاز ، والتي تتكامل مع الهوية القومية العربية ، و الانتماء العميق للمشروع الحضاري الاسلامي الكبير .
الاستقلال بمعناه الجوهري يتركز حول مفهوم الكرامة الادمية ،التي جعلها الخالق الكريم صنو الانسانية، فقد خلق الله الانسان مكرما منذ ولادته ، ولا يملك احد في الكون حق الاعتداء على هذه الكرامة ،مهما أوتي من نفوذ و قوة و سلطان ، و من مظاهر الكرامة الادمية التمتع بالحرية ،و امتلاك الارادة المطلقة ،التي تجعله يحمل المعتقد الذي يشاء ، ويدين بما يشاء ، ويفكر بما يشاء ، ويعبر عن افكاره وآرائه و معتقداته بكل الوسائل و الطرق المعروفة لدى البشر، سواء كانت مقروءة او مسموعة او مرئية ،ويسهم في بناء وطنه وخدمة امته بما يستطيع ، وبما آتاه الله من مهارات وقدرات .
من أبشع مراحل التاريخ البشري و أكثرها سوادا و قتامة هي المرحلة الاستعمارية ، التي تجلت بمجيء القوى الغربية و الشرقية لتحتل بلادنا و أرضنا بالقوة و العنف ، و تعمد الى الاستيلاء على المقدرات و نهب الخيرات ، ثم عمدت الى امتهان كرامة الشعوب بمصادرة حقها في العيش ،و ادارة شؤونها بنفسها، و بناء أوطانها بقدراتها، بطريقة همجية ممزوجة بشهوة القتل و التدمير ، و تحركها روح الغطرسة و عقدة التمييز العنصري .
لقد ثارت الشعوب العربية و الاسلامية لكرامتها ، و خاضت معارك دموية طويلة الأمد ، و استطاعت طرد المستعمر بعد أن نشأت الحركات الجهادية و حركات الاحياء الفكري التي تستمد رصيدها من مشروع الأمة الحضاري الكبير ، فكانت الحركة المهدية في السودان ، و الحركة السنوسية في ليبيا و ثورة عمر المختار الشهيرة ، و ابن باديس في الجزائر و عبد الكريم الخطابي في المغرب ،وغيرهم كثير من الذين قادوا حركات التحرر العربي ضد المستعمر.
رحل الاستعمار المادي صاحب الوجه العسكري البشع ، لتقع البلاد العربية فريسة لاستعمار من نوع آخر يتمثل في انظمة قمعية متسلطة ، عمدت الى مصادرة كرامة شعوبها كما فعل المستعمر ، ولم تستطع أن تقود الجماهير الى مرحلة البناء و النهوض و التحضر و الرفاه ، بل على العكس من ذلك أمعنت في تكريس التخلف و العجز و الضعف و التبعية ؛ لتكتشف الشعوب العربية أنها بحاجة الى خوض معركة الكرامة مرة أخرى .
ينبغي أن ندرك أن الاستقلال الحقيقي يعني صون الكرامة و اطلاق الارادة ، و أنه لا وجود للاستقلال بنفي الكرامة ، و لا نهوض و لا اعمار في ظل مصادرة الارادة، و مما ينبغي التوافق عليه أن كل مظاهر العنف التي يشهدها مجتمعنا هي احدى تجليات الشعور بالاهانة وضياع الكرامة،واحدى تجليات عدم اكتمال الاستقلال .
رحيل قوات الاستعمار الاجنبي هو المرحلة الاولى من مراحل الاستقلال ،الذي يحتاج الى اكمال خطوات أخرى عديدة ، منها مرحلة بناء المؤسسات الدستورية للدولة ، ووضع التشريعات الدستورية و القانونية التي تحفظ كرامة الشعب و سيادته ، وتجعله يملك حقوقه الاساسية في اختيار الحكومات و مراقبتها و محاسبتها و استبدالها ، ثم مرحلة النهوض التعليمي و التربوي و الثقافي و الفكري ، و بلورة الهوية الوطنية الجامعة ، و القدرة على استثمار المقدرات بطريقة سليمة ، و لا يكتمل الاستقلال الا ببناء الاقتصاد و الانتاج الذاتي ، و التخلص من كل أساليب التسول على أبواب الدول الغنية ، أو انتظار المنح الخارجية التي تنتقص من حقيقة الاستقلال ، و تخدش كرامة الشعب .
نحن بحاجة إلى أن نحتفل باستقلالنا هذه المرة بعيون كرامتنا وتمام حفظها وصيانتها، و عدم هدرها على أرضنا و في ربوع دولتنا ،عندما نحول دون تحويل الاردن الى ساحة للآخرين ، ونحول دون مصادرة حق الاردنيين ببلورة مشروعهم الوطني المتميز ... اعمارا ... و فكرا ... و فلسفة وهوية... ، بعيدا عن التبعية و التقليد وبعيدا عن الشعارات الفارغة والخالية من المضمون الحقيقي.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
26-05-2013 02:00 PM

تقول يحق لنا ان نحتفل -مسرحيه --كم سقط منا شهداء في حرب الاستقلال-وكم قتلنامن البريطان ومااسم اخر معركه وكلوب ظل قايد للجيش ل56 لما سلم فلسطين لليهود وامنهم -----اين الاستقلال --قصدك استغلال--واستغفال-- -

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012