أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


الصهاينة وشركاؤهم من الشامتين

بقلم : د. رحيّل غرايبة
10-06-2013 11:24 PM
أطراف كثيرون ودول عديدة اشتركوا في حفلة عالمية واسعة وممتدة من العرب والغرب، تفيض بكل معاني الشماتة والتشفّي في حدوث التظاهرات التركية في حي التقسيم في استانبول، انطلقت شرارتها احتجاجًا على تحويل متنزه قديم في المنطقة إلى مجمّع تجاري حديث ودار للأوبرا، ضمن مخطط متدرج يبتغي إعادة تحديث استانبول وتطويرها، بهدف تأهيلها لتكون المدينة السياحيّة الأولى على مستوى العالم.
جاءت هذه الخطوة لتشكل حلقة في سلسلة طويلة من الإجراءات التي تم تفسيرها بوصفها مخططًا لأسلمة تركيا على يد حزب العدالة والتنمية، الذي فاز للمرة الثالثة على التوالي، وبزيادة ملحوظة في عدد المقاعد، حيث أصبح الحزب قادرًا على الاستفراد في تشكيل الحكومة، بل أصبح يملك الأغلبية التي تؤهله لتعديل الدستور.
نجح الحزب ابتداءً في إنقاذ الاقتصاد التركي المتدهور، كما استطاع سداد كامل الدّيْن التركي، وضاعف قيمة الإنتاج القومي الكلّي أضعافًا مضاعفة، وأصبحت تركيا تحتل المرتبة السابعة عشرة على مستوى العالم من حيث قوة الاقتصاد، كما وضع الحزب خطة، لنقل تركيا إلى المرتبة العاشرة عالميًا بحلول عام 2022م.
هنالك منافسون وخصوم سياسيون، على المستوى الداخلي من القوميين المتشددين الأتراك، ومن غلاة العلمانيين، إضافة إلى المتضررين من تجار الخمور والمخدرات والبغاء الذين وجدوا في السياسات الجديدة انخفاضًا ملموسًا في رواج بضائعهم، في ظل التشريعات الجديدة التي تمنع ترويج الخمور في أوساط طلاب المدارس، وحمايتهم من الرذيلة، عن طريق زيادة مساحات الوعي والتديّن المتحضر.
لم يقتصر العداء على الخصوم السياسيين في الداخل التركي، بل وجدنا مساحات من الخصومة والعداء الممزوج بالحقد والحسد، والرغبة الجامحة في إفشال النموذج التركي في الوسط العربي الذين انهمرت أحقادهم مثل رشق المطر تحدثنا عن تهاوي النموذج التركي، وتحطم المنهج الأردوغاني وفشل التجربة الإسلامية الحديثة، وإطاحة أطماع العثمانيين الجدد!! بمجرد خروج مجموعات من الشباب الأتراك الغاضبين والمحتجين على تغيير ملامح استانبول القديمة، ورأوا فيها إساءة لأتاتورك، وإظهار أقصى درجات الانتهازية الساذجة والسطحية!!
تجربة حزب العدالة والتنمية الحديثة الناضجة في تركيا، ليست خالية من الأخطاء، وكل من يتحدث بطريقة علمية موضوعية سوف يجد بعض الثغرات، وبعض الهفوات، بكل تأكيد، لكنها لا تقلل من قيمة النجاح العظيم، ولا تقلل من قدرة الإنجاز الهائل الذي أحدثه الحزب على صعيد التقدم والرخاء، ولا يمكن ولا يجوز ولا يصح عقد مقارنة مع تجارب الأنظمة العربية الغارقة في التسلط والقمع وسياسات الكبت والتضييق الممزوج بأحط درجات العجز والتخلف والفقر والهشاشة الاقتصادية.
الأمر الغريب والمدهش في هذه القصة أن يشترك هؤلاء في حفلة الفرح والابتهاج والشماته مع الأمريكان والصهاينة، وهناك قدر كبير مشترك بينهم في العدو المستقبلي، المتمثل بحركة النهوض الحضاري الاسلامي الحديث، التي بدأت معالمه بالظهور والتشكل.
يقول رئيس الكنيست 'الاسرائيلي' موشيه فايغلن: 'إننا نصلّي من أجل أن تتواصل المظاهرات في تركيا، حتى يسقط أردوغان، فهو معاد للسامية، ورجل سيّئ 'لاسرائيل'، كما أنه يتبنى مواقف معادية لنا، رغم تقديمنا للاعتذار الرسمي لتركيا'.
أما رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست 'أفيغدور ليبرمان' فيقول: مصرحًا للتلفزيون الاسرائيلي :' إننا لسنا معنيين في الشأن الداخلي التركي، الّا أنني لا أستطيع أن أخفي سعادتي بما يحدث في استانبول'. كما صرح وزير البنى التحتية 'سيلفان شالوم' :'أن اسرائيل تسعى لتحسين العلاقات مع تركيا في الوقت الذي نرحب فيه بأي تطور يخلصها من حكم العثمانيين الجدد'.
الصحف الغربية والمواقع الاخبارية في أمريكا وبريطانيا مليئة بالمقالات والعناوين التي تتحدث عن بركان الغضب التركي ضد الفاشية الاسلامية في التعامل مع محال الخمور، وتنتقد التشريعات التي تمنع بيع الخمور بالقرب من المساجد والمدارس في تركيا، كما أنها لا تخفي حقدها على موقف الحزب الذي لم يسمح بإستخدام الأراضي التركية منطلقًا للهجوم الأمريكي على العراق عام 2003م، ما أسفر عن تغيير كامل لمخطط الهجوم الأمريكي لينطلق من الأراضي العربية المجاورة.
الملاحظة الأشد غرابة أن الاعلام السوري وأنصار النظام يتحدثون عن الأسلوب التركي الخشن بالتعامل مع المحتجين، وعدم السماح بحرية الرأي والتظاهر، وينتقدون فظاظة النظام مع المعارضة !! وشر البلية ما يضحك !

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012