أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


"صُنع في الأردن"!

بقلم : د.محمد ابو رمان
23-06-2013 01:55 AM
ربما لن يمكث رئيس الوزراء د. عبد الله النسور، وفق تقديرات كثير من الخبراء والمراقبين، إلى الدورة العادية القادمة، كي يتمكّن من الوفاء بتصريحاته التي أطلقها في الأيام الأخيرة، ووعد بإنهاء 'حقبة الصوت الواحد' في قانون الانتخاب، وهو الوعد الذي سمعناه من رؤساء وزراء سابقين، ذهبوا هم وبقي هذا 'القانون الخالد'، بل أصبح 'علامة تجارية' أردنية نصدّره للأشقاء! بالرغم من ذلك، فمن الضروري توضيح مكمن الخلل في قانون الانتخاب، فأصبح بمثابة 'الثقب الأسود' في المعادلة السياسية، الذي يبتلع ما تمّ إنجازه من إصلاحات دستورية وسياسية، لكنّ أخطر ما فيه أنّه يمثّل الجرثومة الحقيقية المسؤولة عن مرض السلطة التشريعية في البلاد، وإضعافها، وما يترتب على ذلك من إخلال بالتوازن المفترض بين السلطات، وقدرة هذه المؤسسات الدستورية في تمثيل المواطنين والدفاع عن مصالحهم. جوهر التغييرات، التي ينوي الرئيس إحداثها في قانون الانتخاب، وفقاً لأوساطه المقرّبة، تتمثّل في إضافة صوت ثانٍ على المقاعد الفردية، ووضع شرط أن تكون القائمة الوطنية حزبية (مع البحث عن مخرج من فتوى المجلس العالي لتفسير الدستور، الذي رفض ذلك مسبقاً)، وتعديل مقاعد بعض الدوائر، بإضافة مقاعد لها، مثل عمّان الثانية والكورة، وربما دوائر أخرى.لكن، وبالرغم من إعلان الرئيس النيّة لإنهاء الصوت الواحد، فمن الضروري توضيح أنّ مشكلة القانون لا تكمن بالصوت الواحد، وحده! بل فيما هو أهم منه، أي الدوائر الصغيرة المجزأة، التي تضعف من مستوى النوّاب ونوعيتهم، وتعزّز الانتماءات العشائرية، والنزعات الفئوية، والهويات الفرعية الصغرى، على حساب النوعية والتوافقية.المطلوب العودة إلى ما أقرّته لجنة الحوار الوطني بوضوح من جعل المحافظة هي الدائرة الانتخابية في البلاد، وإذا كان بالإمكان إدخال النظام النسبي عليها، فهو أفضل كثيراً، وإن لم يتحقق ذلك، فمن الممكن اعتماد مبدأ 'القائمة' على مستوى المحافظة، بالحسبة العددية لا النسبية، وإذا كانت هنالك حساسيات مقلقة في محافظة أو اثنتين، تدفع إلى تقسيمها إلى أكثر من دائرة، فليكن، لكن بوصفه استثناءً، لا الأصل.مرّة أخرى؛ إذا كان المقصود بإضافة صوت آخر للناخب يذهب للمحافظة، لإضافة عدد مقاعد بعدد المحافظات، فيصبح لدينا صوت للدائرة وآخر للمحافظة، وثالث للوطن، فهذا لن يغيّر شيئاً، لأنّه لا يقضي فعلياً على الصوت الواحد، الذي سيبقى يحكم اختيار أغلبية النواب، عبر الدوائر الفرعية، فالمطلوب هو العودة إلى المحافظة بوصفها الدائرة الرئيسة، هذا هو الشرط الرئيس لتعديل قانون الانتخاب، وهو متزاوج تماماً مع إنهاء عهد 'الصوت الواحد'. بعد ذلك يكمن السؤال الجوهري، فيما لو بقي الرئيس الحالي أو رحل وجاء غيره، كيف يمكن تمرير قانون انتخاب جديد ينهي الصوت الواحد والدوائر الصغيرة ضمن القنوات الدستورية، وأهمّها بالطبع إقناع مجلس النواب الجديد بذلك أولاً، وبأولويته ثانياً؟! لا يمكن، اليوم، مع التعديلات الدستورية الأخيرة، تجاوز مجلس النواب، وليس واضحاً بعد فيما إذا كان بالإمكان بناء لوبي نيابي قوي وفاعل لتعديل قانون الانتخاب، بما يغيّر مستقبلاً من معايير الوصول إلى القبة، وهي المعايير التي أوصلت عدداً كبيراً من النواب إلى القبة، وربما هنا تكمن المعضلة الحقيقية! ما هو أهم من هذا وذاك السؤال عن قناعة مؤسسات الدولة ومراكز القرار الحيوية التي فرملت سابقاً مخرجات لجنة الحوار الوطني ومسودّات القانون التي أرادت تجاوز عقدة الصوت الواحد، فيما إذا بقيت هذه المراكز على مواقفها بالتآزر مع التيار المحافظ، فإنّ حديث الرئيس عن تغيير القانون سيكون بمثابة 'إهدار للوقت'، كما كانت حال من سبقوه!m.aburumman@alghad.jo

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012